تجمع صورة صُنفت بـ«النادرة} النجمة ليلى مراد والراقصة هدى شمس الدين وهما تتبادلان التحية، قبل أن يعلن الحكم عن بدء المباراة، ويستعد الثنائي بارتداء الأحذية الرياضية البيضاء للعب كرة القدم.

Ad

تتضمن الصورة النجمتين والحَكَم فحسب، كأن التقاط المشهد كان مقصوداً بحد ذاته، حتى بدا وكأن النجمتين تلعبان لوحدهما، وميزتهما أنهما كانتا ترتديان فستانين طويلين خلال اللعب بعيداً عن السراويل القصيرة أو الثياب الرياضية باستثناء الحذاء. كأن اللعب بمثل هذه الثياب المُراد منه الاحتفاظ بخجل الفتاة الشرقية الأنثوي. كذلك تبدو النجمتان وكأنهما من بنات حارة يلعبن في دار المنزل وليس في ملعب له جمهوره.

من البديهي اعتبار هذه الصورة نادرة لليلى مراد ذائعة الصيت بصورها الكلاسيكية التي تظهر وجهها في أكثر المرات وفي لحظات تكون على استعداد للتمثيل الرومانسي أو الغرامي، وهي تعتبر أبرز ممثلة في السينما المصرية في عصرها الكلاسيكي وإحدى أبرز نجمات السينما المصرية في فترة الأربعينيات، مثلت في كثير من الأفلام وغنَّت أغاني شهيرة كان لها صداها الفني على مدار السنين، وهي الفنانة الوحيدة التي قدمت أفلاماً سُميت باسمها مثل «ليلى بنت الفقراء» و«ليلى بنت الأغنياء»، وغيرهما.

أن يقال عن صورة ليلى مراد وهي تلعب الكرة بأنها نادرة ومميزة، فذلك لأنها هذه الفنانة التي لطالما بقيت داخل الإطار الذي أنيطت به وهو التمثيل والغناء، ولعب كرة القدم يأخذها إلى مكان آخر في حياتها، مكان نعرفه الآن كأننا نكتشف الفنانة من جديد، وهي بذلك تفتح المجال عن أحوال النجمات في العالم العربي، فكثيرات وضعن في قالب محدد ولم تقدر الصحافة أو وسائل الإعلام إخراجهن منه، وأبرزهن أم كلثوم أسمهان وغيرهما.

حصل أن نشر بعض الصحف صورة لليلى مراد مع زوجها فطين عبد الوهاب وابنها، وقيل إنها نادرة أيضاً.

وما ينبغي التذكير به أن بعض وسائل الإعلام العربية، في اهتمامها بليلى مراد كانت تركِّز كثيراً على ديانتها، ربما لأنه موضوع في غاية الإثارة. فليلى اليهودية الأصل أشهرت إسلامها وظهرت ترتدي الحجاب وتصلي وتحمل السبحة، كأن فعل الإيمان والتأسلم عند النجمة كان لدى كثير من الكتاب والصحافيين أهم من نجوميتها وصوتها وتمثيلها، لذا نلاحظ حشرية دائمة وغريبة لمعرفة علاقتها بالدين، خصوصاً أنها من أصل يهودي.

والحال أن الكتابات عن يهودية ليلى وأسلمتها دخلتها قصص خيالية كثيرة، وبإزاء هذا صارت النجمة موضع إشاعات وتكهنات وتأويلات، فعن قصة أسلمتها قيل إنها تعود إلى عام 1946 حين استيقظت ذات يوم على صوت آذان الفجر وهي تقول لزوجها آنذاك الفنان أنور وجدي: «أنور... أنور... قوم اصحى. صوت المؤذن النهاردة جميل. أحلى من أي يوم. قبل كده كان صوته يزعجني كل فجر. اليوم صوته في ودني أحلى من صوت الكروان. أنور... أنور... أنا عايزة أشهر إسلامي». ثم عادت لتهزه وهي تقول: «يا أنور قوم اسمعني. بقولك عاوزة أشهر إسلامي».

فرد أنور ببرودة: {قولي أشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله كدة... تبقي أسلمتي... ونامي بقى يا ليلى أنا طول النهار والليل تعبان بصور في الاستوديو}.

وفي صباح اليوم التالي توجهت ليلى مراد إلى مشيخة الأزهر وهي ترتدي طرحة بيضاء ليستقبلها الشيخ محمود بكري (شيخ الأزهر آنذاك) والذي أجرى لها مراسم إشهار الإسلام ونحرت الذبائح ووزعتها على الفقراء... هكذا تقول الرواية، وهي تذكرنا بروايات بعض الفنانات التائبات اللواتي ارتدين الحجاب، وكثيراً ما يربطن عودتهن إلى الدين بصوت الآذان أو الآيات القرآنية ويترافق ذلك مع موجة دموع وابتهالات، كأن التائبات في عودتهن إلى الدين لهن صورة واحدة ربما تكون من بنات خيالهن.

 

تبرَّعت لإسرائيل

 تعرضت ليلى مراد لإشاعات كثيرة بسبب ديانتها. عام 1953 تلقت صدمة عندما نشرت إحدى الصحف المصرية خبراً فى صفحتها الأولى يقول {ليلى مراد اليهودية تبرعت بمبلغ خمسين ألف جنيه للجيش الإسرائيلي}، فترتب على ذلك منع الإذاعة السورية لأغانيها، كذلك قاطعت الدول العربية أفلامها... فما كان منها إلا السفر إلى فرنسا وإحضار شهادة مدموغة من البنك الذي زُعم أنها حوَّلت المبلغ منه، تؤكد بأنها لا تملك فيه حساباً.

هكذا كانت وسائل الإعلام المصرية غارقة في أمور لا تخصّ فن ليلى مراد وصوتها، بل تلعب على الغرائز، فحين تتحدث تلك الوسائل عن إسلامها فهي من دون شك تريد رفع رصيدها لدى الجمهور، وحين تلعب على وتر {عمالتها} لأبناء جلدتها فهي من دون شك تريد تدميرها. أما صورتها وهي تلعب الكرة فهي غاية في الرومانسية والطفولة والمتعة، نراها اليوم ونتمنى لو أن لها عشرات الصور مثلها، ربما لتتماثل مع مارلين مونرو وبريجيت باردو والنجمات العالميات. أن نرى صورة ليلى مراد خارج الإطار الكلاسيكية، فذلك دليل على أنها كانت تعيش حياتها الحرة المحببة التي لطالما كان الفن في العالم العربي يمنعها منها.