وسط الأحداث المتواترة والمتسارعة في الدنيا التي أخذتنا إغراءاتها وصراعاتها إلى خضم بحر تلاطمت أمواجه وغابت عن النواظر شطآنه، خطف الموت منّا د. محمود عبدالفتاح نصار، الذي تلقيت ببالغ الحزن فاجعة فراقي لأخ وصديق، فما كان مني إلاّ أن أحتسبه عند الله، راجياً أن يكون من الفائزين.
ولولا الدموع لأحرق الأسى مني العيون، ولولا الإيمان لأوقفت القلب الأحزان على رفيق تهرب من وصفه الكلمات، فلا أجد في نفسي مواساة غير الدعوات لشهم قلّ ما تجود بلادنا بمن هم مثله، في الخلق والعلم والكياسة والفطنة.شاب علم أن الدنيا دار عمل واجتهاد فكافح حتى وصل، وأيقن أنها دار ممر فانقطع عما خاض فيه أكثرنا، خدم الفقير وأوفى للصديق ووصل القريب وقاطع الفظ الغليظ، وإني على كل ذلك شاهد بدليل.أيها الطبيب القريب البعيد، على مثلك والله تبكي العيون، طيب الله ثراك وغسلك بالماء والثلج والبرد وثبتك عند السؤال، وأسكنك في فسيح الجنان، وآتاك عالي الدرجات، وأبدلك أهلاً خيراً منّا، وألهم ذويك الصبر والسلوان، وأعانهم على الصبر على فراق خير الناس.وإني لأجد في رثاء مالك بن نويرة التميمي لأخيه ابن أمه وأبيه، ما يدور بخلدي وخلد كل قريب عاشرك حقاً وغريب لامس صفاء سريرتك وعدو عرف حلمك، إذ يقول:لقد لامني عند القبور على البكارفيقي لتذراف الدموع السوافكوقال أتبكي كل قبر رأيتهلقبر ثوى بين اللوى فالدكادكفقلت له إن الأسى يبعث الأسىفدعني فهذا كله قبر (صاحبي)
مقالات
د. محمود نصار... على مثله تبكي العيون
24-08-2013