يلفت الخبير النفسي الدكتور محمد خطاب إلى أن تسلط بعض الأزواج والزوجات يسبب مشكلات نفسية خطيرة للأبناء، ويفضي أحياناً إلى انفصال الزوجين، إذ يبدد الطرفان وقتهما في الشجار والعصبية الزائدة، ولا يديران حياتهما بتعقّل، فيتعمق الخلاف بينهما ويتدخل أطراف آخرون لفض النزاع، بالتالي يتحول المنزل إلى مكان للثرثرة وكشف الأسرار.
يضيف خطاب أن التسلط مرفوض سواء صدر من الزوج أو الزوجة، لأنه يقضي على السعادة الأسرية، ويسبب إرباكاً نفسياً للأبناء، ويوصل إلى طريق مسدود بسبب فرض أحد الطرفين رأيه قسراً. ويوضح أيضاً أن الزواج في الأصل مودة وتراحم، وقوامة الزوج ذكاء وعطف وتفهم لطبيعة الخلافات والعمل على حلها بهدوء، وعلى الزوجة توفير الرعاية والحنان لزوجها وأبنائها.تشير دراسة أميركية إلى أن عدم أخذ الزوجة دور الرجل يقلل جرعة العنف والشجار بين الطرفين، ويبعد بالتالي الطلاق وانهيار الأسرة وينمي الاستقرار وشعور الأبناء بالأمان والاتزان النفسي، فينشأون على أدب الحوار والرغبة في التفوق والثقة بالنفس والشعور الإيجابي بشخصيتهم، ويكبر طموحهم للارتقاء والتواصل الفاعل في المجتمع.يعزو خطاب تسلط الزوجة إلى شعورها بضعف شخصية الزوج، وعدم اتخاذه قرارات حاسمة، نشأة كل واحد منهما في بيئة مختلفة عن الآخر، تفاوت في الذكاء والتحصيل العلمي، عدم إجادة الإنصات إلى الآخر، مفاهيم سلبية تتعلق بنصائح الأم إلى ابنتها بفرض سيطرتها على زوجها كي لا يفكر في الزواج من أخرى، وغيرها من قناعات بالية تدمر الأسرة، وعدم اختيار وقت مناسب للنقاش بين الطرفين.ويشير إلى أن قوامة الزوج لا تعني التسلط، بل المودة والرحمة وتحمّل مسؤوليات الأسرة، وأن يتسم نقاشه مع شريكة العمر بالعقلانية والقدرة على الإقناع، وأن يتمتع بفضيلة الإنصات إلى وجهة نظرها، ولا بأس في الاقتناع بموضوعية ما تقول، وإدراك أن ذلك لا يقلل من رجولته، وأن يرفض ما يراه خطأ بأسلوب مقنع. حقوق وواجبات الزواج مشاركة اجتماعية في المقام الأول، في رأي الخبير النفسي الدكتور يسري عبد المحسن، وعقد اتفاق يعتمد على الرضا الكامل بين الطرفين والموافقة التامة للعائلتين، ويتوقف نجاحه اجتماعياً على التعارف والمشاركة في الرأي والاندماج الحقيقي بين أفراد الأسرتين، ولا ترفرف السعادة الحقيقية إلا بالمشاركة والحب والتزاور الجماعي.يوضح عبد المحسن أن نجاح الحياة الزوجية مسألة نسبية، ويتكوّن بعد العشرة الطويلة بين الزوجين وامتزاج النفوس وتآلف الأرواح واتحاد الفكر والعقل وانسجام الميول والاهتمامات.يضيف: «ثمة قواعد أساسية للسعادة الزوجية، أهمها الاحترام المتبادل بين الزوجين، عدم رفع الكلفة بينهما أو محاولة التحقير أو التقليل من شأن الآخر، احترام الخصوصيات بينهما، عدم اللجوء إلى أطراف أخرى لفض النزاع، تجنب العناد والعصبية الزائدة والتعنت في فرض وجهات النظر». ويرى أن «على الزوج العاقل تفهم طبيعة شريكة عمره، فيغدق عليها الحنان والعاطفة، ولا يسلبها الثقة بنفسها، وللزوجة العاقلة حقوق وواجبات، ولا يكتمل عطاؤها من دون تربية صحيحة للأبناء، واحترام الزوج ومشاركته المسؤولية في توفير السعادة والاستقرار للأسرة».بدورها تشير أستاذ العلوم السلوكية الدكتورة ميسون الفيومي إلى أن الحوار العقلاني أقصر طرق الإقناع بين الزوجين، وتؤثر إيجابيته على الأبناء وينمي قدراتهم العقلية والجسدية، ويحقق الهدف الأساسي في تربيتهم لتشكيل جيل قادر على العمل والتفاعل مع الآخرين.تنصح الفيومي بتربية الأبناء على إدارة حوار هادئ وبعيد عن التعصب والتعنت، قائم على الإقناع عبر تقديم حجج وبراهين لإظهار الحقائق، وبالتالي تتقارب وجهات النظر ويتلاشى التسلط ويزول الخلاف بين الزوجين.تضيف: «تسلط الزوج أو الزوجة يصنع حاجزاً بين الصغار وعالم الكبار، ويدفعهم إلى الانطواء والعزلة والهروب من ضجيج الشجار والخلافات بين آبائهم وأمهاتهم، بينما مساعدتهم منذ الصغر على الاحتكاك بالكبار تكسبهم جرأة وخبرة في إدارة حوار إيجابي من خلال إتاحة الفرصة لهم للتعبير عن مشاعرهم.نصائح مهمةيطرح الخبراء مجموعة من النصائح ليتخلص الزوجان من نزعة التسلّط وتحقيق الاستقرار والسعادة للأسرة:• اختيار وقت مناسب لمناقشة المشكلات وإدارة الحوار بأسلوب عقلاني.• من شأن صفات كثيرة يتمتع بها الزوج من بينها الاتزان والقدرة على الإقناع إنهاء الخلافات مع شريكة عمره. • تجنب الزوجين الشجار أمام الأبناء يحمي هؤلاء من أمراض نفسية.• إدراك الزوجين أن التسلط صفة مذمومة وعواقبها تدمّر الاستقرار الأسري.• الزوجة العاقلة تدرك حقوقها وواجباتها وتحتكم إلى العقل في قراراتها.
توابل - علاقات
تسلط الأزواج يقتل الاستقرار الأسري
16-01-2013