خلص تقرير لصندوق النقد الدولي إلى نظرة إيجابية للاقتصاد السعودي، وأنه ثالث أفضل أداء اقتصادي بين مجموعة الـ20، رغم التحديات التي تواجهه وأهمها إيجاد فرص عمل للشباب وسرعة النمو السكاني، إلا أن قوة الموقف المالي كفيلة بدعم إيجاد حلول مرضية

Ad

ذكر تقرير أصدرته شركة "بيتك للابحاث" المحدودة التابعة لمجموعة بيت التمويل الكويتي (بيتك) إلى أن المملكة العربية السعودية ستظل واحدة من أفضل الدول أداء بين اقتصادات مجموعة الـ20 خلال السنوات المقبلة بفضل الإصلاحات الاقتصادية المهمة التي أدخلتها المملكة وحركة النمو الاقتصادي وجهود الحكومة في تنويع مجالات العمل وعدم الاعتماد على النفط فقط، وفي ما يلي التفاصيل:

خلص التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي إلى نظرة إيجابية للاقتصاد السعودي وانه ثالث أفضل أداء اقتصادي بين مجموعة الـ20 رغم التحديات التي تواجهه وأهمها الشباب وسرعة النمو السكاني إلا أن قوة الموقف المالي كفيلة بدعم إيجاد حلول مرضية.

وأكد صندوق النقد الدولي في مناقشات جرت في الفترة ما بين الخامس والثامن عشر من مايو 2013 أن الاقتصاد السعودي من بين أفضل الاقتصادات أداءً ضمن مجموعة العشرين خلال السنوات الأخيرة، إذ جاءت المملكة في المرتبة الثالثة من حيث معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بين عامي 2008 و2012 بعد الصين والهند.

مركز مالي قوي

وأضاف الصندوق أن السعودية تتمتع بمركز مالي قوي بين دول المجموعة حيث تمتلك أقل معدل للدين مقارنة بالناتج المحلي وأن الاقتصاد السعودي يتمتع بنظرة إيجابية، وتوقع الصندوق أن ينمو القطاع الخاص غير النفطي بنسبة 7.6 في المئة في 2013، مواصلاً النمو القوي الذي حققه خلال السنوات الأخيرة. كما توقع نمو الناتج المحلي الإجمالي العام بنسبة 4.4 في المئة، حيث توقع انخفاض معدل إنتاج النفط عن متوسط مستواه المسجل في 2012. وقد سجل معدل التضخم ارتفاعاً منذ منتصف 2012 نتيجة لارتفاع أسعار المواد الغذائية وارتفاع الأسعار في المطاعم والفنادق ووسائل النقل إلا أنه لايزال ضمن نطاق السيطرة عند 4 في المئة. وفي الوقت الذي يتوقع فيه أن يؤدي تقليل الإنتاج وخفض أسعار النفط إلى تقليص فوائض الحسابين المالي والجاري في عام 2013، إلا أنها ستظل كبيرة حسب توقعات صندوق النقد الدولي.

احتل الأداء الاقتصادي للمملكة العربية السعودية مكانة متقدمة ليأتي ضمن أفضل الاقتصادات في مجموعة دول العشرين، حيث نما بمعدل نمو سنوي مركب بنسبة 6.6 في المئة سنوياً على مدار السنوات الخمس للفترة ما بين 2008 و 2012، وقد سبقه فقط في الأداء الصين التي سجلت معدل نمو سنوي مركب بنسبة 9.3 في المئة سنوياً ثم الهند بمعدل نمو سنوي مركب بنسبة 6.8 في المئة سنويا خلال نفس الفترة (2008-2012). وتعزى قوة الأداء الاقتصادي للمملكة بشكل رئيسي إلى ارتفاع أسعار النفط خلال السنوات الأخيرة مما ساهم بقوة في زيادة الإيرادات الحكومية وتمكين أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم والتي تحتفظ بنحو خمس الاحتياطيات المؤكدة للنفط في العالم من القيام بإنفاق مالي ضخم على الاستهلاك الخاص وخلق فرص العمل.

