إفصاحات الشركات المدرجة عامة... وتحتاج إلى تفاصيل أكثر

نشر في 02-06-2013 | 00:01
آخر تحديث 02-06-2013 | 00:01
No Image Caption
«هيئة السوق» مطالبة بتفعيل رقابتها ومساءلة الشركات على الأخبار المنشورة بشأنها
"هيئة السوق" مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتعزيز مبدأ الشفافية في إفصاحات الشركات المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية، وضمان أن تكون كاملة وواضحة وتفصيلية ومفهومة لدى المتداولين.

منذ إصدار اللائحة التنفيذية لقانون هيئة أسواق المال، في مارس 2011، توسمنا خيرا بأن يتم تدشين حقبة جديدة في سوق الكويت للأوراق المالية، يكون عنوانها وخطها الرئيسي هو الشفافية، بعد أن استمرت "ضبابية المعلومات" التي تقدمها الشركات المدرجة لمساهميها عبر إفصاحات السوق، و"شحتها" في تقديم المعلومة الجديدة لهم.

وبالفعل رأينا تغيرا جديدا طرأ على تلك الإفصاحات، حيث أصبحنا نرى إفصاحا مثل "بالإشارة إلى التداولات التي تمت على السهم مؤخرا، نود الإفادة بأنه لا توجد لدى الشركة أي تطورات هامة او معلومات جوهرية من شأنها التأثير على سعر السهم أو نشاط التداول" أو "تم تعيين مدير إدارة جديد" أو غيرها من الإفصاحات التي لم يكن لها ذكر قبل إقرار اللائحة، ومتابعة "هيئة السوق" تطورات التداولات على الأسهم المدرجة وأنشطة الشركات.

لكن، وكما هو معروف، فإن غالبية إفصاحات الشركات الكويتية المدرجة في البورصة –إن لم تكن جميعها- تفتقد التوضيح الدقيق والجيد لما يجري في كواليسها من أمور، أو حتى معرفة تأثير العوامل المحيطة بعمل الشركة على أدائها، وتأتي فقيرة بمبررات تحقيقها لنتائجها المالية إن كانت سلبية، أما إذا كانت إيجابية فإن الإشادات تظهر وبقوة، وتحديد اسباب عديدة صنعت هذه النجاحات أولها بكل تأكيد "سياسة إدارة الشركة ونجاحها في تحقيق أفضل العوائد على استثمارات الشركة"!

غياب الشفافية

وتقتصر إفصاحات الشركات على ما يقدم إليها من تساؤلات من قبل هيئة أسواق المال والرد عليها، ولا وجود لمبادرات الإعلان عن أي جديد يتعلق بأعمال الشركة في غالبية الأسهم المدرجة باستثناء عدد قليل من الشركات.

ورصدت "الجريدة" كأمثلة على غياب الشفافية في إفصاحات الشركات:

- عدم التعقيب على ما يثار في مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديدا "تويتر"، وغيرها من وسائل الإعلام المختلفة، بعد أن لاحظنا العديد من الأخبار والتسريبات المتعلقة بالأسهم المدرجة، ومنها ما هو صحيح وما هو كاذب، ونظرا لهذه "المعضلة" ومحاولة لصد عمليات "الترفيع" لهذا السهم أو ذاك، فإن إدارة البورصة ومن ورائها هيئة أسواق المال مطالبة بتوجيه الاستفسارات المتعلقة بهذه الأخبار إلى الشركات نفسها، حتى تتضح الصورة أمام المتداولين، وبالتالي العمل على عدم خداعهم أو تضليلهم من قبل بعض المستفيدين من تسريب هذه الأخبار.

أخبار مضللة

وتأتي هذه الخطوة توضيحا لما يُثار، وضمان عدم خداع المتداولين بهذه الأخبار إن كانت كاذبة ومضللة، وهذا ما يحتم على "هيئة السوق" أن تستحدث إدارة أو حتى زيادة عدد المراقبين في الإدارة، إن كانت موجودة بالفعل، لمراقبة جميع وسائل الإعلام المستخدمة في إطلاق الأخبار.

- هناك بعض الإفصاحات التي تعتبر "ناقصة" لمساهمي الشركة ومتداولي السوق، وهي المتعلقة بفوز الشركة بمناقصة ما مع جهة ما، فغالبية هذا النوع من الإفصاحات تكون ناقصة من تحديد العوائد المحققة من هذه المناقصة.

ولا نقصد هنا عملية تحديد هامش الربح بالضبط، كونها من الممكن أن تكشف أوراق الشركة في المناقصات القادمة التي من الممكن أن يستفيد منافسوها، وتحديد هوامش ربحية أقل للفوز بتلك المناقصات، وبالتالي تختفي فرص المزايدة، وستكشف الأوراق بين الشركات المتنافسة، لكن يجب ذكر الحد الأدنى من الربح المحقق من هذه المناقصة واعتماد عبارة "ما لا يقل عن..." للتوضيح للمساهمين عن الحجم المتوقع للأرباح من هذه المناقصة.

- غياب تحديد حجم "الأرباح غير التشغيلية" للشركات خلال إعلاناتها للبيانات الفصلية، والاكتفاء بذكرها فقط في البيانات السنوية، ويعتبر هذا الأمر من الأمور الهامة للمساهمين لمتابعة أنشطة الشركة بشكل دوري ومستمر وعلى فترات زمنية متقاربة، لمحاسبة إدارتها إن انحرفت بمسار عملها بعيدا عن المسار السليم لها، وتقريب التوقعات بشأن الأوضاع المستقبلية لها بعد إعلان هذه الإيرادات.

