قد يكون من الصعوبة بمكان تقييم نتائج الانتخابات الأخيرة بشكل تفصيلي وتخمين انعكاساتها السياسية، خصوصاً في ظل شبح فشل هذه الانتخابات من جديد، ولعل ما شاب عملية الاقتراع من عيوب في البعد القانوني بعد حكم المحكمة الدستورية من جانب، والأخطاء الفنية التي شهدتها بعض الدوائر لا سيما الرابعة والخامسة من جانب آخر، وهي إن صحت فقد تكون بمنزلة فضيحة كبرى، وقد نكون أمام مأزق سياسي آخر يهدد ثالث مجلس منتخب على التوالي.

Ad

وبعيداً عن هذه الأجواء كلها فإن اللافت في سلسلة الانتخابات الأخيرة منذ فبراير عام 2012 حتى يوليو 2013 هو المزاج الشعبي المتقلب وغير المستقر على الإطلاق، بدليل نسبة التغيير التي طرأت على الوجوه المنتخبة والتي تجاوزت 60% في الانتخابات الأخيرة و70% في الانتخابات التي سبقتها، وشهد المجلس الجديد اختيار 17 نائباً جديداً وعودة 14 عضواً من مجالس سابقة.

كما أن نسبة المشاركة بحسب الإحصاءات الحكومية ارتفعت 13% ويفترض أن أغلبيتها ممن قاطعوا الانتخابات السابقة بسبب مرسوم "الصوت الواحد"، وهذه النسبة بحد ذاتها قلبت الكثير من الموازين وأزاحت مجموعة كبيرة من خصوم المعارضة الرئيسيين ومن كانوا يعتبرون "ذبّاحة" للصوت الواحد، ونجاح عدد آخر منهم بمراكز متأخرة جداً، بل ينتاب نجاحهم أيضا الطعون المرتقبة، وقد يكون ذلك مؤشراً على إمكان تحقيق المزيد من النجاح في استبعاد حلفاء الحكومة المخضرمين من المشهد السياسي لو كانت مشاركة المعارضة مضاعفة على أقل تقدير.

أما الملاحظة المهمة الأخرى على حالة عدم الاستقرار السياسي وغربلة النظام الانتخابي وتقلب مزاج الناخبين فتكمن في بروز تركيبة برلمانية هشة وغير منسجمة، الأمر الذي يعني ضعف الأداء النيابي، وباتت اللعبة السياسية مكشوفة بأن الوقت القصير لعمر مجالس الأمة لا يسعف أبداً في بناء كتل برلمانية متفاهمة ومتناغمة ومبادرة لطرح برنامج يجمع حوله أغلبية لديها بوصلة عمل سياسي واحد، قد يلتفّ حوله المجتمع الكويتي بكل شرائحه وانتماءاته، ولطالما كانت هذه من أبرز نقاط الضعف طوال المسيرة الديمقراطية التي لم تهضمها القوى السياسية والوطنية، وورثتها جبهة المعارضة العريضة كماً والهشّةِ مضموناً، ولعل الجميع يستوعب مثل هذه الدروس، إن كان هناك حياة لمن تنادي!