مذهل جداً ومثير ذلك الخطاب الذي ألقاه الرئيس المصري "المنتخب" محمد مرسي الليلة قبل الماضية على خلفية أحداث الذكرى الثانية لثورة يناير التي ركب "الإخوان" قطارها في اللحظات الأخيرة بعد تأكدهم من سلامة السكة، وبعد ذلك وصلوا إلى سدة الرئاسة بفضل من الله ومن دون قصد، حيث إن "الجماعة" تكره الكرسي وتعتبره "رجسا من عمل الإنسان"، إلا أنها اضطرت إلى اتباع سياسة "وُلّيت عليكم ولست بخيركم"! لقد أعاد مرسي في خطابه الأخير ذكريات أعتى طواغيت العرب في العصر الحديث، فكنا ونحن نستمع إليه يصيح "لا أريد أن أضطر، وها أنا أضطر" نعيد شريط ذكريات الطاغية صدام يصرخ "للعن أبو شواربكم" أو إلى القذافي، وهو يصيح "من أنتم؟!".

Ad

مرسي نفسه الذي كان في السابق مظلوماً مسكيناً مطارداً من السلطة، يأتي اليوم ليهدد من أسماهم "مُثيري الشغب" ويتهمهم بأنهم خارجون عن القانون!

مرسي نفسه الذي ارتدى لباس "غاندي" أثناء حملته الانتخابية، وظهر حينها كتاجر العقار الذي وصفه عادل إمام في مسرحية "الواد سيد الشغال" لخاله السفرجي مغاوري حين قال:

"الورع والإيمان بيشعّوا من وشّه كده وعلامة السجود على جبهته تقول نسر الجمهورية، حيعيّط من الإيمان والتقوى"!

مرسي نفسه خرج بالأمس بعد أن طار نسر الجمهورية من جبهته المقدسة ليقرر فرض حظر تجوال مشابه لحالة الطوارئ التي رفضها في العهد البائد، وليختم الليلة بمقولة "سوف أضطر لأكثر من ذلك"!

لقد لفت انتباهي تصريح جمعان الحربش في "تويتر" وتعليقه على أحداث مصر عندما اختزل الحالة بأن "بلطجية النظام السابق يسفكون دماء المتظاهرين، فالقتلى تم إطلاق النار عليهم من الخلف، وحلم الفلول بإسقاط الرئيس المنتخب والدستور لن يتحقق". غريب جداً، بل مضحك ومثير للشفقة، ذلك الازدواج الفكري الذي يتعاطاه البعض في النظر إلى الحراك الشعبي في الوطن العربي، فهم "يشرعنون" ويدعمون الحراك وحق التعبير في بلد ويدعمونه بالمال والسلاح أحياناً، بينما يكادون أن يوصلوه إلى مرحلة "الشرك بالله" في بلد آخر!

فمن الواضح أن تعاطي "الجماعة" ديمغرافي بحت، يسيطر عليه الزمان والمكان والمصلحة الخاصة، لذلك نرى أن تجارة الدين أصبحت رائجة لن تبور إلا إذا تمكنت الشعوب من تحصين نفسها من "أفيون" تجار الدين.

وكما قال الشاعر أحمد فؤاد نجم:

لو الإسلام بالدقن كان زمان "بابا نويل" شيخ الأزهر!

خربشة:

لم يبق في جيب "نهج" سوى رمزية مسلم البراك!