أول العمود:

Ad

أود أن ألفت نظري - أنا- إلى أن إحالة القياديين إلى التقاعد إجراء لا صلة له بالتطوير... الوجوه تتغير فقط.

***

هذا ليس عنوان المقال، بل اسم اختاره الصحافي والمحرر البرلماني المتميز في صحيفة "القبس" الزميل طارق العيدان لكتاب جديد أصدرته دار منشورات ضفاف، يحكي ويوثق قصة انتقال الحكم بعد وفاة الشيخ جابر الأحمد والملابسات الدستورية والقانونية التي رافقت موضوع تولي سمو الشيخ صباح الأحمد أميراً لدولة الكويت، بالنظر إلى العارض الصحي الذي ألمَّ بالشيخ سعد العبدالله ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء آنذاك.

هذا الكتاب، فضلاً عن كونه توثيقياً، يستحق لأن يكون دراسة حالة سياسية- دستورية نادرة يكون فيها منصب الأمير شاغراً بسبب الوفاة، ويكون الأمير الطبيعي في حالة صحية لا تمكنه من أداء مهامه كما يجب. وقام زميلنا العيدان بتوثيق أحداث هذا المشهد يوماً بيوم من 15 إلى 29 يناير 2006، كما ضمّن الكتاب شهادات العديد من الشخصيات الفاعلة التي لعبت دوراً، سواء من كانت في البرلمان آنذاك، أو من أقطاب الأسرة الحاكمة، أو من الشخصيات ذات الثقل الاجتماعي والسياسي في البلد.

من فوائد هذا الكتاب أنه يحفز للبناء عليه، إذ إنه يفتح آفاقاً متعددة لدراسة قانون توارث الإمارة وفقاً للتساؤلات المهمة التي نقلها المؤلف عن أقطاب برلمانية- مثل مشاري العنجري، وعبدالله الرومي، وعادل الصرعاوي، ود. فيصل المسلم- رأت أن الأيام العصيبة التي رافقت بيعة الأمير تتطلب مناقشة لأحوال أخرى وحالات أكثر تعقيداً قد يخبئها المستقبل، وهو ما دفعهم إلى تقديم كتاب إلى رئيس المجلس آنذاك جاسم الخرافي يطلب إعادة النظر في قانون توارث الإمارة من خلال الإعداد لحلقة نقاشية متخصصة للخروج بإجابات وافية لكل سيناريو محتمل مستقبلاً. لكنه مقترح لم يرَ النور بسبب حساسية التوقيت والموضوع.

فائدة أخرى للكتاب أنه، وباستبعاد الجانب العاطفي الذي رافق انتقال الحكم الذي تسبب في توتير الأجواء داخل الأسرة الحاكمة والبرلمان، فإن الأحداث الموثقة تكشف مدى رصانة مواد قانون توارث الإمارة، وأنه بعد أكثر من نصف قرن من إعداد الدستور تكون هذه الوثيقة أداة فاعلة لحل إشكالات مثيرة للجدل وناجحة في السير بالإمارة إلى بر الأمان.

أما موقف مجلس الأمة الواضح من مسألة تفعيل القانون بشأن الحالة الصحية لسمو الشيخ سعد العبدالله فقد كان له دور كبير في العبور الآمن للسلطة، وهو دور كان يقوده باحتراف الرئيس السابق للمجلس جاسم الخرافي.

أيام عصيبة فعلاً، لكنها انتهت بأمان بفضل تمسك جميع الأطراف بالدستور. أتمنى أن يكون هذا الإصدار مصدراً لدراسة حالة دستورية وسياسية في أحد المقررات الجامعية الملائمة لطلبة الحقوق والعلوم السياسية.

كل الشكر للزميل طارق العيدان ونهنئه على توثيق حدث آلم الجميع، لكنه انتهى بشكل أراح الجميع أيضاً، وهو بلا شك إضافة قيّمة إلى المكتبة الكويتية.