لم أستوعب مدى النعم التي أتمتع بها إلا عندما مررت بكل محتاج ومريض ورأيت ضعفه فشكرت ربي، لم أكن أدري أن المقدرة على المشي دون مساعدة هي واحدة من نعم الله الكبيرة عليً إلا حين رأيت شاباً على كرسي متحرك بسبب حادث طائش.
لم أكن أعرف أن القدرة على التنفس براحة هي نعمة كبيرة إلا عندما سمعت تلك المرأة تتنفس بصعوبة بالغة وصوت كحتها يشرخ قلبي وأنا أسمعه، واستشعرت مدى عذاباتها على مدار الثانية في لحظة الشهيق والزفير وكم تعاني هذه المرأة.لم أكن أعرف أني عشت طفولة سعيدة إلا بعد أن رأيت أطفال الشوارع يطوفون بين الأزقة يتسولون.ولم أعرف قيمة الوطن إلا عندما تشردت منه وأنا طفلة أيام الغزو العراقي، ولم أعرف قيمة تلك الأشياء الصغيرة كالقدرة على اختيار ماذا أتناول على الغداء أو العشاء، وقد أختار أكثر من صنف فقط من باب رفاهية الحيرة التي تجعلني أسرف دون أن أدرك أعداد الجياع على الأرض.وبعد رحلتي المتواضعة في الحياة ومروري عمداً على الوجوه البائسة وأصحاب الأمراض، اكتشفت أني كنت أعيش دون تقدير لنعمة أني أتنفس وآكل وأمتلك حضن الوطن دون أن أشعر بسعادة لامتلاكي لهذه الأمور لظني المتواضع أنها أمور بديهية، ولكني مازلت أكتشف نعم الله علي وأشكره دوماً عليها.أخجل كثيراً من لحظات الضجر التي تتملكني من أكلة معينة أو زيارة مجمع معين، لأني أعلم أن هناك من لا يمتلك حق المعيشة بكرامة في بيت يصونه وسقف يقيه من شمس الصيف اللاذعة.يأتي شهر رمضان الكريم ليزيدنا تواضعاً ويحثنا على الشعور بهذا الفقير الجائع، يأتي لنوزع به الطعام والخير على البؤساء ويا ليتها تصبح عادتنا على مدار العام لا في رمضان فقط، هناك من ينتظر هذا الشهر بفارغ الصبر لأنه على يقين بأنه لن يجوع وسط رحمة القلوب، هل لنا أن نعامل هؤلاء المساكين بكثير من الرحمة بقية السنة؟اللهم فتح أعيننا على الخير وإشباع كل فقير ومساعدة كل محتاج، اللهم اجعلنا سبباً في إسعاد غيرنا، اللهم ارحم جميع اللاجئين في هذه المستديرة.قفلة:«ياللعجب! أزرع قلبي على الورق فينبت في قلوب الناس» ... ميخائيل نعيمة.هذه المقولة للعظيم نعيمة تختصر كيف للخير أن تزرعه في مكان وتجني ثماره في أماكن أجمل!
مقالات
منظور آخر: قدر نعمك قبل أن تفقدها
21-07-2013