تقرير اقتصادي : انتعاش البورصة متضخم... ولا يعكس حقيقة السوق

نشر في 02-05-2013 | 00:03
آخر تحديث 02-05-2013 | 00:03
No Image Caption
• «السعري» كسب 25.2% في 4 أشهر والقيمة السوقية لم تتجاوز 5.46%
• لا عيب في استثمار الدولة في البورصة بشرط ألا يكون موجهاً إلى أسهم لا قيمة لها
عندما نقول إن مؤشر السوق ارتفع 25.2% خلال 4 أشهر ففي هذا قدر عالٍ من عدم الدقة، لأن الصعود الحقيقي للمؤشر يجب أن يرتبط بالقيمة السوقية، وهنا نتحدث عن صعود بلغ فقط 5.46%، ما يعادل 1.6 مليار دينار فقط.
خلال 4 اشهر حقق مؤشر سوق الكويت للأوراق المالية السعري نموا استثنائيا فاق 25.2%، بينما صعد المؤشر الوزني بمكاسب اقل عند 9.1%، كما كسب مؤشر "كويت 15" 7.11%، في حين لم تتجاوز مكاسب القيمة السوقية للشركات المدرجة في السوق 5.46%، حيث بلغت هذه القيمة عند اقفال 30 ابريل الماضي 30.6 مليار دينار.

هذه المؤشرات السابقة تعطي تصوراً عن اداء سوق الكويت للأوراق المالية خلال الثلث الأول من العام الحالي، فالمؤشر السعري مرتبط بأسعار الأسهم بدرجة عالية أكثر من وزنها، بمعنى أن صعود سهم شركة رأسمالها 10 ملايين دينار بمقدار 10 فلوس سيؤثر في "السعري" اكثر من شركة رأسمالها 200 مليون دينار يصعد سهمها بـ10 فلوس، لأن سعر الشركة الصغيرة اعلى من تلك الكبيرة، اما المؤشر الوزني فيهتم بقياس اداء الشركات الكبرى، وهي التي حققت مكاسب اقل، وكذلك مؤشر "كويت 15" الذي يدمج ما بين الشركات الكبرى في الحجم ومعدل الدوران خلال التعاملات.

كم صعد السوق؟

وعندما نقول ان مؤشر السوق ارتفع 25.2% خلال 4 اشهر، فهذا فيه قدر عال من عدم الدقة، كون الصعود الحقيقي للمؤشر يجب ان يرتبط بالقيمة السوقية، وهنا نتحدث عن صعود بلغ فقط 5.46%، ما يعادل 1.6 مليار دينار فقط، بينما الحديث عن الصعود بـ 25.2% يعني ان القيمة السوقية المفترضة هنا هي 38.5 مليار دينار، وليس القيمة الحالية 30.6 مليار.

أخطاء الماضي

هذه التعاملات تعيد الى الاذهان جانبا من الاخطاء التي وقع فيها المتعاملون قبل الازمة من حيث التركيز على اسهم شركات صغيرة محدودة الاصول عالية المغامرة مع عودة الإفراط في شراء الاسهم بالاجل، وهذا اسلوب فيه قدر عال من نسيان دروس الازمة، والتي اهمها الابتعاد عن الاسهم الورقية الضعيفة الاصول او العائد، او أن الادارة الحسنة لم تكن كافية لتعليم البعض اساسيات التداول والاستثمار، فخلال الثلث الاول شهدت مجموعة من الاسهم الخطيرة تعاملات قياسية ومضاربات عالية على مدى اسابيع متتالية، الامر الذي يشير الى ان هناك من لم يتعلم جيدا من دروس الازمة ومازال يرتكب نفس الاخطاء السابقة.

المضاربة

قد يتساءل احدهم: أليست الأسهم المضاربية والصغيرة هي من يعطي التداول النشاط والمرونة في التنقل بين الاسهم، وهي مشروعة لأي متداول؟

صحيح أن المضاربة جزء من عمليات التداول، الا ان الخلل ان تكون العمود الفقري للتعاملات، ففي حين حقق قطاع التكنولوجيا في الربع الاول 31.4% وقطاع الخدمات المالية 11.5% كان نصيب قطاع البنوك 3.7% وقطاع الاتصالات تراجع بـ 1.3%، اي ان التركيز الاساسي كان على القطاعات المحدودة والصغيرة، وهنا يجب على المتداول الحصيف ألا ينبهر بصعود المؤشرات العامة، بل عليه ان يحللها ليعرف حقيقة هذا الصعود والاساس الذي بني عليه.

