أيام تفصل الأميركيين عن الهاوية المالية
لا تلوح بوادر أمل في الأفق لتوصل الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى اتفاق مع أعضاء الكونغرس لإقرار قانون يحدد إجراءات تسمح برفع سقف الميزانية بعدما تعثرت المفاوضات الأسبوع الماضي بين البيت الأبيض والقيادات في الحزب الجمهوري في مجلس النواب ووصلت إلى طريق مسدود.
تفصل الأميركيين أيام قليلة عن "الهاوية المالية" التي من المتوقع أن تعصف باقتصاد البلاد وتصيبه بالركود فضلاً عما ستخلفه من أعباء اقتصادية إضافية ستمس حياة المواطنين الأميركيين بشكل مباشر وستفرض عليهم زيادات تلقائية في الضرائب واقتطاعات من النفقات العامة مع حلول العام الجديد.ويقصد بالهاوية المالية، زيادات ضريبية وتخفيضات كبيرة في الإنفاق العام تلقائيا مع بداية العام الجديد إذا لم يتم الاتفاق على رفع سقف الدين العام للدولة، بما يهدد بعرقلة الاقتصاد الأميركي ودفعه نحو الركود مرة أخرى.
ولا تلوح بوادر أمل في الأفق لتوصل الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى اتفاق مع أعضاء الكونغرس لإقرار قانون يحدد إجراءات تسمح برفع سقف الميزانية بعدما تعثرت المفاوضات الأسبوع الماضي بين البيت الأبيض والقيادات في الحزب الجمهوري في مجلس النواب ووصلت إلى طريق مسدود.وأظهر آخر استطلاع لمركز غالوب في 26 سبتمبر تناقص تفاؤل الأميركيين بشأن توصل أوباما والكونغرس لاتفاق على الميزانية قبل يناير المقبل، وارتفعت نسبة المشككين هذا الأسبوع في التوصل لحل إلى 48% مقارنة بـ40% في الأسبوع الماضي.ولتجنب وقوع الاقتصاد الأميركي في "الهاوية المالية" يتطلب نجاح المفاوضات بين الطرفين وإقرار قانون في الكونغرس قبل نهاية العام الجاري من شأنه معالجة العجز المالي عن طريق تقليل النفقات الحكومية ومنع زيادة الضرائب على الطبقات الوسطى وتمديد مساعدات البطالة. وهي الخطة التي يطالب الرئيس أوباما بتطبيقها.كما تتضمن الخطة مقترحا بزيادة الضرائب على الأميركيين الأكثر ثراءً، ويسعى أوباما إلى إبقاء التخفيضات الضريبية على الطبقات المتوسطة فقط ورفعها على الطبقات الثرية.وبلغة الأرقام، يقترح أوباما تمديد التخفيضات الضريبية على 98% من الأميركيين الذين يكسبون أقل من 250 ألف دولار سنوياً، ورفع عتبة هذا المقترح خلال محادثات له الأسبوع الفائت مع رئيس مجلس النواب الجمهوري جون باينر إلى 400 ألف دولار.الجمهوريون يعرقلون لكن الجمهوريين يعرقلون إمكانية إقرار هذا المقترح في الكونغرس، إذ يرفضون أي زيادة ضريبية على الأكثر ثراء بينما يصرون على عدم المساس بميزانية الدفاع والأمن، ويسعون لخفض المساعدات الاجتماعية التي تقدمها الحكومة للطبقات الفقيرة وكبار السن والمتقاعدين.وقال عمر العبيدلي أستاذ الاقتصاد المساعد في جامعة جورج ميسون في حديث لـ"الجزيرة نت" إن الضرر الأكثر حدة سيكون في قطاعي الدفاع والأمن حيث من المقرر تخفيض موازنتيهما بشكل كبير، بالإضافة إلى انتهاء موعد التخفيضات الضريبية على العاملين الأميركيين كما أنه من المرجح أن تضر الهاوية المالية بانتعاش العمالة.وأضاف أن وقوع الهاوية المالية سيسبب أيضاً "ضربة أكبر لمصداقية الحكومة الأميركية فإذا لم يستطع الحزبان الديمقراطي والجمهوري تقديم تنازلات لتجنب هذا الانهيار فما الذي يمتلكانه لتجاوز العقبات المالية التي تنتظر البلاد في المستقبل؟". وأكد أن هذا هو السؤال أيضاً "الذي سيسأله المستثمرون لأنفسهم وبذلك فقد يختارون أن يأخذوا أموالهم إلى بلدان أخرى ذات توقع أكثر إشراقاً للسياسة".إفلاس أميركيوخلافاً للاعتقاد السائد بأن ما يمر به الاقتصاد الأميركي حالياً هو أحد تداعيات الأزمة المالية التي حدثت عام 2008، يرى العبيدلي أن هناك أسبابا أخرى وتتمثل في أن الحكومة الأميركية مفلسة في الأساس على حد قوله، فهي لا تمتلك نظرة بعيدة المدى بشأن التعامل مع الديون الفدرالية وحجم الإنفاق على برامج الاستحقاقات الاجتماعية مثل المعاشات التقاعدية والرعاية الصحية، خصوصاً على مستوى الولايات وعدم وجود ما يغطي هذه النفقات في الميزانية.وأضاف أن السبب هو في التغير الديمغرافي وتطور العناية الطبية التي حدثت خلال الثلاثين سنة الماضية والتي جعلت الناس يعيشون أطول، إذ تم ابتكار وسائل أكثر كلفة لإطالة الحياة، في مقابل أن النفقات والميزانيات الفدرالية -وعلى مستوى الولايات- تم وضعها منذ فترة طويلة على أساس نموذج ديمغرافي غير صحيح على الإطلاق.ويرى العبيدلي أنه يجب خفض مستوى المعيشة في الولايات المتحدة بشكل كبير لأنه إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه فإنه سيأتي وقت لن يكون فيه هناك ما يكفي من السلع المنتجة لتلبية الطلب.وتابع بالقول إن المجتمع الأميركي يحتاج لمواجهة خفض مستويات المعيشة إذا ما قبل بهذا الخيار وأرشد سياسييه لبدء الترتيبات اللازمة فسيتم احتواء الألم مبكراً، إما إذا استمرت الجهات المعنية في التباطؤ فإن هذا الانهيار سيكون أكثر ضرراً في المستقبل من أي وقت مضى.(الجزيرة نت)