- تعمد أن تكون بعض الإعلانات "ناقصة" من قبل الشركات نفسها، خصوصا تلك المتعلقة بخسارة دعوى قضائية متعلقة بقرض سابق أو مبلغ تعويضي، وعدم توضيح حجم المبلغ الذي سيدفع من أموال الشركة الخاسرة للقضية، ما يستعدي تدخلا مباشرا من قبل "هيئة السوق"، وفتح تحقيق بحجم الخسائر أو المخصصات التي ستقوم باستقطاعها الشركة الخاسرة للقضية.

- هناك "إيضاحات تحتاج لإيضاحات"، مثل تلك التي تشير لوجود قضية ما، وتكتفي الشركة المعلنة بذكر رقم القضية فقط دون توضيح ماهيتها أو حتى موضوعها، وهذا ما يحتم على الشركة المعلنة أن تلتزم بثلاثة أمور رئيسية في إعلانها، وهي أن يكون الإعلان واضحا وكاملا ومفهوما للمتداولين في السوق.

إيقاف السهم

- عملية إيقاف السهم في حالة وجود عرض رسمي للاستحواذ عليه خاطئة، فالقانون نظم التداولات بعد الإفصاح عن رغبة طرف ما في الاستحواذ على سهم ما، كما أنه لا وجود لمواد في قانون "هيئة السوق" تشير إلى إيقاف السهم محل عرض الاستحواذ، ومن المفترض استمرار تداول السهم بنفس الوقت الذي تقوم به الشركة الراغبة في الاستحواذ بتقديم عرضها الرسمي لـ"هيئة السوق".

- تحدثنا في تقرير سابق عن ضرورة أن تقوم الشركات المدرجة بالإفصاح عن أوضاع استثماراتها الخارجية أثناء "الربيع العربي"، ومع استمرار تدهور الأوضاع في بعض الدول العربية وحتى الغربية جراء الأزمات الاقتصادية التي تتعرض لها بين فترة وأخرى.

مشاكل السيولة

كما أن شركات الاستثمار يجب أن تبادر إلى الحديث عن تأثرها من التطورات بشكل مستمر، خصوصا أن الغالبية منها لاتزال تعاني مشاكل في السيولة وفي سداد ما عليها من التزامات لدى الدائنين، والبعض الآخر يعاني تعسرا في المفاوضات مع الدائنين بشأن إعادة جدولة ديونه، ومما تعلمناه من الأزمة المالية، هو أن تقوم الشركات وبشكل فوري بإعلان حجم تأثرها بالأوضاع الراهنة، والإفصاح عن حجم الأضرار التي لحقت بها إن وجدت وبشكل كامل، في إطار الشفافية الكاملة التي من المؤكد ستحميها من أي إشاعات تظهر في المستقبل بهذا الشأن، لكن ما رأيناه هو استمرار لنفس الاستراتيجية القديمة التي تعتمد على كتمان الأمر وعدم الإفصاح عنه طالما أن الجهات الرقابية لا تطلب ذلك، وطالما أن الإشاعات لم تطلها حتى الآن!

- يتعمد العديد من مسؤولي الشركات المدرجة التهرب من تساؤلات مساهميهم خلال الجمعيات العمومية، بحجة أن "الوقت لا يتسع" أو أن "الاوضاع تستوجب عدم الكشف"، بل ويذهب بعضهم إلى ما هو أبعد من ذلك بتجاهل تساؤلات مساهمين يملكون حصصا صغيرة جدا في الشركة، وكأنهم غير مساهمين بها!

إقرار مبادئ الشفافية والإفصاح

تتبع بعض الشركات والمجاميع الاستثمارية أسلوب الشفافية مع مساهميها وتوضيح مواقفها، والرد على جميع تساؤلاتهم بشكل واضح وصريح، وربما تكون «المشاريع» كمجموعة مثال صريح على ذلك، بعد أن اعتمدت ومنذ سنوات عقد منتديات للشفافية بعد عمومياتها مباشرة، لتوضيح استراتيجيتها القادمة وتفاصيل بياناتها المالية المنتهية.

لكن السوق لا يحتوي على أسهم «المشاريع» وحدها، وبالتالي فإن مسألة إقرار مبادئ الشفافية والإفصاح في البيانات المالية المنتهية –على الأقل- يعد مطلباً أساسياً ومشروعاً لجموع المستثمرين والمتداولين في السوق، كما أن عملية تطوير السوق ونظام التداول فيه مع ما استجد من أحداث، مثل إنشاء هيئة أسواق المال وصدور لائحتها التنفيذية، بات من الواجب بدلا من أن تكون الإفصاحات الواضحة إلزامية على جميع الشركات المدرجة لا اختيارية.

كما أن هيئة أسواق المال لم يعد لديها عذر (حداثة إنشائها - قلة كوادرها) لعدم قيامها ببعض الامور المطلوبة منها، وحان وقت زيادة كوادرها وتعزيز دورها الرقابي، خصوصاً أن السوق يشهد انتعاشة ورواجا طال انتظاره منذ بداية الازمة المالية، وبالتالي فإن أجواء التداول مليئة بالإشاعات من هنا وهناك، وبالعديد من الأمور والتطورات المتعلقة بالشركات المدرجة، والتي تتطلب توضيحا مباشرا من قبل إداراتها للمساهمين والمتداولين.

ويحتاج الجهاز الرقابي إلى أن يفعل رقابته اللحظية، و»هيئة السوق» يجب أن تضم مختصين لمراقبة الشركات، وما ينشر عنها وطلب التوضيح منها بشكل فوري بدلا من «كتابنا وكتابكم».

back to top