الأسهم الموثوقة

وبالطبع فإن الحديث عن الاسهم غير الموثوقة لا يشمل جميع الاسهم الصغيرة، اذ ان بعضها استطاع ان يوزع ارباحا نقدية توازي ما بين 9 الى 12% كعائد على استثمار السهم، وهذه الاسهم ربما علتها الوحيدة هي بيئة التداول لا اكثر، وعلى المستثمر ان يبحث ليعرف اي الشركات اولى بالاستثمار وايها يجب الابتعاد عنه.

دور الدولة

والسؤال المهم هو: هل للصعود الحالي في البورصة علاقة بالمحفظة الوطنية التابعة للهيئة العامة للاستثمار؟

معظم المعلومات تشير الى تدخلٍ ما من المحفظة خصوصا ان السيولة بدأت بتجاوز الــ100 مليون دينار، مع ان الهيئة صرحت قبل اسبوعين بأنها لا تضارب في السوق وأن استراتيجيتها طويلة المدى، الا انها كانت اعلنت منذ بداية العام انها ترى المرحلة المقبلة مرحلة ممتازة للاستثمار في السوق المحلي.

بالطبع لا عيب في استثمار الدولة في البورصة، انما الخوف من ان يكون الاستثمار موجها لأسهم لا قيمة استثمارية لها، وهو الامر الذي يتنافى مع ابسط قواعد الاستثمار السيادي.

بيئة التداول

والمهم فعلا لإيجاد بيئة تداول سليمة في البورصة هو وجود بيئة استثمارية اصلا في البلد، اي تعزيز الإنفاق الحكومي الاستثماري، وهذا لا يعني مساعدة أو دعم الشركات المتعثرة أو الموقوفة لتسدد ديونها على حساب الموازنة العامة، بل الإنفاق على مشاريع البنية التحتية كي يتم تنشيط الدورة الاقتصادية، فعندما تطلق الحكومة المشاريع فسيرتبط هذا الأمر بحركة شاملة في القطاع المصرفي الذي سيتولى تمويلها، والقطاع العقاري الذي سينفذها، والصناعي الذي ستزيد مبيعاته، لاسيما في مجال المواد الإنشائية، وكذلك القطاعات الخدمية واللوجستية.

إن الإنفاق على المشاريع بالإضافة الى أنه سينفذ اعمال بنية تحتية تحتاج إليها الدولة فهو ايضا سيحرك كثيرا من اسهم الشركات التشغيلية الجيدة في البورصة، والتي تأثرت أسعارها وأنشطتها بسبب الأزمة المالية العالمية، لا بسبب الإفراط في الديون أو العجز عن سداد الالتزامات، وجميع من كان يستثمر في السوق خلال حرب تحرير العراق يتذكر كيف نجح عقد تشغيلي للجيش الأميركي مع "أجيليتي" (المخازن سابقا) في إشعال حمى التداول في البورصة نحو 4 سنوات متواصلة، إذ انتعشت "أجيليتي" ومجموعة الأسهم المرتبطة بها، بل وحتى المجاميع التي استثمرت بها، فضلاً عن الأفراد... فكانت المكاسب عامة للجميع.

الإنفاق والإدارة

وحسب ميزانية عام 2012 - 2013 فإن المرصود للإنفاق الاستثماري بلغ 3.1 مليارات دينار من أصل 19.4 مليارا، أي ان الإنفاق الاستثماري يشكل 15.9% من إجمالي الإنفاق، وهي نسبة قليلة خليجياً، إذ يتراوح الإنفاق الاستثماري خليجياً بين 18 و33%، إضافة إلى أن المبلغ المرصود للإنفاق الاستثماري لم يصرف منه إلا 64% فعلياً، مما يشير بشكل جلي إلى وجود أزمة حقيقية في الإنفاق والعقلية التي تديره.

back to top