استضافت جمعية الخريجين الكويتية ظهر أمس المؤتمر الصحافي الذي عقدته المنظمة الدولية لمراقبة حقوق الإنسان «هيومن رايتس ووتش» لعرض تقريرها العالمي حقوق الإنسان خلال عام 2012، مع التركيز على بحوث المنظمة الخاص بدولة الكويت.

Ad

وأكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د. غانم النجار أن عرض التقرير العالمي لحقوق الإنسان الخاص بكل دولة على حدة خلال مؤتمر صحافي عادة حميدة ابتدعتها المنظمة الدولية لمراقبة حقوق الإنسان، لافتا إلى أنه في السابق كانت تقام مؤتمرات صحافية محدودة لعرض التقرير في دول بعينها، لكنه منذ سنتين بدأت فكرة عقد المؤتمرات الصحافية لعرض التقرير في كل دولة.

هامش حرية

وأشار النجار إلى أن عرض تقرير حقوق الإنسان الخاص بأي دولة ليس بالمهمة السهلة، لا سيما أن المنظمة تعرضت لبعض المشكلات من قبل بعض الدول التي يعرض فيها التقرير، مؤكدا أنه في الكويت لا يزال هناك هامش من الحرية والحركة يتسنى معه اعلان واقعها في مجالات حقوق الإنسان، موضحا أن هدف المنظمة ليس كما يتصور البعض، هو اسقاط الأنظمة الحاكمة، لا سيما أن «هيومن رايتس» لا تشتغل أو تنشغل بالمسائل السياسية، لافتا إلى أن ثمة خيطا رفيعا بين عملها وبين الاشتغال بالأمور السياسية يجعل دائما هناك هاجس لدى البعض.

وأكد النجار أن الكويت أكثر دول العالم قابلية للإصلاح والتغيير إلى الأفضل، مشيرا إلى أنه عقب انهاء الاحتلال الصدامي الغاشم على البلاد فرضت الأحكام العرفية في البلاد مدة 3 أشهر، ثم مددت فترة شهر واحد اضافي فقط، وهذه مدة قصيرة جدا في بلد تم اغتصابه كاملا ازاء فترة الغزو، مبينا أن الأحكام العرفية وقوانين الطوارئ تستمر عشرات السنين في بعض الدول.

انتكاسة حقوق الإنسان

من جانبه، قال نائب رئيس قسم الشرق الأوسط في المنظمة نديم حوري «إن أوضاع حقوق الإنسان في الكويت تعرضت لانتكاسة خلال عام 2012، فقد القت الأزمة السياسية المستمرة في البلاد ظلالها السلبية على حقوق الإنسان، حيث استخدمت قوات الأمن قوة مفرطة لتفريق المتظاهرين البدون المحرومين من الجنسية، المتظاهرين ضد الحكومة في مناسبات عدة، وباتت الحكومة غير متسامحة مع الآراء المعارضة، فضلا عن فرض السلطات حظرا قصريا على التظاهر في أكتوبر الماضي».

وأضاف «وجه ممثلو النيابة العامة الاتهام إلى 35 شخصا على الأقل، منهم نشطاء الكترونيون وأعضاء سابقون في البرلمان، باقترافهم جرائم متعلقة بحرية التعبير مثل إهانة الأمير، وإساءة استخدام أجهرة الكترونية، ونشر تعليقات على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، أو القاء الخطب في التظاهرات المعارضة للحكومة»، مناشدا الحكومة إلغاء مادة المساس بالذات الأميرية، لتعارضها مع الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الكويت في شأن حرية التعبير عن الرأي، وتنافيها مع تاريخ الكويت في حماية حقوق الإنسان، فضلا عن ضرورة إسقاط جميع التهم المذكورة آنفا.

استخدام قوة مفرطة

وذكر حوري أن حكومة الكويت استخدمت القوة المفرطة، والغاز المسيل للدموع، والقنابل الصوتية، لتفريق أربع تظاهرات على الأقل بين شهري أكتوبر وديسمبر الماضيين من عام 2012، فضلا عن ضرب المتظاهرين أثناء تفريقهم، مشيرا إلى أن الحكومة بررت ذلك بقيام المتظاهرين بقطع الطرق ورشق الشرطة بالحجارة، موضحا أن ثمة تحقيقا أجرته «هيومن رايتس» أظهر أن بعض المتظاهرين حاولوا تحطيم الحواجز الحديد التي نصبتها قوات الأمن حول موقع التظاهر في إحدى التظاهرات، إلا أن قوات الأمن في الحالات الأخرى استخدمت الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية، دون إنذار مسبق لتفرق المتظاهرين، وضربت المحتجين أثناء توقيفهم.

