عندما تنظر عزيزي القارئ إلى عنوان المقال، ستقول إن كاتب هذا المقال «غشيم في الأمثال»، وهذا انطباع طبيعي، لأن المثل الشعبي الصحيح «كل شي زاد عن حده ينقلب ضده»، ولكن ما سنتطرق إليه في هذا المقال، أمر قد استفحل في جسد البلد كالسرطان من قمة الرأس إلى اخمص القدمين.

Ad

ففي كل عام، وعند تقارب الأيام لبداية العام الدراسي، نسمع ونقرأ تلك التصريحات والشعارات الخادعة من قبل المسؤولين في وزارة التربية، حيث يوهمون المجتمع باستعداد الوزارة ممثلة في المدارس لبداية عام دراسي جديد، وتتنوع تلك التصريحات، فمنها ما يخبر أن كل الخدمات في المدارس مكتملة، وكل الحوائج جاهزة، وليس هناك أي نقص أو تأخير أو تقاعس... إلخ.

وما ان يبدأ العام الدراسي ومنذ اللحظة الأولى لأول يوم، ترى تلك التصريحات والتعليقات ليست إلا سراباً بين الأيادي، فيظهر التأخير في اتمام التصليحات وأعمال الصيانة، ويظهر العجز في المعلمين لتغطية المناهج، ويظهر التراخي والتقاعس في تسليم الكتب، وتطوف أيام على الطلاب والطالبات دون فائدة يجنونها.

ففصول بلا تكييف، وطلاب وطالبات بلا كتب، و»لخبطة» في الجدول الدراسي، وعدم اكتمال الهيئة التدريسية، وتضارب في الطلبات والاحتياجات، واستهتار بمشاعر الأطفال، وارتكاب جريمة التصوير ونشر المقاطع على مواقع إلكترونية عديدة.

صحيح أن في كل عام يحدث ما سبق، وليس غريباً علينا جميعاً، لكن في هذا العام ظهرت بشكل يشار إليها بالبنان، لأن من كان يتستر على كل هذه المصائب قد خُلع من منصبه، ورداً على ذلك يحاول إرسال رسالة أن خلعه تسبب في تدهور المؤسسة التعليمية، ناسياً أو متناسياً أن كل المصائب والمشاكل والبلاوي، ليست جديدة بل مرت عليه وهو في منصبه أكثر من عام ولم يحرك ساكناً.

ومسلسل الفضائح في المؤسسة التعليمية سيستمر، ولن يتوقف مادام المسؤول قد شعر بالأمان تجاه أخطائه المتكررة، ومادام أن هناك من يرى نفسه فوق القانون وفوق المساءلة ولا يجوز إصدار أي عقوبة بحقه، بسبب تياره أو عقيدته أو مذهبه أو قبيلته.

إن كان هناك مسؤول ينشد الإصلاح بحق، لنؤازره ونمد يد العون له أياً كان منصبه، ومن يرد عكس ذلك يهد كتاب شكر على الخدمات، فيه تصاغ جملة واحدة «في أمان الله أنت محالٌ على المعاش».

إن ما حدث ويحدث في المؤسسة التعليمية، يحدث في كل المؤسسات والجهات الحكومية، لكن بصور أخرى، فيا حبذا ما جرى في وزارة التربية من محاولة للإصلاح الإداري والقيادي فيها أن ينتشر بشكل سريع ليشمل جميع الوزارات والمؤسسات والجهات الحكومية، حتى نشعر بالإصلاح الذي ينشده الجميع، وليكن معيارنا في ذلك الإنتاجية، والحفاظ على أموال الدولة من الهدر والإسراف اللامعقول، ومن ينجز لمصلحة البلد يكافأ، والذي يتراخى ويتلاعب يجازى.

وما أنا لكم إلا ناصح أمين.