الإرادة السياسية

نشر في 22-10-2013
آخر تحديث 22-10-2013 | 00:01
 علي البداح ونعني بها توفر النية لدى الحكومة واختيارها لعمل شيء ما لمصلحة البلد، فالأمور في الكويت ستواصل التدهور ما لم تتوافر الإرادة السياسية للإصلاح، فلا يمكن لبلد، أي بلد، أن يتطور ويتجدد ويصل إلى المكانة التي يتطلع إليها شعبه بدون توجه الإرادة السياسية للإصلاح.

وفي بلدان العالم الثالث حيث لا مجال لتداول السلطة، ولا نظام ديمقراطيا حقيقياً، ولا مجال للمحاسبة، فإن الإرادة السياسية إن غابت أو نامت أو تركت الأمور للمفسدين والمتنفذين وأصحاب المصالح، فإن البلاد تضيع وتندثر مهما ملكت من أموال أو موارد.

كل دول العالم تتقدم للأمام إلا الكويت فهي في تراجع وتدهور مستمرين، يعتقد قادتها أن زيادة المرتبات وقدرة الناس على الصرف والسفر والاستمتاع بكل أنواع الاستهلاك هما غاية الغايات ولا داعي لعمل أي شيء آخر لحاضر البلد ومستقبله.

ويكفي الناس أن يعيشوا يومهم ببحبوحة وينعموا بكل جهاز جديد، أما المستقبل وإعداد البلاد لمرحلة ما بعد النفط، فأمره متروك لله.

أما كيف ندير؟ وكيف نختار مشروعات المستقبل؟ وكيف نوقف النهب والسلب وتراجع كل مؤشرات الأداء في البلاد فهذه ليست من اختصاص الناس ولا داعي للتفكير فيها، فخيرات البلد كثيرة والمرتبات تزيد، ولا داعي للقلق اليوم ولا تزعجوا أنفسكم بالمستقبل؟

لو أراد رئيس الحكومة أن يكتب اسمه في تاريخ البلاد بأنه الذي غيَّر وجه الكويت ووجهة النظام فيها لمصلحة البلاد وأهلها، فإنه لا يحتاج إلى شيء غير القرار، كل الإمكانات المادية والبشرية متوافرة، ولو اتخذ قراراً جاداً بالإصلاح والتطوير لوجد كل الناس معه.

بإمكانه ضرب الفساد وتخليص البلاد منه بقرار شجاع يعاقب أي لص أو نصّاب يتلاعب بمقدرات الأمة.

بإمكانه هذا اليوم لو أراد أن يأمر وزراءه بشطب أي مورد لبضاعة أو مقدم لخدمة سيئة للحكومة أو أي مقاول بنى مشروعاً وفشل أو أعيد ترميمه بعد فترة قصيرة معتمداً على مؤشرات الدول المتقدمة في أفضل الأداء، فإن كماً هائلاً من الفساد يمكن أن يقضي عليه.

ولو أكد لوزرائه أنه لا أوامر تغييرية لأي مشروع ينفذ في البلاد، وأن عليهم التأكد من الاحتياجات والشروط قبل طرح المناقصات وطلب أفضل المواصفات في المواد ومستوى العمالة وإلا فإن الجهة التي طرحت المناقصة ستطرد من وظائفها وتغرم لو خالفت... لو حصل هذا لوفرت الدولة مليارات تضيع هباء في الأوامر التغييرية.

لو أراد رئيس الوزراء أن نلحق بركب العالم المتحضر لاتخذ قرارات بكثير من الدراسات والآراء والأفكار التي قدمت لتطوير التعليم والصحة والخدمة العامة. لا يحتاج رئيس الوزراء إلى إحضار مستشارين دوليين لمساعدتنا على تطوير بلدنا فيكفي ما دفعته البلاد لعشرات المستشارين الدوليين من ملايين وظلت دراساتهم حبيسة الأدراج. كل ما يريده رئيس الوزراء متوافر في مجلس الوزراء وما عليه إلا أن يقر.

الكويت هي البلد الوحيد في العالم الذي يعترف قادته بتفشي الفساد فيه ثم لا يفعلون شيئاً للقضاء عليه.

الكويت هي البلد الوحيد بين دول مجلس التعاون كانت في المقدمة وأصبحت بالمؤخرة. هل ننتظر أكثر للإرادة السياسية أن تتحرك؟

لو راجع رئيس الوزراء كل شيء في الكويت في الستينيات وقارنها بما نحن فيه الآن لتحسر على الكويت، ولبكى على مجد أضعناه وبلد لم نصنه... فهل يفعلها ويعيد إلى الكويت مجدها؟

back to top