بعد مرور أكثر من عامين على قيام ثورة "25 يناير" وقرابة العام على تولي أول رئيس منتخب حكم مصر، تدخل الديمقراطية الوليدة في هذا البلد أصعب اختبار بحلول نهاية هذا الشهر، الذي يراه معارضو الرئيس محمد مرسي طوق النجاة الأخير لإسقاط نظام "الإخوان"، بينما يؤكد مؤيدوه أنه يوم نهاية "أعداء الدين".
وبعيداً عن أي حسابات، فإن دفع البعض بكل أوراقه لإسقاط نظام تولى مقاليد الأمور عبر انتخابات حرة، ربما يقود إلى الفوضى والكفر بالديمقراطية والاحتكام إلى القوة، التي لا يمتلك أدواتها معظم المصريين.في المقابل، يبقى على من أُسند إليه الأمر إظهار سعة صدر أكبر من تكرار الدعوات إلى الحوار وترجمة رغبته في الاستقرار وإنهاء الانقسام إلى واقع يقدم فيه تنازلات تعيد الثقة بالنظام، وتعطي قدراً غير محدود من المشاركة في الحكم، فالعدل الحقيقي ليس في إرضاء فئة على حساب أخرى وإن كانت في التعداد أقل، فواجب الأكثرية ترجيح الأفضل لمصلحة الكل.ولا يخفى على أحد أن الرئيس مرسي تولى قيادة البلاد في مرحلة صعبة جداً، ولاحقته الأزمات حتى قبل إعلان فوزه، عبر تأخير النتائج وبث أخبار كاذبة عن فوز منافسه بفارق من الأصوات، التي فُرزت علناً أمام الفضائيات، وكذلك إعلان قيام الحرس الجمهوري بتأمين منزل المرشح الآخر، وغيرها من الشائعات.وبعد إعلان انتصار مرسي، تعالى سقف الطموحات والآمال في تغيير سريع لمجرى الأحداث، لكن سرعان ما حلّت الكوارث وضرب الشك العقول وتوجست القلوب من إحلال "الإخوان" محل شيوخ الفساد، الذين كانوا يترقبون الخروج بفضيحة خيراً من محاكمة يقضون بعدها عمراً مديداً في غياهب السجون.ثم طغت الأطماع وأحس الكل أنه الأحق، فركب مركباً شيده أقطاب النظام البائد بالإعلام والأموال، فكان الرد سريعاً باحتجاجات واتهامات وانقسامات في كل مكان، وترجم ذلك كله الموقعة الأكبر في 30 يونيو، الذي يتوهم البعض أنها ستكتب نهاية "الإخوان"، بل ويرى المغيّبون عن الواقع أن الإسلاميين سيفرطون بسلطة جاءتهم بإرادة شعبية. فمن الأحرى بدلاً من الفوضى أن تجمع المعارضة قواها وتقتنص عثرات النظام وتحولها إلى الصناديق عبر انتخابات مجلس النواب، لتستطيع فرض رأيها وتشكيل حكومة تحقق غاياتها، أم أن كرسي الرئاسة هو المحور؟ فإن كان الأمر كذلك، فالمطلوب إذن هو هدم مصر ليس إلا، لأن التساؤل المثار بكل بساطة هل سيفرط الإسلاميون بسهولة، أم سينادون بالجهاد وحينها لن يأمن واحد على نفسه شرب الماء في شرفة منزله؟ ثم من سيتولى القيادة؟ ربما هي النار من تحت الرماد.لمن يقول إنه الجيش، فلا بد من التذكير بأن جنرالاته تركوا كل شيء ولن يكرروا التجربة إلا مرغمين أي بعد اقتتال ودماء. ولمن يقول نريد مجلساً رئاسياً من المعارضة، علينا ألا ننسى أن قادتها رفضوا التنازل لأحدهم في الانتخابات الرئاسية طمعاً في لقب "فخامة الرئيس".ولمن يقول المحكمة الدستورية، فبالعودة قليلاً نجد أن العشرات من مؤيدي التيار الإسلامي منعوا هيئتها الموقرة أسابيع من ممارسة عملها أو حتى الدخول من أبوابها الخلفية.أخطاء النظام عديدة وهداياه لمعارضيه ليست قليلة، فالواعي يتلقفها ويحشد الملايين لإسقاطه عبر الصندوق، وليس بالفوضى، التي لم نخرج منها منذ أن قامت الثورة.
مقالات
هل تهدم تظاهرات 30 يونيو ما تبقى من مصر؟
22-06-2013