نودع سنة المجلسين 2012، المُبطل والباطل، المتصدع والمصدوع، ونكسر فوقها مئة "مطاعة" ومئة قنبلة دخانية وصوتية، سنة المجلسين "سياسياً" لا فخر فيها ولا إنجاز غير الإمعان في تأكيد ما هو معروف والإبداع في تكرار نفس الأخطاء والخطايا.

Ad

هل بالغت ذاك اليوم عندما قلت في ساحة الإرادة "اعتقالات المغردين عنوان المرحلة القادمة؟"، هل تماديت عندما قلت إن "الكلمة صارت محسوبة علينا؟ ووسعوا السجون لأنها لن تسعنا؟"، لا والله لم أبالغ ولم أُنجّم، فما أراه هو سلطة متحفزة تزداد "تغولاً" كلما سمعت تصفيق "المنقلبين" على مساراتهم.

ها هي "وجبات" المحتجزين تتوالى نحو محابسهم، كنا نتذكر أعدادهم وأسماءهم ثم احتجنا إلى دفتر يساعدنا في إحصائهم وتسجيل مبالغ كفالاتهم الباهظة وعدد التهم الموجهة إليهم، مساحة حرية التعبير السلمي تتآكل مقابل تمدد الأمر "الضرب" الواقع والصوت الواحد، ها هي ساحة الإرادة تغلق في وجه "الأمة مصدر السلطات" لتنكشف أمام العالم أكذوبة "اذهبوا لساحة الإرادة وعبروا فيها كما تشاؤون"، ها هي قناة "اليوم" تغلق ويراد لنا أن نصدق أن القناة "تعمدت" إغلاق نفسها! وكتاب الرأي السياسي يساقون إلى محاكم التفتيش للتحقيق معهم بسبب مقال برتقالي.

سنة المجلسين بدأت بخزي وصول دُمى وتجار خطاب الكراهية إلى البرلمان على أكتاف من تشبعوا بالقبلية والطائفية والعنصرية، وهي سنة افتضاح ديمقراطية نواب الأغلبية المبطلة وأفكارهم المتسامحة، وفي أوسطها سقطت الحكومة في بحر عجزها بعد حكم المحكمة الدستورية الذي ترك الأصوات الأربعة في عهدة مجلس الأمة ولم تجد غير الانقلاب على نفسها لتصوغ مرسوم الصوت الواحد وينقلب المنقلبون معها.

في سنة المجلسين سقطت الإنسانية مجدداً في تيماء، عندما تمرنت العناصر الأمنية على أجساد المستضعفين "البدون" في الهواء الطلق، لا لشيء سوى أنهم يريدون الخلاص من أوضاعهم المزرية وحسم وجودهم في هذا الوجود، هل هم بشر أو هواء أو لا شيء على الإطلاق، وبدلاً من التعجيل في حل قضيتهم تم التفاهم معهم بالقنابل المسيلة للدموع واستضافة بعضهم في فندق "الحرية".

في هذه السنة كرر مشايخ "إلا السلطة" تزاحمهم على الشأن السياسي ولكن بزخم أكبر وتدافع أكثر، وبينما كنّا نقول لا يجوز تجيير بيوت الله لمشايخ السياسة على اختلاف مشاربهم، احتل مشايخ السلطة منبر صلاة الجمعة ليكرروا لنا دعايات وزارة الإعلام "نبي مجلس شذيييييه".

في سنة المجلسين بدأت علامات التصادم الحتمي، ليس بين شباب المسيرات وقوات الأمن وليس بين أهالي المناطق المتذمرين من شباب الحراك، ولكني أعني التصادم بين جيلين وبين رؤيتين وبين أسلوبين في العمل، هذا التصادم قادم لا محالة لأن لغة التواصل مفقودة والثقة معدومة والعناد لدى أغلب الأطراف هو المتسيد والمتحكم، ذلك الصدام "ينضج" على نار الدروس التاريخية وحجم التغيير في آليات اللعبة السياسية ومغذيات الحاجة إلى تغيير نمط الإدارة، والأخطر من كل ذلك هو توسع دائرة المتعاملين مع الشأن السياسي ودخول الشباب كقوة رئيسية وفاعلة في تلك الدائرة.

في الختام، الحقائق دائماً ما تكون مهذبة أول الأمر، فهي تبدأ بطرق الأبواب وعندما لا يستجاب لها تتحول إلى شعاع من نور يفرض وجوده ولا مجال لتجاهله.

الفقرة الأخيرة:

في مجلس الصوت الواحد يوم الثلاثاء الماضي قال النائب د. يوسف الزلزلة... كل وعود الحكومة "تيش بريش"، وقام رئيس المجلس علي الراشد بشطب "تيش بريش"، وكل عام وأنتم بخير جميعاً.