وقف محمد (عامل) إلى جوار صورة محمود أبو مهند (زوج شقيقته) باكياً، موجها انتقاداً عنيفاً للنظام الحاكم والرئيس القادم من خلفية إخوانية محمد مرسي، متهماً إياه بخداع المصريين باسم الدين، معلناً اعتصامه أمام مبنى محافظة بورسعيد، إحدى مدن القناة، ضمن فاعليات العصيان المدني، التي شارك فيها الآلاف من أهالي المدينة، وانطلقت الأحد الماضي، حيث يقضي يومه وسط المتظاهرين، وحين يهده التعب ينام في الخيام المنصوبة قرب مبنى المحافظة.

Ad

"كان رايح يشتري العلاج لبنته قتلوه غدر، لا ليه علاقة بالكورة ولا بلطجي ولا يعرف حد من المحبوسين"، هكذا كانت قصة مقتل أبومهند، وبينما كان عائداً إلى بيته، بعد شراء أدوية لطفلته المريضة، ذات العامين، وقبل أن يدخل باب منزله القريب من سجن بورسعيد، أصيب برصاصة اخترقت فخذه وأودت بحياته على الفور.

غالب محمد دموعه أمام مبنى المحافظة، حيث يقف وسط متظاهرين كثيرين، متأملاً صور الضحايا الذين سقطوا بالرصاص أمام سجن بورسعيد، 26 يناير الماضي، بعدما قضت محكمة الجنايات التي تنظر قضية "مجزرة استاد بورسعيد" الأولى فبراير 2012، بإعدام 21 شخصاً من المتهمين، من أبناء المحافظة، ومن بين دموعه قال إنه لابد من اعتبار هؤلاء من شهداء الثورة، متذكراً القرار الذي وعد به أعضاء جماعة "الإخوان المسلمين" في المدينة، خلال الأيام المقبلة، في محاولة لامتصاص غضب الشارع البورسعيدي.

كانت الدموع تتساقط من عينيه، كلما نظر إلى صورة زوج شقيقته، فقد كان يعتبره بمثابة الأخ له، حيث كانا يعملان معا، فالراحل كان عامل "سباكة" وهو عامل "محارة" وكل منهما كان يجلب العمل للآخر، ولأن أبو مهند سبقه إلى الموت، صار عليه أن يعمل بمفرده مستقبلاً.

بعض المتظاهرين اقتربوا من محمد وأنا أبتعد عنه، سمعتهم يطالبونه بالصبر والدعاء للفقيد بالرحمة، بينما ظل يمشي ذاهلاً وهو يردد الكلمات التي قالتها الطفلة لأبيها حين رأته ميتاً:" يا بابا أنا مش عاوزه حاجة عايزاك تفضل معايا وبس".