وسط حالة من الهدوء النسبي، شهد الشارع السياسي المصري أمس زخماً بعد أن أصدر الرئيس محمد مرسي مساء أمس الأول قرارا جمهوريا بدعوة الناخبين إلى اختيار أعضاء مجلس النواب على أربع مراحل، ضارباً بعرض الحائط مطالب معارضيه بتأجيل الانتخابات حتى الاستقرار على مخرج من الأزمة السياسية التي تعيشها مصر منذ مطلع العام الحالي.

Ad

وبحسب قرار مرسي فإن، المرحلة الأولى ستنطلق يومي السبت والأحد ٢٧ و٢٨ أبريل المقبل، على أن تجرى المرحلة الرابعة والأخيرة يومي ١٩ و٢٠ يونيو المقبل، حتى يتسنى دعوة مجلس النواب الجديد للانعقاد بكل تشكيلة المنتخب يوم السبت الموافق ٦ يوليو المقبل.

ولم يصدر مرسي قراره إلا بعد أن تسلم نصيّ قانونيّ الانتخابات التشريعية وتنظيم مباشرة الحقوق السياسية من رئيس مجلس الشورى أحمد فهمي، بعد انتهاء أعضاء المجلس من الموافقة على التعديلات التي طلبتها المحكمة الدستورية العليا، وكان لافتاً عدم إصدار مرسي قراره بدعوة المصريين إلى الانتخاب، إلا بعد لقاء جمعه بوزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي مساء أمس الأول بمقر الرئاسة المصرية، في لقاء كان الغرض منه رأب الصدع بين مؤسسة الرئاسة والجيش.

مشاركة أم مقاطعة

وبينما كشف القيادي بحزب "النور" شعبان عبدالعليم لـ"الجريدة" عن أن الحزب لايزال يدرس المقاطعة أو المشاركة في الانتخابات، أكد عضو الهيئة العليا لحزب "الحرية والعدالة" الذراع السياسية لجماعة "الإخوان المسلمين" ناجي ميكائيل، أن تقسيم العملية الانتخابية على أربع مراحل يأتي في إطار حرص الرئاسة على وجود الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات، وتحسباً لأي طارئ قد يظهر نتيجة بعض دعوات القضاة لمقاطعة الإشراف عليها.

ولم تحسم جبهة "الإنقاذ الوطني" موقفها من المشاركة في الاستحقاق بعد، إلا أن قيادات بها أكدت عدم خوضها للانتخابات إلا بعد تلبية الرئيس، لشروطها الخاصة بنزاهة العملية الانتخابية.

المنسق العام للجبهة ورئيس حزب "الدستور" محمد البرادعي هاجم في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" قرار تحديد موعد الانتخابات، قائلا: "إصرار مرسي على التوجه لانتخابات برلمانية وسط استقطاب مجتمعي وتآكل سلطة الدولة، وصفة لكارثة".

وبينما توقع عضو الجبهة ورئيس حزب "المؤتمر" عمرو موسى زيادة الانقسام السياسي في البلاد بسبب هذا القرار، قال الأمين العام لجبهة الإنقاذ أحمد البرعي لـ"الجريدة": إن "الكلام عن الانتخابات في مثل هذه الظروف عبث بمصير الأمة، والجبهة لن تشارك في الانتخابات إلا إذا تمت الاستجابة لشروطها".

غضب قبطي

الغضب لم يقف عند السياسيين، بل امتد إلى مسيحييّ مصر بعد أن جاء اختيار مرسي ليوم 27 أبريل موعداً لانطلاق الانتخابات الذي يتزامن مع "أحد السعف"، إحدى المناسبات الدينية المهمة لمسيحيي مصر، فيما تتزامن جولة الإعادة للمرحلة الأولى يوميّ 4 و5 مايو مع سبت النور و"عيد القيامة المجيد"، وهو ما اعتبره منسق جبهة العلمانيين القبطية كمال زاخر "تعمداً لإقصاء الأقباط"، مطالباً القوى الوطنية والسياسية بمقاطعة الانتخابات.

 من جانبها، قالت عضوة المجلس الملي الدكتورة جورجيت قليني إن" الرئيس أكد أن الأقباط ليسوا ضمن أولوياته، وهو منهج غير مستبعد من مرسي الذي تحدى المحكمة الدستورية بتجاهلها، لأنها اعترضت على بعض النصوص".

شبح البطلان

البطلان خيّم على البرلمان المقبل قبل إجراء انتخابات نوابه، وفقاً لقانونيين، بعد قيام مجلس الشورى بتحويل قانونيّ الانتخابات البرلمانية إلى الرئيس دون إرساله مرة أخرى إلى المحكمة الدستورية للتأكد من تنفيذ التعديلات التي طالبت بها. وقالت نائب رئيس المحكمة السابقة تهاني الجبالي لـ"الجريدة": إن "مجلس الشورى لم يلتزم بتعديلات تقرير المحكمة الدستورية، وبالتالي أصبح البرلمان المقبل مهدداً بعدم الدستورية في ما يتعلق بعملية قيد المصريين في الخارج وأداء الخدمة العسكرية".

وهو ما أكده لـ"الجريدة" المستشار نائب رئيس مجلس الدولة محمود زكي، قائلا: "الشورى لم يلتزم بتعديلات المادة الخاصة بأداء الخدمة العسكرية للمرشحين، ما يفتح الباب للطعن على مرشحي المجلس المقبل".

في المقابل، قال الفقيه الدستوري ثروت بدوي إن "الدستور الذي استُفتي عليه الشعب ينص على عدم جواز الرقابة اللاحقة على قانون الانتخابات"، مؤكدا أن القانون الحالي غير مهدد بعدم الدستورية.

ميدانياً، ساد الهدوء الشارع المصري أمس رغم دعوة عدة قوى سياسية وشبابية للمشاركة في مسيرات ضمن فاعليات جمعة "محاكمة النظام"، ولم يتجاوز حجم المشاركة حاجز المئات من المتظاهرين في مسيرات اتجهت صوب مقر النائب العام المستشار طلعت إبراهيم للمطالبة بإقالته، بينما واصل أهالي بورسعيد المشاركة في العصيان المدني لليوم السادس على التوالي، للمطالبة بالقصاص لضحايا الأحداث الأخيرة والتي كان ضحاياها أكثر من 40 شخصا.