عندما كنت مبتدئاً في بداية الكتابة في «الجريدة» كنت ألاحظ قلة القراء الكرام للمقالات، وجلّ ما يهتمون به هو الأخبار المهمة لأحداث الساعة المحلية والعربية، مثل أخبار الربيع العربي وما شابهها، ولم ألحظ اهتماماً بمقالات الكتّاب سوى من المتابعين.

Ad

 وبعد شهر من بدايتي في الكتابة تلقيت ببالغ السرور أول اتصال بصفتي كاتباً وليس لصفتي الشخصية، وكان المتصل غير المتوقع هو أحد الأصدقاء القدامى ممن لم أره أو أسمع أخباره منذ زمن طويل، فسعدت جداً بهذا الاتصال ولكن «يا فرحة ما تمت»!

أخذ ينتقدني بأني كيف أكتب في جريدة خطها ليبرالي وعلماني «حسب قوله»؟ فأجبته بأنه يتهم «الجريدة» ولا يتهمني، ووصفني بأني إسلامي، رغم أني أعتبر كل من يقول «لا إله إلا الله محمد رسول الله» هو إسلامي، إذ إنني لا ألقي لهذه التصنيفات بالاً، لأننا كلنا مسلمون، ولا داعي للمزايدة في الإيمان بخالق السماوات والأرض، طبعاً بما أنني إسلامي، كيف أكتب بجريدة ليبرالية؟!

سألته هل تعرف الليبرالية؟ هل عندك فكرة عن العلمانية؟ هل لديك علم أكيد أن «الجريدة» وملاكها وكتابها وموظفيها، مرتدون عن الإسلام؟ طبعاً لا توجد لديه إجابات مقنعة تدل على فهمه للوضع، فقط يعتمد على قول فلان من الناس الذي أصلاً شهادته مجروحة، بسبب خلافه من فلان ممن يتهمهم.

هنا الناس أغلبهم يعتقد بما يسمع، وأكثرهم لا يكلف نفسه حتى قليلاً للتأكد من معلومة ما، سمع أن ذلك ليبرالي وأنه فاسد أخلاقياً، وحتى احتمال يخرجه من الملة! طبعاً أنا يستحيل أن أزايد أو أشكك في تدين فلان أو علان، لأنها مسألة بين العبد وخالقه مسألة حساسة ولا يعلم الغيب إلا الله، والله يقول «إن بعض الظن إثم».

أحد الأشخاص سمعت عن علمانيته وبأنه لا يخاف الله، بل إن أحد القائلين حلف بأنه لم يسجد لله قط! تبين بعد مدة أن ذلك العلماني- حسبما وصفوه- هو أحد المواظبين على الصف الأول في صلاة الفجر، ويشهد له بالصلاة، وتذكرت قوله تعالى «إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ».

الاتهام في العقيدة هو أخطر الاتهامات، فرأسمال المسلم هو الإسلام، انتقد الإنسان في أي شيء لكن لا تتهمه في عقيدته، فأنت بذلك تمس أخطر الثوابت في شخصيته، وإن سمعت شيئاً فتأكد من صحته وابدأ بالتي هي أحسن.

***

 فرع البنك الوطني في أم الهيمان، يقدم خدمات جيدة للمنطقة، وجهود موظفيه واضحة في خدمة العملاء، إنما قبل فترة بسيطة طلب أحد عملاء البنك طلباً بسيطاً، وهو «خردة» لمبلغ خمسة وعشرين ديناراً فئة نصف دينار، واعتذر موظفو البنك عن تلبية طلبه، بسبب تعميم صادر من الإدارة الرئيسية، بمنع صرف الخردة لأقل من خمسين ديناراً! أتمنى من إدارة هذا الصرح الوطني الكبير إلغاء هذا القرار الذي لا داعي له، فما الفرق بين صرف خمسة وعشرين ديناراً وخمسين ديناراً بالنسبة إلى بنك كبير كالوطني، وتقبلوا خالص التقدير.