بعد ساعات قليلة من اقتراح ميزانية أميركية من شأنها أن تحل محل تخفيضات تلقائية للإنفاق وقع الرئيس باراك أوباما أمرا للحزمة التالية من تلك التخفيضات التي تبلغ 109 مليارات دولار وتشمل برامج الإنفاق العسكري والداخلي للسنة المالية التي تبدأ في الأول من أكتوبر.

Ad

وأعلن البيت الأبيض أن أوباما وقع الأمر الذي من شأنه أن يخفض مخصصات الإنفاق التقديري للسنة المالية 2014 بمقدار 91 مليار دولار إلى 967 مليار دولار وهو أدنى مستوى منذ 2004.

ويلزم القانون أوباما بتوقيع الأمر بعد تقديم ميزانيته المقترحة إلى الكونغرس.

وتعقد لجان الاعتمادات في مجلسي النواب والشيوخ جلسات استماع هذا الأسبوع بشأن كيفية تقسيم الإنفاق التقديري المتناقص بين برامج شتى من التعليم وتطوير الأسلحة إلى المتنزهات الوطنية.

ولم يبذل السياسيون جهودا تذكر لوقف الحزمة الأولى من التخفيضات التلقائية التي تبلغ قيمتها 85 مليار دولار والتي دخلت حيز التنفيذ في الأول من مارس الماضي وقد تؤدي إلى الاستغناء عن مئات الآلاف من الموظفين الحكوميين لفترات مؤقتة.

وأكد أوباما -خلال عرضه للمشروع في البيت الأبيض- حرصه على التوصل إلى توافق مع خصومه. وقال: «نستطيع تنمية اقتصادنا وخفض عجزنا» في الوقت نفسه.

ونص مشروع الميزانية على خفض العجز بمقدار 1.8 تريليون دولار على مدى عشر سنوات، موضحا أن ثلثين منها سيكونان من الاقتطاعات، وثلثا من العائدات الجديدة.

وأكد الرئيس الأميركي أن هذا المبلغ -مضافا إلى إجراءات خفض العجز الأخرى التي سبق الاتفاق عليها مع خصومه- سيتيح للدولة تجاوز هدف خفض العجز المقدر بنحو أربعة تريليونات دولار، لتحقيق الاستقرار للميزانية بطريقة متوازنة ومسؤولة على مدى العقد القادم، وبما يضمن تحسن الاقتصاد الأميركي.

وذكر أن المشروع يدعو للاستثمار في البنى التحتية والتعليم، وهو ما من شأنه أن يحل محل الاقتطاعات التي دخلت حيز التنفيذ في الأول من الشهر الماضي نتيجة عدم الاتفاق في الكونغرس.

ووضع المشروع على أساس عجز بمقدار 744 مليار دولار، وهو ما يشكل 4.4 في المئة من إجمالي الناتج المحلي مقابل 5.5 في المئة متوقعة لهذه السنة. وحسب مشروع الميزانية المقدم، فإن معدل النمو المتوقع سيكون 3.2 في المئة، ومعدل البطالة 7.2 في المئة.

وفي محاولة -على ما يبدو- للتقليل من اعتراض الجمهوريين المعارضين لأي زيادة ضريبية، عرض أوباما بعض التنازلات، وخاصة في مجال البرامج الاجتماعية التي طالما حرص هو وحزبه على تبيان الاهتمام بها وتوسعة الإنفاق عليها.

انتقاد واعتراض

وتعليقا على مشروع الميزانية، اعتبر رئيس مجلس النواب الجمهوري جون بوينر أن «الرئيس يستحق الاعتراف له بإصلاحات محدودة في البرامج الاجتماعية». غير أنه حذر من فكرة «جعل هذه الإصلاحات المتواضعة» رهينة لطلباته بزيادة الضرائب، مشيرا إلى أن ذلك «خط أحمر».

كما اعتبر زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل أن خطة أوباما «ليست جادة».

