يؤسفني أن أصف كل من صمت وتجاهل ما قيل عن الذات الأميرية من قبل المعنيين بالحراك الشبابي، أنه يخشى نقد الخطأ إن جاء من الشارع خوفاً من غضب شعبي أو مصلحة انتخابية، وهذه مسايرة عمياء للخطأ.

Ad

أول العمود:

 عمر كل فضيحة سياسية في الكويت يومان.

***

تابعت مسألة تعدي بعض المغردين على الذات الأميرية منذ بدء الحراك الشبابي، خصوصاً بعد حادثة اقتحام مبنى مجلس الأمة، وهناك ملاحظات كثيرة تمس أكثر من جانب في مسألة التعدي هذه:

أولاً، لاحظت على "دهاقنة" الحريات العامة وعرابيها الصمت المريب تجاه من همز ولمز بكل خبث وانعدام للذوق في مخاطبة المقام السامي، رغم قرب بعض هؤلاء المغردين منهم في الحراك، ولم يكلف أحدٌ منهم نفسه بيان المخالفة الدستورية الواضحة للأساليب الهابطة التي استخدمها بعض الشباب المندفع في تغريداتهم ومساسهم بقيمة رسخها الدستور بنصوص واضحة (المواد 54، 55، 65).

ثانياً، كانت هناك مخالفة قانونية جسيمة من قياديين في التيار المقاطع ومغردين شباب تمثلت بضغطهم على القضاة أثناء سير عملية التحقيق مع من أحيلوا إلى الجهات القانونية، والمطالبة بالإفراج عنهم بحسبان أن الموضوع يمس الحريات، وذلك في قلب مريع للكلمات والمفاهيم!!

ثالثاً، وهي مشكلة بحاجة إلى حل، تتلخص في إيجاد قانون نشر إلكتروني واضح يعالج مسألة التعبير في شبكات التواصل الاجتماعي بشكل عام. باعتقادي أن كثيراً من الإحالات الخاصة بموضوع الإساءة للذات الأميرية افتقدت التكييف القانوني الجيد، وكان الاستعجال في تكييفها وإحالتها إلى القضاء قد أدى إلى نتائج عكسية، وأقصد هنا أحكام البراءة.

رابعاً، اليوم وبعد أن التقى بعض ذوي المحكوم عليهم سمو الأمير وأبدوا الندم على ما قيل، وعفو الأمير وصفحه عنهم صارت التغريدات بقدرة قادر مجرد "اندفاع وتسرع شباب"، كما قالوا في اللقاء!!

يؤسفني أن أصف كل من صمت وتجاهل ما قيل عن الذات الأميرية من قبل المعنيين بالحراك الشبابي، أنه يخشى نقد الخطأ إن جاء من الشارع خوفاً من غضب شعبي أو مصلحة انتخابية، وهذه مسايرة عمياء للخطأ، كما يؤسفني صمت بعض جمعيات النفع العام عن غمز ولمز المغردين وإشادتها لاحقاً بالعفو الأميري... هذه انتهازية وليست موقفاً.

ينقصنا الكثير لمعرفة القانون، وأكثر بشأن التغريد في "تويتر"، وأتمنى من وزير الإعلام وبعض الجمعيات الأهلية عمل التوعية المستمرة بالجوانب القانونية والأخلاقية بشأن التعامل مع شبكات التواصل الاجتماعي التي يعتقد البعض أنها ملعب بلا قانون وخلق.

كما يجب عدم خلط الأمور في مسألتي السجن وحرية التعبير، وشخصياً أقف ضد حبس أصحاب الرأي بالمطلق، لكن هل تنطبق فكرة حرية الرأي على كثير مما كتب في "تويتر" بشأن الذات الأميرية؟ إجابتي (لا)، وليطلع من يقول بغير ذلك، على ما يجري في بريطانيا وفرنسا بشأن الإساءة للأشخاص العاديين والاعتباريين.

أخيراً، أذكر بعض المغردين الذين أساؤوا التعبير بالمداخلة الشهيرة التي أطلقتها عضوة مجلس الأمة الأسبق د.أسيل العوضي، وهي تخاطب سمو الأمير في الجلسة ودرجة الرقي في الطرح والتعبير، كما أذكرهم بكلمات الإعلامي عبدالله بوفتين أمام سموه في حفل اختتام المؤتمر الوطني للشباب.

خلاصة القول: الرأي السياسي يتطلب الأدب والروية، والتغريد في "تويتر" يشجع على عدم الروية أحياناً.