«مكافحة الإرهاب»... طوارئ «تحت الطلب»
الحكومة تخرجه من أدراجها كلما اشتد العنف
دفعت المحاولة الفاشلة، لاغتيال وزير الداخلية، اللواء محمد إبراهيم، الخميس الماضي، بعد أقل من شهر من فض اعتصام الإخوان المؤيدين للرئيس السابق محمد مرسي، وكذا تكرار محاولات تفجير بعض أقسام الشرطة، إلى تجدد الحديث الحكومي، عن «قانون مكافحة الإرهاب» لمواجهة حالة الانفلات الأمني، التي تواجهها البلاد أخيراً. القانون الذي تجلت أولى ملامحه في مطلع تسعينيات القرن الماضي، إبان حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، ثم تجددت المطالبة به قبل سقوط نظامه، سرعان ما عاد إلى الواجهة بعد ثورة يناير 2011، حتى بدا أنه أقرب ما يكون إلى «قانون تحت الطلب» يخرج من الأدراج الحكومية، كلما اشتدت موجة العنف ومسّت مؤسسات الدولة.
وتسبب العمل المسلح الذي انتهجته الجماعة الإسلامية، ضد الدولة في إقدام الحكومة على إدخال تعديلات على قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية تحت اسم «قانون مكافحة الإرهاب» عام 1992، واتسم بالعمومية في تعريف جريمة الإرهاب، إضافة إلى منح السلطة صلاحيات واسعة، وجاء في تعريفه: «يقصد بالإرهاب في تطبيق أحكام هذا القانون كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع، يلجأ إليه الجاني تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي». ومع ارتفاع موجة المعارضة لنظام مبارك في 2006، والمطالبة بإلغاء حالة الطوارئ التي ظل يحكم بها منذ توليه السلطة عام 1981، بدأت الحكومة في تشكيل لجنة بقرار من رئيس الوزراء لإعداد مشروع قانون مكافحة الإرهاب، وقامت اللجنة بدراسة القوانين المشابهة في دول العالم. وبناء على الاستفتاء على تعديل الدستور في 2007، تم تعديل المادة 179 من دستور 1971، ليصبح نصها «تعمل الدولة على حماية الأمن والنظام العام في مواجهة أخطار الإرهاب، وينظم القانون أحكاماً خاصة بإجراءات الاستدلال والتحقيق التي تقتضيها ضرورة مواجهة هذه الأخطار»، بينما ظلت اللجنة تعكف على إعداد مشروع القانون حتى سقوط نظام مبارك واستمر العمل بحالة الطوارئ. وعقب سقوط نظام مبارك، وبعد انقضاء الفترة الانتقالية للمجلس العسكري، تولى الرئيس المعزول محمد مرسي الحكم، ووقتذاك طرح وزير العدل المستشار أحمد مكي، تعديلات لقانون الطوارئ، لمواجهة الانفلات الأمني، قائلاً إنها «مذكورة في القرآن». وخلت مواد الدستور الذي أُقر في عهد مرسي نهاية 2012، من أي ذكر لمكافحة الإرهاب، لكنها استبدلت بحق الرئيس في إعلان الطوارئ مدة لا تتجاوز 6 أشهر، ومع تعطيل ذلك الدستور عادت الأمور إلى المربع صفر وظل تعريف «مكافحة الإرهاب» مبهماً.