...أوقفوا تمادي لبنان وتهوره!
تعبنا وتعب العرب طوال السنوات الثماني الماضية تحديداً، وقبلها سنوات طوال من خلق الأعذار والتبريرات لما يحدث في لبنان من اختراقات وتهديد للأمة العربية وأمنها، فلبنان أصبح كالمراهق الأهوج الذي يرتكب الخطايا ثم يختبئ خلف أمه التي تدفع عنه العقاب، والكثير من دول الخليج العربي لأسباب مختلفة كان ومازال يلعب دور الأم التي تدافع عن لبنان وتمده بوسائل القوة والحياة، ليعود لممارسة نفس الدور الأهوج والمدمر غالباً ضدها.لبنان اليوم يقوم بدور خطير في سورية، وليس مقبولاً تبريرات البعض تصنيف لبنان حزب الله والحزب الاشتراكي وعون... إلخ، لتحميل جزء منه فقط الخطايا، فلبنان دولة يجب أن تكون مسؤوليتها جماعية، ويجب علينا أن نتوقف فوراً عن هذا السلوك الذي يعطي ممراً لكل اللبنانيين المتواطئين والمتحالفين مع نظام بشار الأسد للهروب من مسؤولياتهم وجرائمهم، ويجب أن نتوقف أيضاً عن بلع أسلوب التملص والجدل العقيم الذي يتذاكون به علينا وعلى الشعب السوري المذبوح، فرئيس الجمهورية يصرح في اتجاه، ووزير خارجيته في اتجاه آخر، ورئيس الوزراء يدعي النأي بالنفس عما يجري في سورية، بينما حزب الله وحلفاؤه والجيش اللبناني يفعلون شيئاً آخر على الأرض.
ما يحدث فعلياً، وعلى الأرض أن قتل الشعب السوري يتم بدبابات مزودة بـ"المازوت الأخضر" القادم عبر لبنان، والمواد المتفجرة للبراميل التي تسقط على المنازل في حلب وإدلب تأتي من مصانع في لبنان، كما أن رئيس أركان الجيش السوري الحر سليم أدريس أكد أنه يقاتل في سورية مقاتلين من حزب الله، ويحتل مسلحون من الحزب قرى في ريف حمص ومواقع أخرى، وكذلك فإن أموال النظام السوري تعبر وتتداول عبر المصارف اللبنانية التي لديها ضوء أخضر من أميركا والغرب بالقيام بهذا الدور، كما أنها توافق على تزويد سورية بالوقود عبر لبنان، كما يقول رئيس رابطة مستوردي النفط اللبنانيين بهيج أبوحمزة إن منظمات الأمم المتحدة وأميركا وبريطانيا لم تحتج على متاجرتنا بالوقود مع سورية، رغم العقوبات الدولية المفروضة على دمشق، وهنا يتأكد أن أميركا وروسيا وبريطانيا تلعب أدواراً متكاملة ومرسومة لاستمرار تدمير سورية وشعبها.البعض سيقول: لكن السنة والمسيحيين اللبنانيين ليس لهما ذنب، وهو ما يراهن عليه الطرف اللبناني المتورط في مذابح سورية بأنه سيفعل ما يشاء من جرائم وتدمير بحق الشعب السوري، وسيفلت لأن العرب والخليجيين خصوصاً معنيون بذلك التبرير، وهو خطأ كبير سيزيد معاناة المنطقة، ويهدد أمنها، فإن كان هناك خلاص للبنان فعلى الجميع أن يسدد حصته منه، كما يفعل كل السوريين، ولا يجوز بعد اليوم أن نحمل جزءاً أو حزباً أو طائفة خطايا ما يقوم به بعض اللبنانيين، فكل لبنان مسؤول، فخطاب وزير خارجية لبنان عدنان منصور، الأخير في الجامعة العربية، المبرر لأفعال نظام الأسد، يمثل كل لبنان، و"المازوت" الذي يرسل للدبابات السورية، ومقاتل حزب الله الذي يعبر الحدود إلى ريف حمص مسؤول عنه أيضاً كل لبنان، وسيسائلنا عنه كل طفل مشرد، وشيخ مكلوم، وامرأة تنحر أو تقتل تحت أنقاض منزلها في سورية، فما يجري في الشام هو حرب إبادة طائفية لا يجوز أن نسكت عنها وعمن يدعمها خاصة لبنان، الذي يجب أن يتخلص الخليجيون تحديداً من عقدتهم تجاهه، وأن يتخذوا تدابير فورية بحق بيروت بتخفيض التمثيل الدبلوماسي لديها، ووقف التعامل مع المصارف اللبنانية، وسحب الودائع الخليجية هناك، لأنه حان الوقت لمواجهة تهور وتمادي لبنان، وإيقاف المشروع الإيراني الذي تتبناه القوة الفاعلة فيه والمهيمنة عليه، والذي يهدد أمننا العربي والخليجي خاصة.