أخيراً، تحقق حلم الشيخ سيد. سيلحن لكوكب الشرق أم كلثوم. أخيراً، جاء دوره في الحصول على {الدكتوراه الفخرية}. جاء دوره ليقف في الصف الأول الذي بدأ بصفيه وحبيبه الشيخ أبو العلا محمد والشيخ أحمد زكريا، وليس انتهاء بالموسيقار رياض السنباطي.. ليأتي أخيراً دور الشيخ سيد مكاوي.

Ad

كان تكليف كوكب الشرق أم كلثوم لأي ملحن على ساحة الأغنية بإعداد أغنية يعتبر شهادة ميلاد رسمية لهذا الملحن، وكان مجرد سماع صوت أم كلثوم عبر أسلاك الهاتف تطلب أحد الملحنين وتبدأ في ممازحته بطريقتها المعهودة وانتهاء هذه المكالمة بطلبها أن تسمع آخر ما عنده من ألحان أو تطلب منه قراءة قصيدة أو الاتصال بشاعر معين أو مؤلف أغان بعينه اعترافا حقيقيا بأن موهبته قد نضجت وأن ألحانه أصبحت من النضج بحيث تتناسب والصوت القمة في ساحة الطرب.. فكان هذا اعترافاً رسمياً من أم كلثوم بضخامة موهبة الشيخ سيد:

= إزيك يا شيخ سيد... عارف مين بيكلمك.

* صحيح أنا مابشوفش بعنيا... لكن ودني مستحيل تغلط في صوت ست الكل... كوكب الشرق كله.

= أنا سمعت عن ظرفك وخفة دمك.. لكن يظهر اللي سمعته أقل من الحقيقة.

* لا... دي ودنك هي اللي متعودة تسمع كل جميل.

= عموما أنا مستنياك يا شيخ سيد بكرة الساعة تسعة... عايزة أشرب معاك فنجان قهوة.

حلم العمر

ما من شك في أن قلبه رقص فرحاً، فها هو حلمه الذي لطالما حلم به يتحقق، وتطلبه كوكب الشرق أم كلثوم ليلحن لها أغنية، ليس هذا فحسب، بل تختاره خلفاً لشيخ الموسيقيين زكريا أحمد.

نعم فرح الشيخ سيد، وراح يتلقى التهاني من كل المحيطين به، زوجته ووالدته، وأصدقائه وعلى رأسهم صلاح جاهين.. يتلقى التهاني ويهنئ نفسه، غير أن عقله كان له موقف مختلف.

تذكر الشيخ سيد اليوم الذي ذهب فيه إلى أم كلثوم يعرض نفسه وألحانه عليها، وعلى رغم أنها أبدت إعجابها بموسيقاه وعزفه، ولم تبخل عليه بكلمات المديح والتشجيع، فإنها لم تطلب منه أن يتعاون معها ويمنحها لحناً، وفعلت ذلك بعدما أطمأنت أنه أصبح ملء السمع والبصر.

ذهب الشيخ سيد لمقابلة أم كلثوم، وقلبه يسبقه، وإن كان عقله يجره إلى الخلف، يريده أن يتراجع، لكنها الفرصة التي قد لا تعوض، فأراد أن ينالها وهو على أرض صلبة... التقى بها، سمع بصوتها الكلمات التي كتبها مأمون الشناوي:

