د. عطية عتاقي: الصوم علاج روحي للأمراض النفسية والعصبية
الصوم فريضة وعلاج روحاني لكثير من الأمراض العضوية والنفسية. يؤكد استشاري الأعصاب والطب النفسي د. عطية عتاقي أن الامتناع عن الطعام والشراب خلال ساعات النهار يعزز الثقة في النفس، ويقاوم التوتر والاكتئاب والعصبية الزائدة، ويساعد على الشفاء من الاختلالات العصبية والنفسية.
ما مدى تأثير الصوم على الوقاية من الاضطرابات النفسية؟
يتميز الصوم بأجواء روحانية وصفاء نفسي، ولا ينحصر في الامتناع عن تناول الطعام والشراب وممارسة الشهوات خلال ساعات الصوم في النهار، ويستعيد الصائم اتزانه العصبي من خلال المشاركة مع أفراد الأسرة وزملاء العمل في أداء تلك الفريضة المباركة، ويتضح الأثر الإيجابي على المرضى النفسيين، لا سيما مرضى الاكتئاب الذين يعانون العزلة ويشعرون أن إصابتهم وضعت حاجزاً بينهم وبين المحيطين بهم.كيف يساعد الصوم على الشفاء من الاكتئاب؟يصيب مرض الاكتئاب 7% من سكان العالم حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، وثمة وسائل عدة لعلاجه، من بينها تعزيز الثقة والتواصل مع الآخرين، وذلك ما يفعله الصوم والتقرب إلى الله تعالى، وشعور الصائم بالاطمئنان والراحة النفسية، فتتحسن حالته المزاجية.هل يؤثر الامتناع عن الطعام والشراب على الجهاز العصبي؟أثبتت التجارب أن الصوم يساعد المريض على تحمل الآلام النفسية والجسدية المصاحبة للاكتئاب، ويعزز الإرادة والتحدي في تحمل مشقة الامتناع عن الطعام والشراب، وتؤكد دراسة حديثة أن الصوم يحسن كفاءة مواد الناقلات العصبية التي تنتج في المخ عند حدوث الألم، وتعيد توازن مادة السيروتونين التي يسبب ارتفاعها الإصابة بالاكتئاب.هل ثمة أمراض نفسية تحتاج إلى التدخل الجراحي؟يندر التدخل الجراحي في الطب النفسي وتعتمده بلاد قليلة، فهو ليس أساسياً في العلاج وإنما في المرحلة الثالثة والرابعة، ويتم اللجوء إلى الجراحة في حال عدم الاستجابة إلى الدواء والعلاجات الأخرى، مثل مرض الوسواس القهري.ما أثر إهمال العلاج النفسي؟العلاج النفسي نوعان، علاج دوائي بالعقاقير وعلاج سلوكي ومعرفي يفضله بعض المجتمعات العربية، نظراً إلى الخوف من الدواء، وبفعل ما تبثه وسائل الإعلام من نظرة خاطئة عن الأمراض النفسية واعتبارها وصمة. ويردد البعض أن الدواء النفسي يدمر المخ، وهذه فكرة لا أساس لها من الصحة، فالدواء النفسي مثل أي دواء آخر، ويحظر استخدامه من دون استشارة الطبيب.كيف يتغلب الصائم على القلق والعصبية الزائدة؟ ينتج القلق من الانشغال بهموم الحياة وضغوط العمل والمشاحنات بين الزوجين، وفي شهر الصوم تتقارب النفوس ويسود التسامح، ويشعر الصائم بارتياح نفسي واطمئنان يلازمه في الأوقات كافة، ما يقلل من التوتر والقلق والعصبية الزائدة، والوساوس. وللصوم أثر بالغ في التخلص من الرهاب الاجتماعي، وتعزيز التواصل والمحبة بين أفراد المجتمع.ما فوائد الاعتكاف من الناحية النفسية على الصائم؟أثبتت الدراسات أن الاعتكاف في رمضان علاج روحي للأمراض النفسية والإدمان وفرصة للتوقف عن التدخين، فالمريض ينشغل بالعبادات وقراءة القرآن الكريم، ويتماثل للشفاء بدلاً من الجلوس في البيت أو المشفى لتلقي العلاج، ويتخلص من الأعراض الانسحابية من دون التعرض للمواد المخدرة. عموماً، يقوي الصوم الإرادة ويقاوم الألم من خلال خروج مقويات ومخدرات طبيعية في المخ تساعد في تخفيف الآلام الناتجة من الانسحاب، ويتناول المريض أدوية بسيطة لإزالة الأعراض خلال أسبوعين فقط.ما العلاقة بين الاتزان النفسي والعصبي والنظام الغذائي في شهر رمضان؟يكتمل الاتزان النفسي بسلامة النفس والجسد، وثمة أمراض يسببها الإفراط في تناول الطعام أو نقص بعض العناصر الغذائية. وتؤدي الإصابة بالأمراض العضوية إلى المرض النفسي، وهنا تأتي أهمية النظام الغذائي. مثلاً، في حال ضبط مريض السكري الطعام والشراب وأوقات الدواء، يحمي نفسه من المضاعفات وأبرزها الاكتئاب. كذلك على مرضى الضغط والقلب والشرايين الالتزام ببرنامج غذائي خلال شهر الصوم، واستشارة الطبيب المعالج واختصاصي التغذية لتحديد نوعية الطعام في الإفطار والسحور.كيف يضبط المريض الجرعات الدوائية خلال فترة الصوم؟من خلال مراجعة الطبيب المعالج، والذي يحدد الجرعات ويقيم حالة المريض وقدرته على أداء فريضة الصوم، وعدم حدوث مضاعفات، وطبيعة المرض النفسي الذي يعانيه المريض.ما الفارق بين المرض العصبي والنفسي؟تنتج الأمراض العصبية من مرض عضوي يصيب الجهاز العصبي المركزي، ثم الجهاز العصبي الطرفي، ومن هذه الأمراض الصرع، الرعاش، الجلطات الدماغية. أما المرض النفسي فينتج من اختلالات نفسية أو عصابية. والمريض العصابي يكون مرتبطاً بالواقع، ومدركاً وواعياً تماماً، وكامل البصيرة، فيما يعاني المريض العقلي اختلالاً في التوجه نحو الزمان والمكان، وأفكاراً مشتتة، والحالتان تحتاجان إلى دواء نفسي وعلاج سلوكي.ما هي أحدث أنواع العلاج في هذا المجال؟يحظى الطب النفسي باهتمام كبير من الباحثين في دول العالم، واستحدثت في السنوات الأخيرة علاجات كثيرة في هذا المجال. حضرت أخيراً مؤتمراً في فيينا للجمعية الأوروبية لعلم الأدوية النفسية والعصبية، دارت فعالياته حول الأدوية والعقاقير وبعض العلاجات السلوكية الجديدة، وتحدث الأطباء عن أن ارتباط المرض النفسي بمواد عضوية في الجسد قد يؤدي إلى الإصابة بالمرض النفسي.