استحدث «الكونغرس» نوعية جديدة من التأشيرات تدعى «اتش -1 بي»، تنطوي على قواعد أكثر تشدداً، حيث تشترط حصول العامل على شهادة البكالوريوس، وتلزم أرباب العمل بالالتزام بدفع أجور قياسية مساوية لأجور المواطنين.

Ad

شهد بروس موريسون تشريعات هجرة ذات نتائج تتناقض مع الهدف من اصدارها. وعندما كان، وهو نائب ديمقراطي عن كونيكتيكت، يشغل منصب رئيس اللجنة الفرعية للهجرة في مجلس النواب اشتكت اتحادات العمال من أن أرباب العمل في الولايات المتحدة يستخدمون تأشيرات «اتش – 1» من أجل استغلال العمال الأجانب المهرة، الذين يحصلون على أجور متدنية نسبيا، ما يقلل فرص توظيف الأميركيين الساعين للحصول على عمل.

لذا استحدث الكونغرس نوعية جديدة من التأشيرات تدعى «اتش -1 بي»، تنطوي على قواعد أكثر تشددا، حيث تشترط حصول العامل على شهادة البكالوريوس، وتلزم أرباب العمل بالالتزام بدفع أجور قياسية مساوية لأجور المواطنين، وفي الوقت ذاته ضاعف عدد البطاقات الخضراء المعروفة باسم «غرين كارد» المتوافرة لاولئك المهاجرين المرغوب فيهم على أمل أن تقوم الشركات بكفالتهم من أجل حصولهم على الاقامة الدائمة والجنسية الأميركية.

لكن الانتقال من صفة العامل الوافد أو الضيف الى صفة المواطن لم يتم كما  كان مخططا له، ولم تصدر الآلاف من البطاقات الخضراء رغم الزيادة في عدد طالبيها. ويمثل مشروع قانون الهجرة الجديد الذي يدرسه مجلس الشيوخ الأميركي هذا الشهر محاولة لإصلاح المشكلة.

ملاحظة كبيرة

وبينما تركز الجدال في واشنطن حول ما اذا كان يجب خلق «ممر ميسر نحو المواطنة» بالنسبة الى العمال من ذوي المهارة المتدنية وغير الموثقين مر نص آخر في التشريع من دون ملاحظة كبيرة: سوف يجعل من الأكثر رغبة وسهولة بالنسبة الى الشركات رعاية العمال الأجانب من ذوي المهارة العالية للحصول على بطاقات خضراء، بحيث أوجد ممراً للمواطنة بالنسبة اليهم أيضاً.

ويتمحور التفكير حول كون العمال المهرة الحاصلون على اقامة دائمة يمثلون قيمة يعتد بها بالنسبة الى الاقتصاد، لأنهم يستطيعون بحرية أكبر التحول بين أرباب العمل، حيث الحاجة اليهم بقدر أكبر، أو انشاء شركة خاصة بهم، وخلق فرص عمل للأميركيين.

والعمال الذين قدموا الى الولايات المتحدة بموجب تأشيرة اتش – 1 بي يدينون بالفضل الى رب العمل الذي قام بتشغيلهم، وهم يجازفون بالتعرض للإبعاد اذا تركوا العمل أو طردوا منه ولم يتمكنوا من العثور على كفيل بديل بموجب تأشيرة اتش – 1 بي، ويجعلهم ذلك عرضة للاستغلال. ويمنح مشروع قانون مجلس الشيوخ البطاقات الخضراء، التي تعتمد على التوظيف، كما يعطي حوافز الى أرباب العمل من أجل مساعدة عمال تأشيرة اتش – 1 بي للحصول عليها.

ورغم ذلك فإن التشريع الذي يمثل أكبر عملية اصلاح لقانون الهجرة منذ سنة 1986 قد يترك العديد من العمال الأجانب عالقين في مأزق تأشيرة اتش – 1 بي، ويرجع ذلك الى حد كبير الى الضغط الشديد من جانب شركات التقنية التي حصلت على مزيد من تلك التأشيرات.

حملات الضغط

وقد انفقت شركات مايكروسوفت وغوغل وفيسبوك –كل على حدة– أكثر من مليوني دولار على حملات الضغط خلال أول ثلاثة أشهر من هذه السنة وقبل النظر في التشريع المشار اليه، وذلك بحسب مركز «ريسبونسيفبوليتيكس».

