كيف نستمر في المواجهة؟!

نشر في 15-01-2013
آخر تحديث 15-01-2013 | 00:01
 د. ساجد العبدلي لم تقمع السلطة مسيرة كرامة وطن السادسة التي جرت في منطقة صباح الناصر، ولم تتصدَّ لها القوات الخاصة كما كان قد جرى في المسيرة التي سبقتها بأسبوعين في منطقة قرطبة، وذلك كما كنت تنبأتُ منذ أيام، وفي تقديري أن هذا من الحكمة.

وأعلم أن البعض سيختلف معي قائلا إنها لم تقمع هذه المسيرة ليس حكمة إنما خوفاً من مآلات الأمور، باعتبار الطبيعة المختلفة للمنطقة وحساسية تركيبتها السكانية وحقيقة أن أي احتكاك أو تصد للمسيرة كان سينتهي إلى مواجهة شرسة وربما إلى انفجار الوضع برمته، وسأقول هنا بأنه حتى لو صحّ ذلك فهو يدل على حكمة السلطة أيضا لأن أي انفجار للوضع لن يكون في مصلحتها مطلقا، بل هي تفضل أن تظل الأمور سائرة هكذا ببرود وبلا تركيز ودون إدراك الناس للوجهة التي يراد الوصول إليها.

استمرار السلطة في عدم التصدي للمسيرات وعدم قمعها، سيفتُّ عضد هذه المسيرات، وسيؤدي مع الأيام إلى تراخيها وتخلخلها، وقد لمست شيئا من هذا بالأمس في أعقاب المسيرة من خلال التعليقات في "تويتر" وغيره. كثيرون تساءلوا: لماذا نحن نسير؟ وما مطالباتنا على وجه الدقة؟ والبعض تندّر بأن المشي رياضة مفيدة على أي حال! ولهذا شعرت بأن استمرار الأمور على هذا المنوال لن يكون في مصلحة الحراك المعارض إنما لمصلحة السلطة.

ولهذا السبب فقد صار لزاما على الحراك المعارض أن يطور من تكتيكات مواجهته، وسأقترح مبدئيا عقد ندوة بشكل دوري، كأن تعقد كل أسبوعين مثلا، وأن يكون التركيز فيها ليس على الخطابات الإنشائية الارتجالية "البطولية"، إنما على بلورة مطالبات الحراك المعارض ورفع الوعي عند الجمهور العام حتى لا تفتر عزيمته لأنه هو الذي يشكل الأساس الذي تقوم عليه المسيرات والاعتصامات، وهو الذي يقاس نجاح هذه الفعاليات من عدمه على كثافة حضوره وتفاعله مرة بعد مرة، وكذلك ليس من الضرورة بمكان أن تكون كل الفعاليات قائمة على المسيرات، فمن الممكن أن يستعاض عنها بالاعتصامات السلمية في أماكن مختلفة، وأن يحرص على حشد الحضور لكي تصل الرسالة واضحة إلى وسائل الإعلام داخليا وخارجيا.

ونحن بالطبع بحاجة أكيدة إلى رفع سقف المطالبات حتى نتعدى الجمود عند المطالبة بإلغاء مجلس الصوت الواحد، وذلك لأن واقع الصراع وأسلوب السلطة في التصدي قد تجاوز هذا بمراحل وسيكون من السخف أن يظل الحراك المعارض جامدا عنده.

لقد صار من المحتم أن يكون الشعار المرفوع أكثر طموحا ووضوحا، وهذا الجانب قد تحدثت عنه بالتفصيل في مقالات سابقة لمن أراد الاستزادة.

كذلك من اللازم أن يتم اليوم تشكيل فريق قانوني يتكون من مجموعة من القانونيين والمحامين من مختلف الأطياف السياسية فيكون دوره الدائم التصدي لممارسات السلطة الخاطئة على المستوى القانوني والإجرائي، وكذلك أن يتولى الدفاع مباشرة عمن يتم اعتقالهم أو من يتم التعسف في التعامل معهم خلال هذه الفترة الحرجة.

وهنا سأختم بتكرار ما قلته سابقا لمرات عديدة، وهو ضرورة أن نستعد جميعا ماديا وفكريا ونفسيا نضالا معارضا طويل الأمد، فدورة الأحداث لا تشي بانفراج قريب، لكنني واثق بأن الغلبة بإذن الله لمن يصمد ولا يستسلم بسهولة.

back to top