شباب حر!

نشر في 04-01-2013
آخر تحديث 04-01-2013 | 00:01
إن الإجراءات الأمنية والممارسات التعسفية التي تمارسها الحكومة اليوم فجّرت لدينا ظاهرة الاعتقالات الواسعة، وهذا بالتأكيد انعكاس لوجود مشاكل سياسية حقيقية ومتفاقمة، وعلاجها كما تثبت كل الشواهد التاريخية والأممية لا يكون بالملاحقات والسجون والتهديد، إنما بالحلول الجريئة وتفعيل لغة الحكمة والحوار والجرأة في إصلاح مكامن الفساد وعلى رأسها الفساد السياسي.
 د. حسن عبدالله جوهر قد تكون تسمية خالد وراشد الفضالة وعبدالله الرسام وفهد القبندي، والكثيرين من أمثالهم بـ"الشباب" قليلة في حقهم، لأنهم بالفعل رجال ونعمَ الرجال، وهذا ليس بإطراء على حماسهم الوطني ونشاطهم الميداني على مدى عدة سنوات بلا كللٍ ولا يأس، إنما على موقفهم الشجاع في رفض دفع الكفالة المالية لخروجهم من الحجز، وصمودهم إلى حين انتزاع حقهم من المحكمة بلا منّة أو فضل من أي جهة أخرى.

وهؤلاء الرجال بالفعل سجلوا سابقة أخرى جريئة في ملف الحريات، من شأنها أن تفتح الأبواب أمام شباب الحراك الشعبي في الاستمرار بمطالبهم السياسية خاصة بعد انحسار الزخم الجماهيري في الأسابيع الماضية.

ولست هنا بصدد تقييم هذا الحراك الشعبي الذي يقوده "الشباب": كتعبير عن حالة الحيوية والرؤية المستقبلية لهذه الشريحة من الشعب التي تعدّ في مقتبل العمر، ولكن الحديث في هذا المقام عن أصل المبدأ المتمثل بالحق الطبيعي والقانوني للتعبير عن الرأي والموقف دون قيام الحكومة بالتعسف والملاحقة ومحاولة إيذائهم نفسياً وجسمانياً لأطول مدة ممكنة كعقاب انتقامي قبل صدور أحكام قضائية نهائية في التهم الموجهة إليهم.

ومعرفتي بالرجال الأربعة ورفاقهم، رغم قناعاتي المتواضعة الخاصة حول بعض الاجتهادات في الحراك السياسي، تفرض توجيه تحية كبيرة لمنطلقاتهم الوطنية بعيداً عن التسلق على أكتاف الطرح الطائفي والخطاب الفئوي، إنما تجسيداً للحمة الكويتية التي تعزز الأمل في أن بلدنا ما زال بخير، وأن النسيج الوطني عصيٌّ على من يحاول بث التفرقة بين الكويتيين.

وقد تقدمنا باقتراح بقانون في مجلس 2009 يقضي بإلغاء الحجز التحفظي على المتهمين بقضايا الرأي السياسي، لكن ظروف المجلس حالت دون تمريره، وقد جاء شبابنا الحر لإنجاز هذا المقترح بالإصرار والروح الكبيرة من الثقة بالنفس.

إن الإجراءات الأمنية والممارسات التعسفية التي تمارسها الحكومة اليوم فجّرت لدينا ظاهرة الاعتقالات الواسعة، وهذا بالتأكيد انعكاس لوجود مشاكل سياسية حقيقية ومتفاقمة، وعلاجها كما تثبت كل الشواهد التاريخية والأممية لا يكون بالملاحقات والسجون والتهديد، إنما بالحلول الجريئة وتفعيل لغة الحكمة والحوار والجرأة في إصلاح مكامن الفساد وعلى رأسها الفساد السياسي.

والغريب جداً أن تسجل الكويت تراجعاً حاداً في سجل الحريات والبطش الأمني في عهد الانتفاضات الشعبية واتساع الحريات في العالم، ناسفة حتى سجلها الماضي الذي خلا لسنوات طويلة من معتقلي الرأي، وصارت السجون تعج لمن ينادي بكرامته كإنسان بالعشرات من شباب البدون والمواطنين الكويتيين، فهل تتعظ الحكومة من رسالة هؤلاء الشباب؟!

back to top