"التطهير العرقي" سمعت هذا المصطلح للمرة الأولى خلال الحرب الأهلية في يوغسلافيا السابقة التي اندلعت بدايات التسعينيات من القرن الماضي بين الجمهوريات التي يتشكل منها اتحاد يوغسلافيا. و"التطهير العرقي"، سياسة مارستها قوات صرب البوسنة "الأرثوذوكسية" ضد البوشناق المسلمين والكروات "الكاثوليك" بغرض مسح هذين المكونين من خارطة جمهورية البوسنة والهرسك.

Ad

هذه المأساة الإنسانية تحدث بشكل أو بآخر كل يوم في الأراضي العربية المحتلة من قبل الكيان الصهيوني، وحدثت في وقت متزامن مع زمن الحرب اليوغسلافية في جمهورية رواندا عندما أبيد ما يقارب المليون إنسان في فترة زمنية قصيرة بسبب الصراع الدموي بين قبيلتي الهوتو والتوتسي، وحدثت مع الأكراد في مذبحة "حلبجة".

ويبدو أن مثل هذه الجرائم سوف تستمر لتؤكد للعالم، خاصة ما يسمى بالشعوب المتحضرة التي ساهم بعضها في "تفخيخ" شعوب بأكلمها، أن عليها مسؤولية كبيرة للأخذ بيد تلك الشعوب، وإخراجها من دوامة الحروب الأهلية، وهي تعرف الطريق إلى ذلك جيداً.

"التطهير العرقي" عندما يحصل في إفريقيا أو في دول العالم الثالث يعتبره "المتحضرون" كارثة إنسانية وفرصة لإطلاق حملات المساعدات الطبية والإغاثية، ولكن عندما يحصل ذلك "التطهير العرقي" في عقر دار أوروبا فإن ذلك يعد فضيحة، خصوصاً عندما نأخذ بعين الاعتبار المعالجة "السلحفاتية" للأزمة، والتردد الأوروبي الواضح في مسألة التدخل العسكري الحاسم لإنهاء الوضع المأساوي في يوغسلافيا، مثل تلك الأحداث غير المتوقعة تكشف حقيقة الشعارات وتضع الجميع على المحك.

"التطهير العرقي" كمصطلح تم توظيفه سياسياً للتعبير عن حالة الإقصاء والاستبدال الكامل لمجموعة مكان مجموعة دون إراقة للدماء، ومن بين أشكال التطهير المقصودة "التطهير السياسي" كأن يتولى حزب مكان حزب، ويقوم بإبعاد كوادر الطاقم السابق، وكل من يشك في ولائهم حتى لو كان مواليا للدولة والدستور.

في الكويت لدينا "تطهير سياسي" على مقاس تخلفنا الديمقراطي يمارس ضد من يعارض مرسوم الصوت الواحد، وبعض التماسيح هذه الأيام بدأت تذرف الدموع على سياسة التطهير التي تمارسها السلطة ومجلسها المصطنع ضد أشخاص اتهموا بأنهم يعارضون مرسوم الصوت الواحد، وكأن تبني الرأي المعارض للسلطة تهمة!! للتغطية على خيباتهم المتلاحقة في المراهنة على واقع تقدمي جديد ونهج إصلاحي ستطلقه السلطة بعد تبنيها مرسوم الصوت الواحد.

مع الأسف لم يكن الوضع تقدمياً، ولن يكون كذلك طالما بقي نهج الإدارة المتخلف هو السائد والمتسيد، الوضع كذلك سيبقى مع المجلس المبطل ومع مجلس "شبه الأمة"، الكل يمارس "التطهير الفكري والعرقي" ضد الآخر، وليس القاتل أحسن من المقتول، الشيء المقرف أن تخفي بعض التماسيح سياسة "التطهير السياسي" في أحشائها، وتزعم أنها تقدمية وتؤازر السلطة في نهجها المحموم للاستئثار بالمزيد من السلطات تحت بند "الضرورات تبيح الانفراد"، ثم فجأة تتوقف في منتصف الطريق لتقول "عيب يا سلطة إحنا كلنا كويتيين".

في الختام، خلاصة المقال أن من يزعم ويعد ويراهن سواء كانت أوروبا أو تماسيحنا فإن عليهم أن يكونوا صادقين ومستعدين لأي اختبار لشعاراتهم التقدمية.

الفقرة الأخيرة:

وقف برنامج "توك شوك" مثال جديد لسياسة التطبيق الانتقائي للقانون وسلامات يا وحدة وطنية.