أنساك.. ده كلام

أنساك يا سلام

اهو ده اللي مش ممكن أبداً

ولا أفكر فيه أبداً

دا مستحيل قلبي يميل ويحب غيرك أبداً

أهو ده اللي مش ممكن أبداً

ولا ليلة ولا يوم أنا ذقت النوم أيام بعدك

كان قلبك فين وحنانك فين

أنا أنسى جفاك وعذابي معاك ما نساش حبك

أنساك ده كلام

أنساك يا سلام

وأحب تاني ليه وأعمل في حبك إيه

دا مستحيل قلبي يميل ويحب غيرك أبداً

اهو ده اللي مش ممكن أبداً

ذكريات حبي وحبك مانسهاش

هي أيامي اللي قلبي فيها عاش

فيها أحلامي قلتها وحققتها لي

وفيها أحلامي لسه أنا ما قلتهاش

اللي فات من عمري كان لك من زمان

واللي باقي منه جاي لك له أوان

وأحب تاني ليه واعمل في حبك إيه

دا مستحيل قلبي يميل ويحب غيرك أبداً

اهو ده اللي مش ممكن أبداً

كان لك معايا أجمل حكاية في العمر كله

سنين بحالها ما فات جمالها على حب قبله

سنين ومرت زي الثواني في حبك انت

وان كنت اقدر أحب تاني احبك انت

كل العواطف الحلوة بينا

كانت معانا حتى في خصامنا

وازاي تقول أنساك وأتحول

وأنا حبي لك اكتر م الأول

وأحب تاني ليه واعمل في حبك إيه

دا مستحيل قلبي يميل ويحب غيرك أبداً

اهو ده اللي مش ممكن أبداً

****

كان من عادة أم كلثوم أن تطلع على كل جزء يقوم الملحن بتلحينه، لتجرب بصوتها الكلمات مع اللحن، فإذا ما كانت هناك كلمة لا تستسيغها طالبت الشاعر بتغييرها على الفور، أو إذا ما كانت هناك جملة لحنية لا تتناسب وطبقة صوتها طالبت الملحن بتغييرها على الفور.

فيما كانت أم كلثوم تلقي الكلمات بصوتها، كان الشيخ سيد ينصت باستمتاع لم يسبق له مثيل،  أعجبته الكلمات بشكل كبير، لكنه أعجب واستمتع بصوت أم كلثوم أكثر، كأنه يسمعه للمرة الأولى، فضلاً عن ميزة أن يجلس وحيداً معها، لا يبعدهما عن بعضهما البعض سوى عدة سنتيمترات.  

منذ تزوج الشيخ سيد، جرى العرف أن يكون بمفرده وهو يعمل، يجلس وحيداً يحتضن عوده، ويطلق لروحه وفكره العنان، ليسبح في عالم الأنغام، غير أنه عندما جلس ليلحن «أنساك» حرص على أن تجلس زوجته إلى جواره، خصوصاً أنهما ينتظران حادثاً سعيداً. حرص الشيخ سيد أن تصل نغماته إلى وليده وهو لا يزال في رحم أمه:

= تصدق... الأول كنت فاكره أنهم بيحطوا حاجة معينة في الميكرفونات تكبر صوت أم كلثوم بالشكل اللي بيظهر به دا... علشان يبقى قوي كدا.

* يحطوا إيه؟! دا يتخاف على الميكرفونات من صوتها. دا بسم الله ما شاء الله حاجة مش طبيعية. لكن اللي بنسمعه في الحفلات أو في الراديو كوم ولما تقعدي معاها وجها لوجه وتسمعيها كوم تاني. والأهم من دا ودا... يا بخته فعلاً اللي يسمع أم كلثوم الساعة تسعة الصبح.

= اشمعنى الساعة تسعة الصبح يعني؟!

= احنا طول اليوم ممكن نسمع صوت العصافير بتزقزق... لكن بتفرق كتير لما نسمع زقزقتها مع ضوء الفجر. أول ما بتصحى من النوم... فيه تشبيه تاني بيحضرني دلوقت. طبعاً كلنا بنحب العيش البيتي البلدي بتاعنا... لكن يا سلام لما الواحد يكون واقف جنب الفرن يستنى أول رغيف يخرج طازة... بيكون طعمه زي الشهد... دا مع الفارق في التشبيه.

= الله... يا بختك يا أبو السيد.

الثأر

في اللقاء الثاني عزف الشيخ سيد ما انتهى من تلحينه، وكادت أم كلثوم تطير من الفرح، غنت ما قام بتلحينه، ولم تبد اعتراضاً على شيء على غير عادتها، غير أن عقل الشيخ سيد كان حاضراً... وأراد أن يتدخل حتى لو لم يرض عن ذلك قلبه:

= هايل يا شيخ سيد... رائع فعلاً. مقدمة هايلة وداخلة جديدة وإحساس غير طبيعي بالكلمات وطبقات صوتي.

