"كالمستجير من الرمضاء بالنار"، جاء الفتى الفارسي محمود أحمدي نجاد إلى القاهرة لحضور المؤتمر الإسلامي، في زيارة أرادها سياسية وشعبية ودينية من قبيل الاستنجاد بها ضد عائلة "لاريجاني" التي أصبحت محظية الولي الفقيه علي خامنئي، والتي وجهت إليه، بينما كان يعد نفسه ويوضب حقائبه استعداداً لهذه الزيارة التي أرادها تاريخية، عدداً من "الشلاليط" السياسية عشية الانتخابات الإيرانية الرئاسية التي أصبحت على الأبواب.
كان على نجاد أن يقرأ تاريخ مصر وحاضرها قبل أن يقوم بهذه الزيارة "التاريخية فعلاً"، كي يعرف حقيقة هذا البلد وحقيقة طباع أهله ومدى تمسكهم بعروبتهم وإسلامهم. ويقيناً لو أنه فعل ذلك لما قام بتلك الحركات "البهلوانية" ولجعل زيارته مجرد زيارة رسمية لحضور المؤتمر الإسلامي، ولما ذهب إلى مسجد الحسين في قلب القاهرة، في زيارة تَقصَّد أن يُعطيها الطابع المذهبي والطائفي، ولما ذهب أيضاً إلى الأزهر الشريف حيث سمع تأنيباً له ولنظام الحكم الذي يرأسه ولتدخلات بلاده في الشؤون العربية، وفي مقدمتها دول الخليج العربي ولوقوفها إلى جانب بشار الأسد، على أساسٍ طائفي ومذهبي أيضاً، ضد شعبه.لقد ظن محمود أحمدي نجاد، وبلا أدنى شك فإن هذا الظن إثم، أن المصريين سيرشقونه بالورود والرياحين، وليس بالأحذية، وهو يهم بالدخول إلى مسجد الحسين، وعندما حاول التجول في شوارع القاهرة العتيقة، وبهذا فقد اتضح أن ثقافته، وبخاصة ثقافته "الشيعية"، ضحلة جداً وأنه لا يعرف أن "الفاطميين" الذين بدأت دولتهم من تونس وينتمون إلى الطائفة الشيعية التي انفصلت عن المذهب الجعفري الاثني عشري عند الإمام السادس جعفر الصادق، وأن عبدالله المهدي الذي قدم إلى شمالي إفريقيا من "السَّلميَّة" في سورية، هارباً من ظلم ذوي القربى قد اختار هذا الاسم "الخلافة الفاطمية" تميزاً عن الحركة "القرمطية" التي شوهت بأفعالها المشينة الدعوة الإسماعيلية التي تعتبر أحد فروع الدعوة الشيعية.لقد اتضح أيضاً أن "نجاد"، الذي لم يستطع إنجاد نفسه، قد أُعطيَ أرقاماً مبالغاً فيها جداً عن عدد الشيعة الإسماعيليين (الفاطميين) في مصر، والدليل أنه اعتقد أن جماهير القاهرة سوف تستقبله بالأحضان على غرار استقبال الرئيس د. محمد مرسي له في ميناء القاهرة الجوي، الذي هو استقبال رسمي ولا يجوز أن يكون غير ما استقبل به، وأنها سترشقه بالورد الجوري الذي يعود بأصوله إلى بلاد فارس، وليس بالأحذية، وستسمعه غير ما سمعه من شتائم هي غريبة عن شعب مصر العظيم، لكن المثل يقول: "ما الذي لزَّني على المر إلاَّ الأمر منه".وهنا، يجب أن يقال إنني لم أسمع إطلاقاً، وقد كنت في مثل هذه الأيام عام 1979 في طهران وقُم، أي مسبة، وأي كلام نابٍ ضد أي من الخلفاء الراشدين أو ضد السيدة عائشة رضوان الله عليهم جميعاً، لا من المرجعيات الكبرى ولا من المرجعيات الأصغر، ولهذا فإن المؤكد أن ما قيل للرئيس محمود أحمدي نجاد في هذا المجال من قبل بعض شيوخ الأزهر الشريف بحاجة إلى التدقيق ومزيد من التدقيق، ثم إن علينا ألا ننقاد إلى لعبة إضفاء طابع مذهبي وطائفي على الخلافات السياسية، كما أن علينا أن نتخلص بعد كل هذا الزمن الطويل من حكاية: "النواصب" و"الروافض"!
أخر كلام
فعلاً زيارة تاريخية!
08-02-2013