أحمد القبانجي... مثقف عراقي خلف القضبان الإيرانية

نشر في 21-02-2013 | 00:01
آخر تحديث 21-02-2013 | 00:01
No Image Caption
اعتقلت المخابرات الإيرانية «واجا» أحمد القبانجي، رجل الدين الشيعي والمفكر الإسلامي اللبيرالي العراقي، صاحب فكرة «الإسلام المدني»، والأفكار الثورية في الإصلاح الديني.
لم يخطر في بال القبانجي، أن يرى نفسه معتقلاً في بلد آخر، بسبب أفكاره التي أطلقها في بلده من خلال مؤلفات ومحاضرات ألقاها في مجلسه الثقافي في بغداد، فقد فوجئ القبانجي، في زيارته الأخيرة إلى مدينة قم، حيث يقيم بعض من أفراد أسرته، بالمخابرات الإيرانية تعتقله، سبق ذلك تحريض ضده من رجال دين تابعين لإيران في النجف، بزعم أنه يسيء إلى الدين الاسلامي.

اضطهاد وقمع

ليس غريباً أن تعتقل سلطة الملالي الإيرانية قبانجي فهذه عادتها، وليست المرة الأولى التي تضع مفكراً خلف القضبان، ففي أرشيف المخابرات الإيرانية ما هو أشد قسوة من ذلك (بدءا بالاعتقال وصولاً إلى الإعدام)، وهي تلاحق الأفلام السينمائية المعارضة حتى إلى بيروت، لدرجة أن السلطة اللبنانية تجاوبت ذات مرة مع المطلب الإيراني وأجلت عرض «الأيام الخضر» للمخرجة الإيرانية المعارضة هانا مخملباف، لتزامن موعد عرضه مع زيارة الرئيس الإيراني  أحمدي نجاد إلى لبنان.

لا غرابة أن يعتقل قبانجي في إيران، فهي تغلق الصحف وتسجن المدونين (البلوغرز) وتنفي السينمائيين وتقمع الشعراء في الأهواز، ولا تزال تصرّ على فتوى بإعدام الروائي الهندي سلمان رشدي، وتطارد حتى القصص التراثية التي وجدت مع وجود الشعب الإيراني.

وعرف عن أحمد القبانجي طرحه لأفكار مثيرة للجدل تخص التاريخ والدين الإسلامي عبر كتبه ومحاضراته، مقتفياً أثر- بحسب المختصين- العديد من المفكرين الإيرانيين كعبد الكريم سروش ومصطفى ملكيان ومجتهد شبستري. وقالت نقابة الصحافة العراقية إن {القبانجي اعتقل على خلفية اختلاف فقهي أو رأي، فمن المعيب على الأوساط الدينية أو التنفيذية التابعة لها نقل الجدل العلمي والفقهي والتاريخي إلى زنازين الحديد وغرف القمع التي أثبت التاريخ أنها لا تجدي نفعاً مع الفكر الحر، ولقد جاء جهد السيد القبانجي من أوله إلى آخره ضمن الدعوة إلى الحوار وإعمال العقل، وفي العراق لدينا دستور كفل بوضوح حماية الفكر والمعتقد».

تبرؤ العائلة

اللافت أن عائلة قبانجي تبرأت منه مجددة وصفه بـ{الانحراف والخروج عن الدين». وقال باقر القبانجي وهو شقيق أحمد القبانجي إن شقيقه «منحرف وخارج عن الدين من خلال طروحاته وآرائه المنحرفة». وأشار باقر القبانجي إلى أن «العائلة سبق لها، وفي اكثر من مرة، أن اعلنت براءتها منه ومن آرائه الفاسدة والمنحرفة». ولم يتردد بعض المنتديات المتطرفة في وصف قبانجي بـ{الزنديق»، أما حركة «علمانيون بلا حدود» العراقية فحذرت النظام الإيراني من الاستمرار في اعتقال المفكر العراقي ‏أحمد القبانجي وهددته بأنه بعكس ذلك  ستكون مصالحه كافة أهدافاً لها.

سيرة

ولد القبانجي في النجف لأسرة معروفة بتدينها وتفقهها، درس في مدارس المدينة الرسمية ومن ثم انتقل في عمر مبكر إلى الدراسة في الحوزة العلمية حيث تابع دراسته فيها منهياً المقدمات والسطوح. درس البحث الخارج على يد محمد باقر الصدر، سافر إلى إيران في العام 1979 هرباً من جور نظام صدام حسين وأكمل دراسته للبحث الخارج على يد  جواد التبريزي ومحمود الهاشمي.

أثرى المكتبة الاسلامية بمؤلفات عالج فيها اشكاليات عدة وناقش المفكرين الاسلاميين، أبرزها: «سر الإعجاز القرآني: نقد للموروث الديني، التوحيد والشهود الوجداني، الله والإنسان، تشيع العوام وتشيع الخواص، تهذيب أحاديث الشيعة، العدل الإلهي وحرية الإنسان».

من خلال مؤلفاته القيمة والمميزة أصّل القبانجي العلاقة بين الله والانسان وهذّب الأحاديث التي كثر اللغط والخلاف بشأنها، فأعلن رفضه وتحفظه على مرويات كاذية منسوبة الى النبي وأهل بيته، وردّ ما لا يتناسب وحداثة العصر.

ترجم مؤلفات عن الحداثة والليبرالية الدينية وأخرى لمفكرين إيرانيين  رافضين تسييس الدين من أمثال عبد الكريم سروش والدكتور مصطفى ملكيان. عاد الى العراق عام 2008 بعد سقوط نظام صدام، وبدأ بالعمل على اشاعة روح التحرر من التعصب التديني والانفتاح على الحداثة والمعرفة.

back to top