يرى المخرج محمد فاضل أن اختيار اسم المسلسل لا بد من أن ينبع من أحداثه ويعبّر عما يدور فيه، فلا يكون كوميدياً في حين أن العمل درامي أو بوليسي.

Ad

يبدي فاضل استغرابه لأن بعض الأسماء مثل {نظرية الجوافة} و{اسم موقت}، لا يعبر عن الأحداث ضمن المسلسل الذي يحمل اسمه، ويعتبر ذلك إفلاساً فنياً، ويضيف: {يلجأ القيمون على المسلسل إلى اسم ملفت أو صادم ليجذب المشاهد، في حين أن الأخير قد ينصرف عن العمل إن كان دون المستوى ولن يهتم باسمه، لكن في حال نجاحه، تجد المشاهد يطلق على العمل اسماً مختلفا عن اسمه الأول مثل {أبنائي الأعزاء شكراً} أصبح {بابا عبده} و{الراية البيضاء} أصبح {فضة المعداوي...}

لا يعتقد جمال عبد الحميد مؤلف {الركين} ومخرجه أن الاسم غريب، لأنه يعبر عن مهنة طفيلية ظهرت في المجتمع ولها أكثر من اسم، فالناس العاديون يسمون صاحبها المنادي، وأصحاب المحال والحرف يسمونه السايس، وأصحاب مكاتب وسط البلد يسمونه الركين، ومن يتابع المسلسل سيكتشف أن العنوان ينطبق على الأحداث.

يضيف: {استلهمت الاسم من الشارع وأقصد به حالة الكساد والركنة التي يعاني منها الشعب المصري، برأيي ليس هذا الاسم شاذاً لكنه متداول، وقبل اختياره نزلت إلى الشارع وبحثت عن هذه المهنة وتفاصيلها}.

مغزى في الأحداث

يوضح مدحت السباعي مؤلف مسلسل {نظرية الجوافة} ومخرجه أن مسلسلات عدة تكون أسماؤها غريبة، ولا تلبث أن تصبح متداولة بكثرة، وهذا ينطبق على الروايات أيضاً، {مثلاً لإحسان عبد القدوس رواية اسمها {لا أستطيع أن أفكر وأنا أرقص} وأخرى اسمها {لا أنام}، وعندما نقرأ أيا منهما نجد المغزى في الأحداث، بالتالي لا نستطيع أن نفصل الاسم عن الأحداث}.

 يضيف: {بالنسبة إلى تجربتي في {نظرية الجوافة} فقد استوحيت الاسم من القصة التي يظهر فيها أن شجرة الجوافة، على غرار أي شجرة، تطرح ثماراً طيبة، مع ذلك يمطرها الناس بالحجارة، فلو أن هذه الشجرة غير مثمرة لما التفت إليها أحد، أي أن الفاشلين في المجتمع يحاربون الناجحين وهذا ما أريد قوله}.

يوضح أنه من المنطقي أن يكون الفنان مجدداً لأن التجديد أحد أنواع الإبداع، ويقول: {قد يستلهم المؤلف الاسم أثناء الكتابة وأحيانا يكتبه قبل بدء الكتابة، وقد يتغيّر أثناء التصوير... في الأحوال كافة يجب أن يعبّر عما يتم تقديمه في العمل الفني}.

يؤكد أن المهم في العمل القيمة التي يقدمها، ولا بد من أن يفرض الاسم نفسه طالما أن العمل جيد، {الزمن نفسه يفرض علينا أسماء وكلمات كما أن اللغة نفسها تتغير}.

تغيير دم الدراما

يوضح السيناريست حسام موسى، مؤلف مسلسلي {كيكا على العالي} و{العقرب}، أن {كيكا على العالي} مأخوذ من اسم لعبة شعبية، يقول: {الاسم مناسب للرسالة التي أريد إيصالها في المسلسل، وقد اخترته منذ اليوم الأول لكتابة السيناريو، لأن الأحداث تبدأ بأطفال يلعبون هذه اللعبة في الشارع}.

يضيف موسى: {حتى لو كان الاسم غريباً، إلا أنه يبدو جميلا في حال تأصل في الأحداث. أقصد بالعنوان أن الناس الذين يصلون إلى مناصب عالية في المجتمع يبتعدون عن القانون إلى حد ما}.

في المقابل يشير إلى أن اختيار اسم غريب لمجرد غرابته وإثارة تساؤل بمثابة خدعة، وهو أمر غير مستحب، لافتاً إلى أن مسلسل {العقرب} في البداية كان اسمه {العراب} يقصد به شخص كبير، لكن عندما أعلن الفنان عادل إمام أنه سيقدم مسلسل {العراف} تغير الاسم حتى لا يكون ثمة تشابه بينهما، موضحاً أنه استقر على اسم {العقرب} لأن له مغزى يتعلق بالعمل.

يعزو تغيير الأسماء في مسلسلات رمضان 2013 إلى أن الدراما نفسها يتغير دمها، من حين إلى آخر، نتيجة ظهور جيل جديد من المؤلفين يتعاملون مع القضايا والأسماء بأسلوب مغاير يواكب الواقع الذي نعيشه.

 يلاحظ أن الدراما القديمة تضمنت أسماء صعبة لا يمكن استخدامها اليوم مثل {هارب من الأيام} و{الضحية}، بعد ذلك جاء جيل أسامة أنور عكاشة ومحمد صفاء فابتُكرت أسماء جديدة مثل {ليالي الحلمية} و{لما التعلب فات} و{الشهد والدموع} و{الضوء الشارد}... فكان وقعها أخف من أسماء المسلسلات القديمة. وفي النهاية المهم أن يعبّر الاسم عن القصة.

منقذ أو مدمّر؟

تشير الناقدة ماجدة موريس إلى أنه {طوال تاريخنا الدرامي سواء السينمائي أوالتلفزيوني، كانت لدينا أسماء غريبة مثل {أبي فوق الشجرة}، وفي الثمانينيات مسلسل {أنا وأنت وبابا في المشمش}، وقتها كان العنوان صادماً ومختلفاً عن الأسماء التقليدية}.

 تضيف: {ليس ثمة عنوان ينقذ عملاً أو يدمره، فمثلاً يسرا في مسلسلها {نكدب لو قلنا ما بنحبش} الذي كان اسمه في البداية {إنهم لا يأكلون الخرشوف}، حاولت تغيير الاسم لقناعة منها أنه سيؤدي دوراً إيجابياً أو سلبياً في المسلسل، وهذا ليس حقيقياً لأن الإسم لا بد من أن يكون فيه غموض محبب}.

توضح أن ذلك لا يعني أن يكون في الاسم خدعة بل سر معين يحفّز المشاهد على التفكير، ما قد يكسب المسلسل ضربة البداية لكن لا يضمن استمرار نجاحه وجذب الجمهور.

 تلفت إلى أنه من الممكن أن يحدث العكس فيتصور المشاهد أن وراء اسم المسلسل مغزى ضعيفاً، ولكن بعد مشاهدته يجده عملاً متميزاً، موضحة أن مسلسل {ويأتي النهار} مثلاً تغيّر اسمه إلى {ربيع الغضب}، ولكن لم يغير أي من الاسمين في التفاصيل أو الأحداث.