غرامة الداو التي يحاول البعض رمي بلاويها على "حدس" و"الشعبي" والقيادات النفطية، نعرف جميعنا أن من يتحملها فعلياً هي حكومة الشيخ ناصر المحمد التي وقعت العقد بشروطه الجزائية ثم قامت بإلغائه، وهي تعلم تماماً العواقب المترتبة على ذلك الإلغاء!

Ad

نعم... كان لأطراف أخرى ضغوطها التي مارستها بدافع الجهل أو المصلحة أو حتى "اللقافة"، لكن ذلك لم يكن مبرراً كافياً لما قامت به حكومة المحمد في ذلك الوقت من إلغاء للصفقة، فقد كانت تمتلك الأغلبية النيابية التي تجنبها أي أضرار قد يشكلها صراخ نائبين أو ثلاثة وتهديدهم بالاستجواب، مع وجود وزير للنفط كان واثقاً مما يقوم به، وأبدى استعداده لمواجهة أي متشكك في جدوى الصفقة التي أقدم على إبرامها.

والسؤال الذي ينبغي أن يوجه اليوم إلى رئيس مجلس الوزراء آنذاك هو: إن كانت الشراكة مع الداو غير ذات نفع فلماذا وقعتم العقد من الأساس؟! وإن كانت مجدية وذات نفع فلماذا ألغيتم العقد وكبدتم الدولة هذه الخسائر الهائلة؟!

نعم... من يجب أن توجه إليه الأسئلة هو من وقع ثم ألغى، لا من اعترض وصارخ ولوح بالاستجواب، وهو وحده المسؤول عن هذه الخسارة الفادحة... لا أحد آخر!

وقد كان من الأرحم لنا أن تستمر الشراكة مع الداو– مع كل التشكيك بجدواها- لنخسر أموالنا في صفقة خاسرة نجد من خلالها العزاء بأننا مارسنا عملا تجاريا قابلا للربح والخسارة، من أن تتبخر هكذا بغمضة عين، وكأننا رميناها للبحر لتلتهمها الأسماك، التي ربما وبشكل خاص -الكبيرة منها- كانت فاغرة أفواهها تنتظر الفريسة منذ زمن، ونحن غافلون!

***

ظريف جدا ذلك البيان الصادر عن اتحاد الجمعيات والذي جاء فيه أنهم سيقومون بإغلاق الأسواق المركزية، إذا ما أقر مجلس الأمة الصوت الواحد لانتخابات الجمعيات التعاونية!

فما إن صدر عنهم، حتى جاءهم الهجوم من كل مكان ليعرفوا بعدها أن الله حق، ويأتي تصريح رئيس اتحاد الجمعيات في اليوم التالي مصححاً بأن ما جاء عن النية بإغلاق الأسواق المركزية قد صدر عن رئيس الإعلام في الاتحاد، ولا يمثل رأي مجلس الإدارة!

عموماً، وفي كلتا الحالتين، من الواجب أن نذكر جماعة التعاونيات بأن مجلس الأمة هو الجهة التشريعية الوحيدة في البلد، وعليهم- كما على الجميع- احترام القوانين الصادرة منه وتطبيقها، وإن لم يعجبهم الأمر فإن وزارة الشؤون ستقوم بتعيين مجالس إدارات من عندها لإدارة أي جمعية لا تمتثل للقانون، لذلك فإن التهديد بإغلاق الجمعيات لا معنى له ولا قيمة، فما هم سوى أفراد من عامة الشعب مكلفون بإدارتها لمدة محدودة، وليس لهم، باعتبار أنها ليست من أملاكهم الخاصة، أن يقوموا في أي حال من الأحوال بإغلاقها وحرمان المواطنين والمقيمين من خدماتها التي من أجلها، وحدها، قد انتخبوا!  

***

لا يكاد يوم يمر إلا نرى مشاهد جديدة للعنف المتبادل بين قوات بشار الأسد وقوات الجيش الحر، كل مشهد أكثر قسوة من الآخر، همجية لا نظير لها، تعطيك انطباعاً لما يمكن أن يكون عليه مستقبل سورية، خذوا عندكم، جنود يضربون أسيراً حتى الموت بطابوقة، آخر يشق صدره بسكين ليستخرج قلبه ويلتهمه، ثالث ينحر نحر الذبيحة، والموضة الجديدة التي يقوم بها كلا الطرفين –مستمتعين- هي الاتصال على أم الأسير لتسمع صوت الطلقات وهي تخترق رأس ابنها، أي خسة ودناءة؟!

حرب قذرة لا بريء فيها، وكل من يساند طرفاً على آخر مشارك فيها، ومساهم في استمرار نزيف الدماء هناك، ومن يرد الخير للناس هناك فعليه أن يصب جهوده في أعمال الإغاثة دون التدخل في هذه الحرب التي نسأل الله أن يحمي الأبرياء منها، ويجعل نهايتها قريبة، فما يقوم به الطرفان لا علاقة له بالحرية أو الديمقراطية، إنما هي حرب طائفية الخاسر الأول فيها هي الإنسانية، إنسانية القاتل والمقتول... على حد سواء!