وفيما يخص «البدون»، قال حوري «إن السلطات دأبت طوال العام على منعهم من تنظيم التظاهرات، كما قدمت الحكومة خطة لتقسيمهم إلى أربع فئات بناء على عوامل مثل مشاركة العائلة في إحصاء 1965 من عدمه، أو تأدية الخدمة في الجيش أو الشرطة، ورغم ذلك لم يكن هناك أي تقدم في منح الجنسية خلال العام الماضي»، مشيرا إلى أنه «في 7 فبراير الجاري، أصدر مجلس الأمة تشريعا يمنح الجنسية لأربعة الاف من البدون، إلا أن هذا التشريع يحتاج إلى موافقة البرلمان في المداولة الثانية، من ثم موافقة سمو أمير البلاد»، مطالبا الحكومة بالإسراع في تسوية مطالبات البدون في الحصول على الجنسية.

العمالة المنزلية

 

أما فيما يخص العمالة المنزلية فأشار حوري إلى أن الحكومة صوتت على اعتماد اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 189 في شأن العمل اللائق للعمالة المنزلية (الخدم)، التي تضع معايير عالمية للعمل المنزلي، إلا أن الحكومة لم تتخذ أية خطوات للتصديق على الاتفاقية أو تحسين معاملة قرابة 660 الف من العمالة المنزلية.

وأضاف انه «خلال عام 2010، مررت الحكومة قانون العمل في القطاع الأهلي، الذي حدد ساعات العمل للوافدين واجازاتهم ومكافآتهم، إلا أن القانون استثنى العمال المنزليين الذين يعملون ويعيشون داخل منازل أصحاب أعمالهم، ويشكو كثير منهم طول ساعات العمل دون راحة، فضلا عن عدم الحصول على الأجر لشهور أو سنوات، إضافة إلى استمرار تعرض الخادمات إلى الأذى الجنسي واللفظي والبدني»، مناشدا حكومة الكويت الوفاء بالتزاماتها في حماية حقوق العمالة المنزلية، وإصلاح قوانينها بما يتماشى والمعايير الدولية.

التشبه بالجنس الآخر

من جانبه، قال الباحث المتخصص في شؤون الكويت والبحرين في «هيومن رايتس» مريوان حمه «إن هناك قرابة 106 الاف على الأقل من البدون يعيشون في الكويت، بعد فترة تسجيل للجنسية الكويتية انتهت عام 1960، ونقلت السلطات طلبات الجنسية التي يقدمها البدون إلى مجموعة متوالية من اللجان الإدارية التي عملت على تفادي تسوية هذه الطلبات»، لافتا إلى أنه وفقا لنشطاء كويتيين هناك قرابة 180 من البدون وأصحاب الجنسية الكويتية حوكموا بناء على اتهامات مثل المشاركة في تجمهر غير قانوني، ومقاومة وإهانة وتهديد الشرطة، وتدمير الممتلكات، خلال مشاركاتهم في تظاهرات عامي 2011 و2012.

وأضاف حمه «ذكر التقرير أن الشرطة أوقفت مئات الشبان خلال العام الماضي على أسس غير موضوعية مثل التشبه بالجنس الآخر، وممارسة طقوس عبدة الشيطان، والانخراط في سلوك فاسق، وأنشطة غير اخلاقية والدعارة والمثلية الجنسية، وتم القاء القبض على الكثيرين من هؤلاء أثناء مداهمات لبيوت خاصة».

النجار: تسمية «البدون» بالمقيمين بصورة غير قانونية تخلف وتهاون

أكد النجار أن إصرار الدولة على تسمية «البدون» بالمقيمين بصورة غير قانونية أمر في غاية التخلف والتناقض، متسائلا: كيف هم مقيمون بصورة غير قانونية ويتم التعامل معهم، ومنحهم أوراقا ثبوتية؟، مشيرا إلى أن اصرار الدولة على هذه التسمية مخالفة صارخة للقانون، مستغربا هؤلاء العباقرة الذين روجوا لهذا المسمى المهترئ، معتبرا أن الإصرار على هذه التسمية سخف وضعف وتهاون من السلطة.