صلاح فائق أحد الأصوات الشعرية العراقية البارزة في هذه المرحلة، يمتاز بلغته المكثفة وصوره السريالية ونبرته الهادئة، ومن قصائده التي كتبها حديثاً اخترنا هذه القصيدة:

Ad

قصائد

أريد شراء مدفن قديم، لأنه رخيص،

تحويله إلى بيت من غرفتين .

اقترضت ما يكفي من مال متقاعدين

في مدن بعيدة، لا أظنهم سيعثرون علي .

سأبني حوضاً خلفه لأسبح مع جارتي الجميلة

حين يسافر زوجها العجوز: في السنوات الأخيرة لم أعد شاحب الوجه،

خائر القوى أو أرمق الأشياء حولي بعينين حزينتين

لا أتبرم من صرخات الولادة في المستشفى المقابل .

أضع شعري المستعار، معي مظلة جيدة للقتال

أخرج لأتسوق في ميناء مشهور بنشالين .

***

لا أصدق مزاعم أي نهر أو مدينة عن تاريخهما ومآثرهما

إلا إذا ذلك النهر وسط تلك المدينة وهذه لها قلعة قديمة

أقول هذا لأني عاتبت، بمخيالي، يوهان شتراوس

حول دانوبه الأزرق. قطعة رائعة حقاً، لكن الدانوب ليس نهراً أزرق

كما رأيته في زيارتي إلى بودابست :

جدول واسع يحمل نفايات وعوادم ست دول

يمضي حائراً، كئيباً، نحو البحر .

انتظر اعتذاراً مكتوباً من شتراوس .

***

هذه مدينة بلا كهرباء وقد هربت، قبل سنوات،

من البيوت والشوارع .

بحثوا طويلاً عن مهندسين وكهربائيين

لكن بلا جدوى .

أنا محظوظ، لا أحتاج نوراً لأصل إلى مركبتي،

وهي غير مرئية، تنتظرني دائماً في إحدى الضواحي

لعيني طاقة سريّة تضيء دربي

بها أرى مشاهد لا يراها غيري .

***

خذ قصيدة قديمة أو حديثة، أفحصها بأشعة سينية

سترى ما ليس مكتوباً ـ حوذي يهز العنان في عربة بلا حصان،

أرستقراطي يهتم بالنحل، وكان مصارع ثيران خطفوه لأيام،

مسيرة ليلية لحاملي مشاعل، يرتدون قمصاناً سوداء

ومن بلد إلى بلد،

أحدهم يتطلع إلى محيط ينقل جبلاً إلى قارة أخرى،

قديس يشتم لصوصاً جرحى في مستشفى

شاعر يتكور في سريره، يقرأ رسائل وصلت أخيراً من أمه التي

قتلها زلزال قبل سنوات،

جاريات للبيع في معبد .

لا تخدعني وعود سماكين

وامرأة لا تشبع رغباتي في السرير.

لن أسترسل بعد الآن في الكلام: سأفحص كل شيء

بجهازي الجديد .