* ربنا يجبر بخاطرك يا ست الكل.

= يلا ما تشوقنيش أكتر من كدا. أنا في انتظار بقية الأغنية.

* أيوا يا ست الكل تحت أمرك. بس احنا ما تكلمناش في الأجر.

= أجر!! ماله الأجر؟ ما أكيد انت هتاخد أجر... ثم في حد يلحن لأم كلثوم ويتكلم في أجر يا شيخ سيد. دا كفاية أوي أنك هتلحن لأم كلثوم.

* طبعاً دا شيء يشرفني ويزيد من قدري... لكن اعذريني في صراحتى يا ست الكل... الكلام دا ما يمشيش عند البقال ولا الجزار.

= إيه الكلام اللي بتقوله دا يا شيخ سيد؟ أنا يتقالي البقال والجزار.

* أنا قلت لك يا ست الكل اعذريني على صراحتي.

غضبت أم كلثوم... واتخذت موقفاً سريعاً بسحب الأغنية من الشيخ سيد، وعلى رغم حزنه على ذلك، فإنه شعر بزهو وفخر أنه تعامل مع كوكب الشرق بمنطق الموسيقار الكبير، وليس الشاب الذي يبحث عن فرصة، حتى لو كانت فرصة عمره.

طلبت أم كلثوم من الموسيقار محمد فوزي أن يقوم بتلحين الأغنية، غير أنه اعتذر بذوق ولباقة لانشغاله بأكثر من لحن لفيلم سينمائي جديد، غير أنه أشار عليها بملحن اعتبره هدية ثمينة يهدي بها أم كلثوم... عهد إليها بالملحن الشاب بليغ حمدي، الذي قام بتلحين الأغنية، لكن يبدو أن أم كلثوم أوحت للملحن الشاب ببعض النغمات التي وضعها الشيخ سيد، فخرج اللحن، خصوصاً المقدمة والمقطع الأول من الأغنية قريب الشبه بما وضعه الشيخ سيد:

أنساك... ده كلام

أنساك يا سلام

اهو ده اللي مش ممكن أبداً

ولا أفكر فيه أبداً

دا مستحيل قلبي يميل ويحب غيرك أبداً

أهو ده اللي مش ممكن أبداً

ولا ليله ولا يوم أنا ذقت النوم أيام بعدك

كان قلبك فين وحنانك فين

أنا أنسى جفاك وعذابي معاك مانساش حبك

أنساك ده كلام

أنساك يا سلام

أذيعت الأغنية، وحققت دويا كبيراً لدى جمهور كوكب الشرق، من المحيط إلى الخليج، غير أن الشيخ سيد شعر بحزن شديد عندما استمع إلى الأغنية، وشعر به أكثر صديقه المقرب صلاح جاهين، الذي كان أول من استمع إلى بواكير اللحن، ومن دون أن يشكو الشيخ سيد، ومن دون أن يبدي صلاح أي رد فعل، قام برسم كاريكاتور في «جريدة الأهرام»، رسم فيه راديو ينبعث منه صوت أم كلثوم وهي تقول: أهو دا اللي مش ممكن أبدا ولا أفكر فيه.

ورسم إلى جوار الراديو شخصاً ينظر إليه ويقول: أهو دا اللي مش لحنك أبدا... يا بليغ.

كان بليغ حمدي قد غضب وشعر بإساءة، إلا أن ذلك لم ينتقص من قدره كموسيقار موهوب موهبة نادرة، كما لم يقلل ذلك من الجهد الرائع الذي بذله في تلحين الأغنية، التي أصبحت واحدة من أروع ما شدت به أم كلثوم، والتي غضبت أكثر مما غضب بليغ، وشعرت بأن الشيخ سيد هو من وراء ذلك، فزاد هذا الموقف الأمر تعقيداً... وأصبحت هناك قطيعة بينها وبين الشيخ سيد.

