يحكى أن أخوين اتفقا على أن يتزوجا من شقيقتين فذهبا يبحثان في أرض الله الواسعة إلى أن وجدا ما تعاهدا عليه.

Ad

بعد إتمام مراسيم الزواج وأثناء العودة إلى ديارهما أردف كل منهما عروسه على راحلته لا يفصل بينهما سوى مسيرة ساعة وبينما هم فى طريقهم اعترضهم وحل من الطين، فما كان من الأول إلا أن شهر سيفه ضارباً راحلته ليشد من عزيمتها حتى قطعت به وحل الطين والدماء تسيل منها، فلما رأت العروس ذلك عرفت ما يقصد زوجها من ذلك الصنع وأي رجل من الرجال هو.

وما هي إلا ساعة حتى وصل الآخر مع عروسه إلى ذلك الوحل فلما رأى تردد راحلته وعدم تمكنها من المضي قدماً، ترجل تاركاً عروسه على ظهر الراحلة محاولاً أن يجنب العروس الوحل والطين إلى أن نجح من العبور براحلته إلى الجانب الآخر من الوحل، فلما رأت العروس ذلك أدركت أي زوج تزوجت.

بعد سنوات من الزواج جلس الأخوان يتفقدان حالهما فشكا الثاني للأول تجبر زوجته وسطوتها نادباً حظه العاثر مع علمه أن أخاه يعيش سعيداً سيداً مطاعاً في بيته. وبينما هما كذلك استرجعا ذلك اليوم الذي مرا به على وحل الطين، وهنا أدرك الثاني ما صنع مع عروسه.

ما هي إلا أيام وإذا بالثاني يعرض على زوجته الذهاب لزيارة أهلها فوافقت على الفور، حيث قرر الزوج أن يسلك طريق الوحل حتى وصل على مقربة منه، أشهر سيفه قاصداً ضرب الراحلة، وإذا بزوجته تصيح به ارفع يدك عنها، فهذا الأمر لن يجعلني أنصاع لأوامرك بعد أن عرفتك على حقيقتك، وأي معدن من الرجال أنت.

هذه القصة تذكرني بمجلسنا الموقر وبعد أن سمح للحكومة بتأجيل الاستجوابات إلى دور الانعقاد القادم، وبعد أن عرفت الحكومة أي مجلس هو، وحتى ذلك الحين ننصحه بعدم استخدام تلك المادة التي كانت يوماً حقاً مطلقاً كفله الدستور لكنه تنازل عنه طواعية فأضاع ما تبقى له من هيبة.

هذه الهيبة لم تكن يوماً ملكاً لنواب، فهي قبل ذلك ملك للشعب، فالنائب لا يمثل نفسه بل يمثل الأمة، لكن على ما يبدو أن علاقة النائب مع الأمة تنتهي مع إعلان النتائج.

بعد التمعن بأداء المجلس نجد أن الحكومة نجحت بكل مقاييس النجاح، فمراسيم الضرورة التي أُقرت كانت هي من صاغها ولم يتمكن المجلس من التعديل أو حتى إبداء الرأي، فكان "كالأطرش في الزفة"، والاستجوابات طويت صفحتها بالتأجيل، ورغم عدم قناعتي بها لكنها كانت وسيلة للتعرف على شخصية ونوعية المجلس فأضاع فرصة إثبات الوجود.

غريبة!

حتى مع إعلان اللجنة المالية التوصل لاتفاق ينهي ملف القروض فإن الشارع لا يرغب في طي الملف عبر هذا المجلس!

ودمتم سالمين.