لمن تُصرف المليارات؟!
لمن ستذهب هذه المليارات التي يسمع عنها الناس منذ سنوات بينما لا يرون نتائجها على أرض الواقع، إذ لا وظائف، ولا سكن إلا بعد انتظار قرابة العقدين والخدمات الاجتماعية الأساسية رديئة؟!
من المفروض، نظرياً ودستورياً أيضاً (مادة 123)، أن مجلس الوزراء هو الذي يرسم السياسة العامة للحكومة ويشرف على تنفيذها، ولكن المتابع لتصريحات وزراء حكومتنا لا بد أن يلاحظ أن لكل واحد منهم "سياسته الخاصة"، فلا سياسة عامة ولا هم يحزنون!خذ، على سبيل المثال لا الحصر، ما حصل خلال الأيام القليلة الماضية، ففي الوقت الذي يحضّ رئيس الحكومة الشركات الصينية على... "المشاركة والإسهام في تنفيذ مشروعات خطة التنمية التي تفوق قيمتها 125 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة"، وفي الوقت الذي يَعِد وزير الإسكان الناس، كما أشار "مانشيت" إحدى الصحف بأنه "سيبني دولة أخرى... في الكويت"! نجد أن وزير البلدية ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء يقول أثناء مخاطبته للشباب في مؤتمرهم الحكومي الذي عقد أخيراً إنه قلق للغاية على مستقبل ابنه الوظيفي لأنه قد لا يجد له وظيفة عندما يتخرج بعد ثلاثة أعوام، لأن القطاع الحكومي يوظّف الآن ثلاثة أضعاف احتياجاته الفعلية!
وبالرغم من "نبرة التذاكي" الواضحة في تصريح الوزير وكأن الناس لا يعرفون "البير وغطاه"، حيث إن ابن الشيخ الوزير لن يواجه إطلاقا مشكلة توظيف في المستقبل، فالدرجات القيادية محجوزة سلفاً بانتظاره، هذا إن كان بحاجة إلى الوظيفة الحكومية أصلاً، فإن السؤال هنا هو كيف لا يجد الخريجون الجدد وظائف في الوقت الذي "يبشر" فيه رئيس الحكومة من جانب ووزير الإسكان من الجانب الآخر بمشاريع "خطط التنمية"؟! فعن أي تنمية تتحدث الحكومة؟!ثم إن الشباب الذين يخاطبهم وزير البلدية وشؤون مجلس الوزراء ليسوا مسؤولين عن فشل السياسات الحكومية كسياسة استثمار الموارد البشرية التي يشارك الوزير ذاته في رسمها، ويتحمل مسؤولية فشلها أيضاً، بل إن الشباب يعانون أشد المعاناة من سوء مخرجاتها، ومن ضمنها البطالة المقنعة وارتفاع معدلات البطالة السافرة التي يكتوي بنارها الخريجون الجدد من الطبقتين الوسطى والفقيرة! لهذا، فبدلاً من محاولة الظهور بمظهر "الغلبان" الذي لا يستطيع عمل أي شيء، وهو مظهر خادع لا يليق بحكومة دولة نفطية لديها ثروة ضخمة وقوى بشرية متعلمة ومؤهلة من جهة، وتتمتع بموقع جغرافي مميز ومساحتها صغيرة وعدد سكانها محدود من جهة أخرى، فإن الحكومة مطالبة بالإجابة عن أسئلة في غاية الأهمية مثل: ما فائدة ما يسمونه "مشروعات خطط التنمية" التي "تفوق قيمتها 125 مليار دولار" إذا كانت لا تخلق فرصاً وظيفية جديدة؟!ولمن ستذهب هذه المليارات التي يسمع عنها الناس منذ سنوات بينما لا يرون نتائجها على أرض الواقع، إذ لا وظائف، ولا سكن إلا بعد انتظار قرابة العقدين، والخدمات الاجتماعية الأساسية رديئة؟! لقد ذكر تقرير التنمية البشرية لعام 2013 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي... "أن النمو الاقتصادي وحده لا يحقق تقدماً تلقائياً في التنمية البشرية، فالسياسات المناصرة للفقراء والاستثمارات في إمكانات الأفراد بالتركيز على التعليم والتغذية والصحة والتشغيل هي التي تتيح للجميع إمكانات الحصول على العمل اللائق وتحقيق التقدم الثابت". كما جاء في التقرير أيضاً.... "تتولى الدولة الفاعلة والمسؤولة وضع السياسات للقطاعين العام والخاص مستندة إلى رؤية ثاقبة وقيادة قوية ومعايير مشتركة وقوانين ومؤسسات تبني الثقة والتماسك للمستقبل. ويتطلب تحقيق التحوّل بخطى ثابتة من الأمم العمل على وضع نهج منسّق ومتوازن للتنمية". انتهى الاقتباس.فأين نحن من ذلك يا ترى؟