وقد حثت شركات التقنية المشرعين على زيادة عدد تأشيرات اتش – 1 بي، وسوف يرفع مشروع قانون مجلس الشيوخ العدد السنوي من 65000 الى 115000، وقد يرتفع العدد بمرور الوقت ليصل الى 180000 مادامت معدلات البطالة في مهن الادارة والمهنية دون 4.5 في المئة، والذي يبلغ في الوقت الراهن 3.7 في المئة.  ويجادل مديرو شركات التقنية بعدم وجود أعداد كافية من الأميركيين المؤهلين من أجل شغل كل الوظائف التي يريدونها، وقال مستشار «مايكروسوفت» العام براد سميث في جلسة استماع في مجلس الشيوخ خلال شهر ابريل الماضي إن لدى الشركة 3300 فرصة عمل في الولايات المتحدة في ميادين البحث والهندسة والتطوير، وهي زيادة تصل الى 29 في المئة عن السنة الماضية.

لكن ما لم يذكره سميث وغيره من جماعة الضغط هو أن الزيادة في عدد تأشيرات اتش – 1 بي تجعل الأمور أكثر سهولة بالنسبة اليهم من الزيادة في عدد البطاقات الخضراء، والمزيد من تأشيرات العمل يعني أن الشركات الأميركية ستتمكن من تشغيل العمال الذين تحتاج اليهم من الخارج، مع عدم الحاجة الى تكبد عناء اضافي من أجل مساعدة الموظفين الأجانب للحصول على اقامة.

وقد اخفقت الاتحادات العمالية في اقناع الكونغرس الأميركي بأن تقديم المزيد من التأشيرات سيعني تزويد وادي السيلكون بعمالة رخيصة، ويقول هال سالزمان من جامعة روتغرز إن متوسط راتب مبرمج الحاسوب في الولايات المتحدة هبط بصورة طفيفة من 71.762 دولارا في سنة 1999 الى 70.589 دولارا في 2012.

أجر رخيص

واذا كانت صناعة التقنية المربحة في حاجة الى مزيد من العمال فإن عليها، بحسب سالزمان، أن تزيد من الأجر بدلاً من التوجه نحو عمالة أجنبية. وتقول الاتحادات العمالية ومعهد المهندسين الكهربائيين والالكترونيين إن عمال تأشيرات اتش – 1 بي يمكن تشغيلهم بأجر رخيص، بحيث يعوضون عن العمال الأميركيين، وقد أظهرت الدراسات التي حاولت تحديد ما اذا كان ذلك صحيحاً حصيلة متضاربة.  وتشمل العديد من الشكاوى شركات أجنبية تبحث عن عمالة وتقدم خدمات الى عملاء أميركيين، وهي تعمل بصورة متزايدة في الولايات المتحدة مستخدمة عمالا من الخارج، وفي شهر فبراير الماضي وافقت شركة الاستشارات الهندية تاتا، التي تعمل في مجال تقنية المعلومات، على دفع 29 مليون دولار من أجل تسوية دعوى رفعها عمال هنود قالوا إنهم ارغموا على اعطاء الشركة تعويضاتهم من الضرائب الأميركية.  وتنظر هيئة محلفين عليا في تكساس في اتهامات بأن شركة هندية اخرى – انفوسيس– قد طلبت من بعض موظفيها في الولايات المتحدة تزوير مستندات بغية التهرب من الحد المفروض على عدد العمال الذين تستطيع احضارهم من الهند بموجب تأشيرات اتش – 1 بي.

ويقول المتحدث باسم شركة تاتا مايكل ماك كاب إن الشركة قبلت بالتسوية بغية انهاء عملية التقاضي المكلفة، «ويعتقد أن الشركة تصرفت دائما بصورة ملائمة»، وتقول المتحدثة باسم شركة انفوسيس دانييل دا أنجلو: «نحن تقيدنا بالتزاماتنا بصورة جدية، بغية ضمان تقيد الموظفين بالقانون».

وتأتي التأشيرات الاضافية، التي حصلت شركات التقنية عليها لقاء ثمن.

ومن أجل منع استغلال الموظفين عبر تأشيرة اتش – 1 بي، وتقليص عدد الأميركيين الذين ينافسونهم على العمل يطلب القانون الجديد حصول العامل الأجنبي على «الأجر السائد» لوظيفته.

وخلاصة القول هي: بعد ضغوط شركات التقنية رفع مشروع قانون مجلس الشيوخ الأميركي عدد التأشيرات التي تمنح الى العمال المهرة من 65000 الى 115000 تأشيرة.

* (بزنس ويك)