ومن جانبه، اعترض الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي على تخفيض النفقات على البرامج الاجتماعية، وأكد السيناتور الديمقراطي برني ساندرز أنه سيبذل كل ما في وسعه «لتجميد خطة أوباما».

تجدر الإشارة إلى أن الكشف عن مشروع الميزانية يأتي بعد شهرين من الموعد المحدد وفقا للقانون.

وبرر البيت الأبيض التأخير بالمواجهات بين الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس بشأن القضايا المالية منذ إعادة انتخاب أوباما في نهاية 2012.

وعرض وزير الخارجية الأميركي جون كيري مشروع ميزانية 2014 لوزارته مع تراجع بنسبة 6 في المئة، لتصل إلى 47.8 مليار دولار، مع تراجع كبير لنفقات العراق وأفغانستان وزيادة في نفقات آسيا والشبكة الدبلوماسية.

ودافع كيري عن المشروع المؤقت لميزانية وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية للفترة من الأول من أكتوبر 2013 إلى 30 سبتمبر 2014، بأن الدبلوماسية والمساعدة على التنمية هامة وتتيح تفادي تدخلات عسكرية مكلفة.

وكتب في رسالة وجهها إلى الكونغرس «إن عملنا في كل مكان من العالم من أجل تفادي النزاعات اليوم سيساعدنا على عدم الاضطرار لنشر قوات غدا».

والتراجع بنسبة 6 في المئة احتسب بالتالي قياسيا إلى ميزانية 2012 وهدف إلى احترام التوازن بين الانضباط المطلوب من واشنطن في الميزانية والطموح بإبقاء الولايات المتحدة أكبر قوة دبلوماسية في العالم، بحسب الوزارة.

والملف الذي شمله أكبر قدر من التخفيض هو المساعدة غير العسكرية التي تقدمها وزارة الخارجية الأميركية للعراق وأفغانستان التي بقيت مع ذلك عند 1.7 مليار، و3.1 مليارات دولار على التوالي وتشمل مساعدة على التنمية ومساعدة اقتصادية ودعم المؤسسات الديمقراطية والمجتمع المدني وتدريب قوات الأمن ومكافحة المخدرات.

وفي الوقت الذي غادرت فيه القوات الأميركية نهائيا العراق في نهاية 2011 وتستعد فيه للانسحاب من أفغانستان نهاية 2014، أكد كيري أنه «حتى وإن كنا نطلب أموالا أقل من السنوات الماضية فإن الالتزام الأميركي لن يضعف» في البلدين.

في المقابل فإنه بالنسبة لمنطقة آسيا والمحيط الهادي التي هي في قلب سياسة «إعادة التوازن» الخارجية للرئيس باراك أوباما، شهد مشروع الميزانية زيادة بنسبة 7 في المئة عند 1.2 مليار دولار مخصصة أساسا لجنوب شرق آسيا.

من ناحية أخرى، قال مراقب وزارة الدفاع الأميركية إن الوزارة تتوقع خفض قوة العمل المدنية لديها التي تبلغ زهاء 800 ألف شخص بما يتراوح بين 40 و50 ألف موظف في السنوات الخمس القادمة يجري تخفيض معظمهم تدريجيا مع غلق قواعد ودمج منشآت للرعاية الصحية.

وقال وكيل الوزارة روبرت هيل مراقب البنتاغون إنه جرى ربط خفض العاملين بخطط البنتاغون لإغلاق القواعد الزائدة عن الحاجة ودمج منشآت الرعاية الصحية وهي خطط يتعين أن يقبلها الكونغرس قبل تنفيذها.

(رويترز)

لم يبذل السياسيون الأميركيون جهوداً تذكر لوقف الحزمة الأولى من التخفيضات التلقائية البالغة 85 مليار دولار، التي دخلت حيز التنفيذ في مارس الماضي، وقد تؤدي إلى الاستغناء عن مئات الآلاف من الموظفين الحكوميين فترات مؤقتة.