يأخذ الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي على مفتي مصر السابق علي جمعة أن فتواه سامة وأن تعليماته مشبوهة، وأن أحكامه مسيسة وأنه "لا يعتمد فيها على ما يعتمد عليه العلماء بل يعتمد ما يعتمده البلطجية"، وكأن هذا الكلام الذي قاله رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ليس مسيساً، وكأنه يعتمد فيه على العلماء لا على "البلطجية"، وإلاَّ فما معنى أن يصف خصمه هذا بـ"الجنرال" وأنْ يصفه بأنه "يُحرِّف النصوص ويتخرص على مُحكمات القرآن ومستفاضات الأحاديث ومواضع الإجماع وما التقت عليه الأمة ويقف ضد علماء الأزهر وعلماء الأمة الإسلامية ورجال السلف وأئمة الدين معتزاً بأن معه رجال الجيش"؟!!
وكذلك فإن الشيخ القرضاوي يأخذ على جمعة، مفتي مصر السابق، أنه وصف الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع المصري، بأنه مؤيَّدٌ من قبل رسول الله وأولياء الله، كل هذا في حين أن سماحة رئيس اتحاد علماء المسلمين من المفترض أنَّه يذْكُر إن إخوانه في جماعة "الإخوان" قد رأوا محمد مرسي يؤم النبي محمد، صلوات الله عليه، في الصلاة، وأنهم رأوه يمتطي صهوة جواد أبيض مطهم، متجهاً وهو شاهر سيفه في اتجاه القدس... كما تحدثوا عن نبوءة رآها أحد هؤلاء في المنام تقول إنه رأى فوق كتف الرئيس المخلوع سبع حمامات بيضاوات، وهذا يعني أنه سيخرج من السجن ليكمل ولايتين من حكمه، بقية الولاية الحالية وولاية لاحقة! على رئيس اتحاد علماء المسلمين ألا ينظر إلى الأمور بعين واحدة فقط هي عين الحزب الذي ينتمي إليه، أي حزب الإخوان المسلمين، وعليه أن يتذكر مآخذه على "ولاية الفقيه" في إيران والمثل يقول: "لا تنهَ عن خُلق وتأتي مثلَه... عارٌ عليك إذا فعلت عظيم"... ثم أليس من المفترض أن "الاتحاد" الذي هو رئيسه للأمة الإسلامية بكل مذاهبها "الشافعي والحنبلي والمالكي والحنفي والجعفري الإثني عشري والأباضي والزيدي" لا لجماعة الإخوان المسلمين ولتلامذة وأتباع الشيخ حسن البنا وحدهم. لقد اختلطت الأمور يا شيخ يوسف، فحتى وأنت تحتل رئاسة اتحاد علماء المسلمين فإنك انغمست في السياسة إلى ما فوق عمامتك، وانطلاقاً من التزامك السياسي والتنظيمي أيضاً بالإخوان المسلمين قلت في شيخ الأزهر أحمد الطيب أكثر مما قاله مالك في الخمر، كل هذا بينما رد عليك هو، احتراماً لهذا الموقع المقدس الذي يحتله، بالقول: "سلاماً" ورفض أنْ يقابل السيئة بمثلها ويوافق على إبعادك من الهيئة الأزهرية. لماذا بقيت يا شيخ يوسف تنحاز سياسياً إلى كلِّ من واليتهم سابقاً ولاحقاً "من المحيط الهادر في الغرب حتى الخليج الثائر في الشرق"... إنَّ الانحياز السياسي ليس مثلبة ولا عاراً... إنه انسجام مع الذات ومع القناعات، لكن المشكلة هنا تكمن في أنك وأنت رئيس اتحاد علماء المسلمين تحرِّم على غيرك ما تحلله لنفسك، ولا تقبل لمعممين آخرين، في مستوى مرتبتك الدينية، وبين هؤلاء شيخ الأزهر الشريف ومفتي مصر السابق علي جمعة، أن يفعلوا ما تفعله وما بقيت تفعله على مدى سنوات طويلة، أمدَّ الله في عمرك وأسدل عليك أثواب الصحة والعافية، وأن ينحازوا إلى الجيش المصري ولقيادته ولثلاثين مليوناً من أبناء مصر كانحيازك "الأعمى"، وسامحني في هذا، إلى حزب إذا كنت تعتبره مقدساً وصناعة ربانية فإنَّ غيرك يعتبرونه تنظيماً شمولياً لا يحلل ولا يحرم، وأنه بقي منذ تأسيسه عام 1928 حاضنة للإرهاب، ومارس العنف والإرهاب ومازال يمارسه... وأنت يا رئيس اتحاد علماء المسلمين تعرف هذا كله بالتأكيد معرفة حقيقية. ولذلك كله، يجب إبعاد اتحاد علماء المسلمين عن السياسة، لأن الدين إن هو اقترب من السياسة أفسدها، ولأن السياسة إن هي تدخلت في الدين شوهته وأساءت إليه وحرفته عن مقاصده السمحة الجميلة، ولذلك، أيضاً، يجب ألا ينغمس أصحاب العمائم البيضاء في مثل هذه المواجهات والمهاترات التي تجتاح منطقتنا الآن كانغماس إخوتنا أصحاب العمائم السوداء في قضايا أساءت إليهم وإلى ما يعتقدون أنه من عند الله ومن عند رسوله ومن عند "فطاحل" العترة النبوية الشريفة.
أخر كلام
الشيخ يوسف القرضاوي!
11-10-2013