الطريق... إلى أين؟!
![حمد نايف العنزي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1461947116815412800/1461947124000/1280x960.jpg)
وقد عرج، كالعادة، بعض المتحدثين على السيرة المفضلة لدى جمهورهم وهو الحديث عن فساد الحكومة ونهب المتنفذين لثروات البلد، وهي اتهامات لا نستطيع تصديقها وإن كانت صحيحة لسبب بسيط جدا، هو أن من قالها نفسه غير متأكد من صحتها وإلا لكان قد ذهب بالأدلة التي بين يديه إلى النيابة لتقديم بلاغ فيها، لكن الأمر كما يبدو لا يعدو أن يكون سوء ظن مبالغ فيه، والظن بالتأكيد لن يكون كافيا لشخص يبحث عن الحق والإنصاف، غير متعطش للطعن في ذمم الناس دون دليل، ليصفق لكل من يردد هذه الاتهامات!أما حكاية أن يكون لدينا رئيس وزراء شعبي وحكومة منتخبة، فهو مطلب مستحق ولا بأس به تماشياً مع تطور العملية الديمقراطية، لكنه للأسف غير واقعي ولا سبيل لتحقيقه في ظل وجود الدستور الحالي والصلاحيات الواسعة لسمو الأمير الذي أوكل الدستور إليه مهمة اختيار رئيس الوزراء بحرية مطلقة، لذلك، ترى القوم يطرحون الفكرة مراراً وتكراراً دون أن يبين لنا أحدهم آلية تنفيذها، فإن كانوا يظنون أن أسرة الحكم أو القيادة السياسية ستتخلى عن امتيازاتها وتسلمهم إدارة البلد على منطق "لكم الإمارة ولنا الإدارة" فهم واهمون، فالحكم هو الحكومة، وليس هناك حاكم في الدنيا يسلم سلطاته للآخرين دون ضرورة تدفعه لذلك، والقوم لم يكن لديهم سوى الشارع وقد فقدوه بعد مسيراتهم الفوضوية، كما فقدوا كراسيهم في المجلس بمقاطعتهم للانتخابات، وبعيدا عن كل هذا، فلا ننسى كما أن أسرة الحكم في الكويت هي جزء من منظومة الأسر الحاكمة في الخليج، وستتعرض للكثير من الضغوط الخليجية في حال راودتها فكرة الحكومة المنتخبة والرئيس الشعبي، فالفكرة كما قلنا مستحقة لكنها غير واقعية وغير قابلة للتطبيق، على الأقل في الوقت الراهن.إن السياسة أيها السادة هي فن "الممكن" والسياسي الناجح هو الذي يضع نصب اهتمامه المشاريع السياسية القابلة للتطبيق ويسعى إلى تنفيذها، لا أن يتوجه بأفكار تكاد تكون مستحيلة التنفيذ ليعيش الناس في أحلام وردية لا تتحول إلى واقع ليزيد من يأسهم وقنوطهم دون طائل، والأجدر أن يبحث القوم عن مكاسب معقولة وبشكل تدريجي خلال السنوات القادمة لكي تحدث التغيير المعقول عند الناس والمقبول عند القيادة السياسية، وقد ذكرت من قبل أن أول شيء عملت عليه المعارضة هو إحداث الضغط الشعبي على النواب لإجراء تعديل دستوري يفقد الوزراء ميزة التصويت، ويجعل سلطة المجلس أقوى من الحكومة، وهو أمر كان من المحتمل جدا أن يلقى قبولا عند القيادة السياسية ويصلح كثيرا من الخلل الحاصل، دون الحاجة لسلسلة طويلة من المطالبات التي لم يتفق حتى أصحابها عليها، وبدؤوا بالتفرق بسببها شيعا وأحزابا لا تدري إحداها ما تريد الأخرى، ولا يعرفون جميعا السبيل إلى تحقيقها!