بحسب البيانات الرسمية الصادرة عن "الإدارة المركزية للإحصاء" فإن الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين، أي التضخم قد ارتفع بمعدل "2.87%" في شهر يوليو الماضي مقارنة بالشهر ذاته من عام 2012، وقد كانت نسبة ارتفاع أسعار الأغذية والمشروبات هي "5.4%" سنوياً، بينما كانت النسبة الشهرية "0.49%" مقارنة بشهر يونيو الماضي.

Ad

 أما بالنسبة إلى خدمات "السكن" فقد ارتفع معدل التضخم خلال شهر يوليو الماضي بنسبة "4%" على أساس سنوي، أي مقارنة بشهر يوليو العام الماضي، بينما ارتفعت نسبة التضخم في "الصحة" بمقدار "1.28%" سنوياً، وكانت نسبة معدل التضخم السنوي للخدمات "الترفيهية والثقافية" هي "1.9%". ماذا يعني ذلك؟

ارتفاع الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين "التضخم" يعني ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وانخفاض القيمة الشرائية للدينار بمقدار نسبة التضخم الذي يلتهم جزءاً من رواتب الموظفين، خصوصاً ذوي الدخول المتوسطة والمحدودة، الذين يعتبر الراتب الشهري المتواضع هو المصدر الوحيد للدخل بالنسبة إليهم وإلى أسرهم، وهؤلاء يشكلون أغلبية السكان من مواطنين ووافدين، وإذا ما أخذنا في الاعتبار النمط الاقتصادي-الاجتماعي السائد والنهم الاستهلاكي البذخي في المجتمع الذي لا يشجع أبداً على الادخار فإن رواتب العاملين بالقطاع الحكومي لا تكاد تكفيهم حتى نهاية الشهر، وهو الأمر الذي يجعل المطالبة بمراجعة الرواتب كل عامين وتعديلها بما يتناسب مع معدل التضخم وغلاء المعيشة مطالبة عادلة ومستحقة. ويزداد الأمر سوءاً بالنسبة إلى المتقاعدين، حيث تنخفض رواتبهم بعد التقاعد بشكل كبير بالرغم من سنوات الخدمة الطويلة التي أمضوها في الجهاز الحكومي، لهذا يجب أن تقوم مؤسسة التأمينات الاجتماعية بمراجعة معاشاتهم التقاعدية بشكل دوري بحيث تزاد بما يتناسب مع زيادة معدل التضخم وغلاء المعيشة وليس الاكتفاء بمجرد زيادة مالية بسيطة على رواتبهم تمنح لهم من فترة لأخرى وكأنها منحة وليست حقاً لهم.

وبالرغم من أن زيادة الرواتب كل فترة زمنية قد تخفف من آثار التضخم لكنها لا تعالجه معالجة جذرية، وذلك لوجود عوامل داخلية وخارجية تؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم وزيادة الأسعار، لذلك فإنه لا بد من وجود حزمة سياسات مالية ونقدية لمكافحة التضخم والحد من آثاره السلبية، ومن ضمنها رفع نسبة الاحتياطي النقدي وإلغاء الوكيل المحلي وكسر الاحتكار من أجل تشجيع المنافسة وخفض الأسعار، ثم فرض قيود على الائتمان الاستهلاكي وتفعيل الرقابة على الأسعار لضمان تطابقها مع جودة المنتجات والخدمات، فضلا عن وجود سياسات عامة تؤدي تدريجياً إلى تحويل اقتصادنا من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج، حيث إن ذلك سيؤدي إلى تغيير نمط الاستهلاك البذخي الموجود في المجتمع، وسيخلق قيماً إيجابية جديدة تشجع على الادخار والاقتصاد، وتحد من الإسراف والتبذير.