حملة "تفنيش" القيادات العليا والوسطى حتى الدنيا في وزارة التربية تشبه سياسة الإبادة الجماعية بسبب الأعداد الكبيرة من هؤلاء الموظفين، وفي توقيت حرج، حيث بدأ العام الدراسي الذي يعاني تلقائياً الارتباك الشديد على مختلف الصعد.

Ad

ومع أنني من أنصار ضخ الدماء الجديدة في كل المواقع وفي مقدمتها المؤسسات التعليمية وإتاحة الفرص للشباب لأخذ دورهم كحق مكتسب، والمساهمة في مجال التطوير والعطاء، لكن يجب أن تكون هذه العملية مبرمجة وخاضعة لمعايير تربوية وإدارية واضحة وقابلة للتطبيق.

وأتذكر قيام وزارة التربية بإجراء مماثل في طرد مئات القياديين بالفاكس وفي مستهل العام الدراسي في عهد الدكتور عادل الطبطبائي، فبادرت بجمع حوالي 45 توقيعاً من أعضاء مجلس الأمة على توصية لتأجيل هذا القرار الذي قبله السيد الوزير مشكوراً بعدما أبدى تعجبه في البداية بأنني من دعاة التجديد ومنح الفرصة أمام الشباب، فكان ردي الذي أوجهه أيضا الآن إلى الأخ الفاضل وزير التربية الدكتور نايف الحجرف كما يلي:

أولاً، ومهما اتفقنا على وجود مشكلة مزمنة في الجسم التعليمي الكويتي، الذي يتحمل الجزء المهم منه كبار المسؤولين في الوزارة، فإن السبب في ذلك يعود إلى قصور معايير الاختيار والكفاءة والتقييم لهذا الجيش القيادي على مدى ثلاثين سنة من عمرهم الوظيفي.

ومع ذلك فقد يكون من الغبن وعدم الوفاء أن يتفاجأ هؤلاء بإزاحتهم دونما سابق دراية وبطرق لا تتناسب مع أعمارهم ولا مقاماتهم مثل التعاميم التي يسلمها لهم المراسلون أو نشر أسمائهم في الصحف، ومع استئناف عملهم بعد عطلة صيفية بالإضافة إلى التزاماتهم المادية التي قد تضعهم وأسرهم في موقف محرج!

وبالمقابل كنت أتمنى لو أقدمت وزارة التربية على عمل حفل تكريم لهؤلاء المخضرمين قبل إنهاء عملهم وإحالتهم إلى التقاعد بعام دراسي كامل كمبادرة وفاء ومحبة، وإحاطتهم علماً بقرب رحيلهم من الوزارة إلى الأبد، وفي ذات الوقت اغتنام هذه الفرصة الزمنية لتأهيل القياديين الجدد الذين يترقبون فرصتهم للاستفادة من الدورات التخصصية ودراسة استراتيجية التعليم ووضع الخطط التنفيذية للمرحلة القادمة والاستفادة من خبرات من سبقهم، كوجه حضاري لمفهوم تداول السلطة، وخلق إنجاز تراكمي مع تطلعات جديدة وواعدة، وعسى مثل هذه المبادرات تشفع في انتشال التربية ولو من بعض إخفاقاتها وزرع روح الأمل لمستقبل أبنائنا الطلبة!