#لماذا_نعارض؟
لفت انتباهي هاشتاق في موقع التواصل الاجتماعي تويتر، تحت عنوان #لماذا_نعارض؟ وقد أتت ردود أفعال كثيرة من المغردين المحليين حول ما الذي يجعلهم يعارضون النهج الحالي للحكومة؟ علماً بأن المعارضة حالياً ليست كما المعارضة سابقاً- معارضة الستينيات والسبعينيات والثمانينيات التي أجمع الشعب آنذاك على أحقية مطالبها، إذ إن الكثير ممن يدعون أنهم معارضون حاليون، فاقدون للمصداقية لدرجة أن بعض تصرفاتهم الكاسرة للقانون تتساوى مع نهج السلطة القاسي في قمعهم.لكن هذا الوصف ينطبق على القلة القليلة ممن يدعون المعارضة، لأن المعارضة لا تقتصر على شباب صغار السن من الدائرتين الرابعة والخامسة، ولا تقتصر على من تتلمذ على يد "الإخوان المسلمين" أو السكرتارية والمفاتيح الانتخابية السابقة لأعضاء مجلس أمة فبراير 2012 المبطل، وأعتقد أنه من التسفيه وقصر النظر اختزال المعارضة في هؤلاء.
المعارضة لا تعني بأي شكل من الأشكال عدم الإخلاص للكويت شعباً وحكومة، ولا تعني الانقلاب على النظام بسبب الاختلاف على بعض قراراته. المعارضة لا تعني التأييد الأعمى للتأسلم السياسي أو تأجيج التعصب القبلي كحل بديل للنظام. المعارضة لا تعني الاستمتاع بنشر الفوضى في البلد عبر مسيرات غير مرخصة وخطابات بيزنطية لكسب تصفيق شباب مندفع.فالمعارضة هي التي تكرر مراراً أن الإخلاص المطلق لآل الصباح الكرام غير قابل للتشكيك أو حتى النقاش، لكن الإدارة الحالية للبلاد في أمس الحاجة إلى التطوير وإلا فسنذهب جميعاً إلى الهاوية. المعارضة هي الأم التي تخشى على ابنها من الحبس بسبب رأي سياسي أبداه في تغريدة، والأم التي تخشى على بناتها من العنف بسبب نشوب المسيرات غير المرخصة بالدوار القريب من منزلها بضاحية صباح الناصر.المعارضة هي المواطن المريض الذي لم يتوافر له فراش في مستشفياتنا الحالية والسبب هو تأخر الإنجاز في مستشفى جابر. المعارض هو الطالب الذي سئم من نظام تعليمي حكومي يعلمه الحفظ والتلقين دون التفكير والتحليل مما يجعله غير مهيأ للعمل في أي مكان سوى وظيفة رتيبة في إحدى وزارات الدولة.المعارضة هي الشعب الذي ضجر من فشل الإعلام في نقل الخبر بشكل محايد ومدروس دون محاولة لتأجيج الشارع وجر القارئ أو المشاهد لوجهة نظر دون أخرى. المعارضة هي الوطنية بالمعنى الحقيقي لها، وهي الانتماء إلى هذه الأرض والإصرار والعمل على المحافظة عليها من الفساد والتفكك والتمزق وتطبيق مبدأ وطن يحكمه القانون لا غابة تحكمها ثلة من المتنفذين. أما لمن يتساءل لماذا نعارض؟ فالرد هو ليس بسبب مرسوم الضرورة بتعديل النظام الانتخابي من أربع أصوات إلى صوت واحد، فهذا كان أحد أعراض المرض وليس السبب. نحن نعارض لأن البلد لا يدار بشكل يحافظ على استدامة أي من عناصره، لا من نظام ديمقراطي يستمد شرعيته من تطبيق دستور 1962، ولا من مجتمع تآكل التسامح وتقبل الآخر فيه وبدأت تنتشر عنصريته، ولا من دولة حديثة تنمو وفقاً لخطة استراتيجية محكمة.نحن نعارض لأن الاستباحة السافرة للمال العام في الأعوام الماضية لم تعد تحتمل السكوت عنها تحت عنوان "الخير وايد".نحن نعارض لأن بعض أبناء الوطن فقد الأمل تماماً في الدولة المدنية، وأصبح يعتقد بأن محاربة الفساد هي اللجوء لمن يروج للإسلام السياسي كالحل الأمثل، وقد رأينا جميعاً ماذا فعل بنا رجال الإسلام السياسي حينما تسلموا زمام الأمور أربعة أشهر فقط ولم يحققوا أياً من الأولويات التي تم انتخابهم بسببها. ببساطة وباختصار، نحن نعارض لأننا مللنا عدم الاستقرار في البلد، والسبب رفض السلطة للمكافحة الحقة للفساد واتقاء الله في شعب لطالما أخلص وتجاوز عن الزلات المتكررة في عدم تطبيق القانون. نحن نعارض لأننا نريد الكويت كما يجب أن تكون، دولة مدنية آمنة مستقرة، وشعب متسامح متجانس متفائل وحكم رشيد وعادل.أليس هذه مطالب مستحقة؟نصيحة أخيرة: لسنة 2012، أقول لك، اذهبي ولا تعودي، فقد تركت جروحاً لن تكفي السنين لمسحها. ولسنة 2013 أطلب من رب العزة والجلالة أن يستجيب لدعائي ويؤمننا في أوطاننا ويديم نعمة الأمن والاستقرار في كويتنا الغالية، ويعوضنا خيراً مما خسرنا ويبدل مكان حزننا فرحاً، إنه على كل شيء قدير.كل عام والجميع بخير وصحة وسلامة.