على رغم أن عقل سيد مكاوي أبدى ارتياحاً لما قام به، فإن قلبه حزن بشكل كبير على ضياع هذا اللقاء الذي من المؤكد أنه سيكون فارقاً في مشواره الفني، ولا يضمن أن يتكرر، خصوصاً وأن أم كلثوم تخطت الستين من عمرها.

فرحة العمر

لم يخرجه من هذه الحالة إلا فرحته الكبرى التي لم تدانها إلا فرحته بوصول أول مولود له. جاءت أنثى أطلق عليها اسم «إيناس»، وأوفت والدته بوعدها، فكانت عيناه اللتان رأى بهما أول مولودة له.

استقبلها الشيخ سيد على يديه... أخذها ضمها إلى صدره... وضع رأسها على قلبه لتسمع دقاته، ثم رفعها ووضع أذنها اليمنى أمام فمه، وراح يؤذن آذان الصلاة، ثم انتقل إلى الأذن اليسرى وأذن فيها آذان إقامة الصلاة.. ثم قبلها من جبينها وأعادها إلى أمها.

كاد عقل الشيخ يطيش فرحا لإحساسه بأنه أصبح أباً لأجمل طفلة في الدنيا. قرر أن يطعم أهالي «حي الناصرية» جميعاً، فذبح الذبائح ووزَّع لحومها على الأهالي، لا فرق بين محتاج وبين مستغن، فلم ينقطع عنهم يوماً، ليس لأنه يحرص يومياً على زيارة والدته في حي عابدين، والبقاء عندها أحياناً حتى بزوغ الفجر، لا ينسى أن يمر على فقراء الحي شهرياً ليعطي كلاً منهم ما ربطه له من راتب شهري، حتى إن بعضهم جاوز ذلك إلى ما هو أبعد:

= عيالي أمانة في رقبتك يا شيخ سيد... والنبي تاخد بالك منهم لما أموت.

* ما تشيلش هم يا شيخ حسن. اتوكل انت على الله ما تعطلش نفسك.. وما لكش دعوة بالعيال.

= أنا بتكلم جد والله يا شيخ سيد.

* وأنا برضه بتكلم جد والله... ما تشيلش هم.

لم تغير الشهرة أو الفلوس شيئاً في الشيخ، فلم يغير من عاداته القديمة ولا اقترابه من الناس.

عاد الشيخ سيد إلى أعماله وألحانه، وانهالت عليه العروض من كبار المطربين والمطربات، وزاد من ذلك ما انتشر في الوسط الغنائي من أنه اختلف مع أم كلثوم ورفض استكمال تلحين أغنية «أنساك» فتهافتت عليه طلبات التلحين من كل من صباح وشادية وفايزة أحمد وشريفة فاضل، شهر زاد، محمد قنديل، محمد عبد المطلب، وغيرهم كثيرون، فضلا عن لجوء الإذاعة إليه في الكثير جداً من أعمالها الإذاعية، خصوصاً المقدمات الغنائية للمسلسلات، فقدم مقدمة مسلسل «الشاطر عوكل» تأليف عبد الرحمن شوقي وبطولة أمين الهنيدي، محمود المليجي وسعيد صالح وصفاء أبو السعود ومديحه حمدي، إخراج أمين بسيوني.

يوما بعد يوم ازدادت العلاقة بين الشيخ سيد وصلاح جاهين قوة، ليس على مستوى التعاون الفني بينهما فحسب، لكن الأهم على المستوى الإنساني، لدرجة أن صلاح جاهين لم يفكر في غضب أم كلثوم منه ومقاطعتها له أيضاً بسبب الرسم الكاريكاتوري الذي رسمه، وأن ذلك سيترتب عليه أنها لن تأخذ منه أغاني مجدداً، وهو ما لم يفاتح فيه الشيخ سيد صديقه في حينه، وتحين جلسة خاصة بينهما بعيداً عن العمل وسأله عنه:

= انت بتتكلم إزاي يا شيخ سيد. المواقف ما تتجزأش. وبعدين اللي عملته دا مش لأنك أخويا وحبيبي سيد مكاوي... لا. أنا كنت هعمل دا لو كان بليغ هو اللي مكانك وكمال الطويل ولا الموجي... خصوصاً أنا كنت حاضر وشاهد على ولادة بداية اللحن.

