استطاع عمالقة الفن الكويتي عبدالحسين عبدالرضا والمصري عادل إمام والسوري دريد لحام التحليق عاليا في سماء الإبداع الفني العربي، من خلال الأداء اللافت لهم في أعمالهم الدرامية التلفزيونية على الشاشة الرمضانية.

Ad

تلمس المشاهد منذ بداية الحلقة الأولى للمسلسل الكوميدي "أبو الملايين"، حضور الفنان القدير عبدالحسين عبدالرضا العائد بقوة إلى الشاشة الرمضانية بعد غياب قسري، بسبب عارض المرض الذي ألم به، والبقاء بعيدا عن المشاركة في الأعمال الدرامية، بسبب خضوعه للعلاج ثم فترة النقاهة.

وأطلق عبدالحسين العنان لفصاحته الكوميدية، راوياً عطشه بعد طول الغياب، بمفردات الألق الفني، مزيحا الستار عن نجومية جديدة، لكن من النوع العبق بالخبرة والكاريزما التي لم تأفل.

ويعتبر الأداء المتميز لعبدالحسين في الحلقة الأولى مدرسة حقة في أصعب أنواع الدراما ألا وهو الكوميديا، حيث قدّم درساً غير مباشر في كيفية التعامل مع عمل كوميدي، الذي يحتاج إلى تقنية عالية في الأداء، ومقدرة على التلقائية وسرعة البديهة في الموقف الكوميدي.

والكوميديا كما أسلفنا صعبة، وهي تعتمد على عملية الإضحاك، وهذا لن يتحقق إلا بتوافر مقومات صناعة العمل الكوميدي، وهي المبالغة سواء بالشكل أو باللغة أو بالحركة أو باجتماع كل هذه العناصر، إضافة إلى ذلك اقترب عبدالحسين إلى المشاكل الاجتماعية والسياسية الواقعية التي تهم الشارع الكويتي من حيث الإسقاطات، وأحيانا تفوه بها مباشرة، عبر شخصية "صقر بومنقار".

أداء متميز

أما الفنان القدير عادل إمام فقد قدّم جل خبرته في عالم الكوميديا مع نضجه الفني في مسلسل "العراف"، مبديا مقدرة رائعة على التعامل مع الكاميرا، والأداء المتميز بين الكوميديا والتراجيديا، بشخصية نصّاب ومحتال له عدة أسماء ومهن، لواء شرطة ومحام وسفير وطبيب، ينتهي به المطاف إلى السجن على يد اللواء سامح (حسين فهمي)، ثم تحدث ثورة 25 يناير ويقتحم مسلحون السجن لإخراج رفاقهم ومن معهم.

ويبدأ إمام مرحلة أخرى في ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية، بعدها ينسحب لمكاسب مالية مقابل ابتعاده، ويُعلن عن وفاته، ليكتشف أبناؤه في ما بعد أنه حي يرزق، إذ ادعى التدّين واعتزل حياة الماضي التي أمضاها في النصب والاحتيال، ويعمل موظفاً في البنك المركزي باسم صديقه، ويهم الجميع لرؤية والدهم ليتضح لهم انها خطة نفذها لسرقة البنك المركزي.

وفي "العرّاف" نستطيع القول إن عادل إمام قد صنع كوميديا جديدة معتمدة على مفارقات واقعية اجتماعية وسياسية.

عبق الشام

ونأتي إلى الفنان القدير دريد لحام وشخصية "نجيب – أبو سامي"، في مسلسل «سنعود بعد قليل الرجل الذي يحمل عبق الشام، ترافقه شنطته التي يجرها معه وأكياس الحلوى (القضامة بالسكر)، يرحل بها من مكان إلى آخر ليزور أبناءه الستة في لبنان، دون أن يخبرهم بوصوله إلى بيروت، متأملا أن يعود الجميع إلى بيته الدمشقي ليحدث لم الشمل، هذا المنزل ضمهم وهم صغارا، ترعرعوا فيه إلى أن أصبحوا كبارا، ويطلع بين تارة وأخرى أجمل الذكريات والصور الفوتوغرافية التي تشمل أسرته وزوجته وفاء المتوفية، وهي سلاحه الذي يستخدمه ضد الواقع الحاضر.

واجاد لحام دوره باحترافية عالية، ودغدغ المشاعر، تجاه ما يحس به كل أب حنون تجاه أبنائه، من الخوف عليهم، كما خوفه على الوطن الجميل من الكارثة.

خلاصة القول، كنا أمام عمالقة وأهرامات فنية تستحق أن تنال حقها من مفردات الإشادة، لمحافظتها على ألقها الفني، والأداء المحترف.