* أيوا بس ما فكرتش أن دا ممكن يزعل أم كلثوم ويخليها تاخد موقف منك... وما يبقاش في تعاون بينكم تاني؟

= بصراحة ما فكرتش. أنا لما الدم بيضرب في نفوخي ما بعرفش أنا بعمل إيه. ما يغركش أني أبان طيب وهادي وعامل زيا لعيل الصغير... لكن ساعة ما الثورة تغلي جوايا ما باشوفش قدامي.

* ودا اللي خلاني أحس أن شخصية «بدير» اللي عملتها في فيلم «لا وقت للحب» هو انت صلاح جاهين. زي ما يكون يوسف إدريس كاتبها لك، خصوصاً في المشهد اللي بتطرد فيه فاتن حمامة من بيتك وبتقول لرشدي أباظة أنا راجل صعيدي لما الدم بيضرب في نفوخي ما بعرفش أخويا.

= بالظبط يا أخي... لدرجة أن صلاح أبو سيف ما رضيش يتدخل في الشخصية وسابني أعملها زي ما أنا حاسس.

* ودا يا فللي يخليني أسألك رغم أنك كدا. إلا أني ملاحظ دايما أنك بتسمع مزيكة «باخ» الهادية الرومانسية الناعمة. مع أن اللي زيك غالبا بيسمعوا بيتهوفن... وخصوصاً السيمفونية الخامسة.

= انت عندك حق. بس الحقيقة إن بيتهوفن دا عايز ناس هادية... حياتهم رتيبة... مرفهين. يقوم هو يقولهم بالموسيقى بتاعته قوموا... فوقوا... الدنيا فيها وفيها وفيها... الدنيا مش على أد اللي انتوا عيشينوا. لكن لما يكون واحد منكوش من جواه... واحد ثائر طول الوقت يبقى عايز يسمع اللي يهديه مش يزود ثورته.

* والله تحليل رائع يا أبو صلاح... يا أخي الواحد ما بيعرفش يمسكك من حته أبداً.

= كل دا ومش عارف تمسكني من حته... هاهاها... عموماً سيبك من الكلام دا خلينا في الجد.

* وليه الجد ما تخلينا في الهزار أحسن.

= طب أمسك آدي الأوبريت خلص يا سيدي اسمه «حمار شهاب الدين».

لم يشعر صلاح جاهين لحظة واحدة أنه يتعامل مع رجل كفيف، وربما يعود ذلك إلى الشيخ سيد نفسه، الذي أجبر أقرانه في «الحارة» منذ طفولته، على أن يتعاملوا معه باعتباره لا ينقصه شيء عنهم، وربما زاد عنهم في الذكاء والحيلة والسخرية اللاذعة، فسلك هذا الأسلوب طيلة حياته، ما اضطر كل من تعامل معه، إلى ألا ينظر إليه نظرة شفقة أو إحسان، بل ندية شديدة.

أمسك الشيخ سيد الورق المكتوب من صلاح جاهين ورفعه إلى مستوى عينيه... وبدا كأنه يقرأ منه... مرت لحظة صمت، ولم ينتبه صلاح لما يفعله، وما إن تنبه إلى ذلك حتى دهش، ومرت ثوان ظن فيها أن الشيخ سيد يقرأ من الورق بالفعل، وقبل أن ينطق بكلمة واحدة، فاجأه الشيخ سيد بقوله: يا أخي مئة مرة قلت لك ابقى أكتب شغلك على الآلة الكاتبة... خطك مش واضح.

صمت بعدها الشيخ سيد. نظر إليه صلاح جاهين، لم تزل دهشته، بل زادت من هذه التركيبة الإنسانية المبهرة... ثم انفجرا في الضحك معاً.

(البقية في الحلقة المقبلة)