نمو الاقتصاد السعودي

بعد أن شهدت توسعاً بنسبة 6.8 في المئة خلال 2012، نتوقع نمو الاقتصاد السعودي بنسبة 5.0 في المئة في عام 2013 حيث يتوقع استمرار قوة أنشطة الاقتصاد غير النفطي ليصل إلى 7.0 في المئة لعام 2013، بانخفاض طفيف عن نسبة الـ7.2 في المئة المسجلة في 2012، وتمثل توقعاتنا لعام 2013 تعديلا في الاتجاه الصعودي من التقديرات السابقة والتي كانت عند 4.5 في المئة، بدعم من قوة نمو الطلب المحلي ومجموعة كبيرة من المشاريع الصناعية المخطط لها.

إلا أن القطاع النفطي في المملكة والذي يسهم بنحو 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي من المتوقع أن يتراجع بمقدار 2.5 في المئة لعام 2013 حيث نتوقع أن ينخفض إنتاج النفط ليصل إلى 9.4 ملايين برميل يومياً في عام 2013 من 9.7 ملايين برميل يومياً في 2012. وبصورة عامة، سوف يعزز الاقتصاد من خلال مساعي الحكومة المستمرة الرامية إلى تنويع النشاط الاقتصادي نحو القطاعات غير النفطية الأخرى مثل الصناعات التحويلية والبناء وتجارة الجملة والتجزئة والخدمات المصرفية والمالية وكذلك قطاع النقل، إضافة إلى تأثير حزمتي الإنفاق المالي بعيد المدى والتي أعلن عنها العاهل السعودي الملك عبدالله في أوائل عام 2011 وتبلغ قيمتها مجتمعة 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي والتي من المرجح أن تستمر في تقديم دفعة قوية لنمو الاستهلاك.

وبالنسبة لعام 2014، فنتوقع أن يصل معدل النمو الاقتصادي إلى 5.3 في المئة (تعديلاً من التقديرات السابقة والتي كانت عند 5 في المئة) بدعم من انتعاش القطاع النفطي بنسبة 2.7 في المئة، نظراً للتوقعات بزيادة الإنتاج ليتماشى مع ارتفاع الطلب على النفط، وكذلك بدعم من استمرار صلابة نمو القطاع غير النفطي بنسبة 6 في المئة. وسوف تستمر قوة انتاج النفط بالإضافة إلى زيادة أسعاره في توليد فوائض في كل من الاقتصاد والميزانيات المالية، مما يمكن الحكومة من توجيه استثمارات ضخمة نحو القطاعات ذات الجدوى الاقتصادية والتي من شأنها أن توفر النمو المستدام على المدى البعيد.

ضغوط تضخمية

وبالإضافة إلى ما سبق، فإن استقرار بيئة الأسعار فضلاً عن كون الضغوط التضخمية حميدة بالإضافة إلى قوة النمو الائتماني من شأنه أن يسهم في مزيد من النمو الاقتصادي والتنمية.

ويتوقع للقطاع النفطي في المملكة والذي يسهم بنحو 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي أن ينخفض بنسبة 2.5 في المئة عام 2013 حيث نتوقع انخفاض إنتاج المملكة من النفط إلى متوسط 9.4 ملايين برميل يومياً خلال 2013 وذلك من متوسط 9.7 ملايين برميل يوميا العام الماضي.

وتلعب السعودية دوراً تنظيمياً في الاقتصاد العالمي من خلال المساعدة في توفير الاستقرار لسوق النفط العالمية. وتماشيا مع هذا الدور، قامت المملكة بزيادة إنتاج النفط في عام 2011 و 2012 مما ساعد على منع حدوث تأثير سلبي على النمو العالمي كنتيجة لاضطراب العرض في بلدان أخرى. وبالنظر إلى الزيادة الأخيرة في إنتاج النفط العراقي والتي تجاوزت حاجز الـ3 ملايين برميل يومياً في أوائل عام 2013، فإن ذلك كان يعني أن تكبح المملكة من جماح انتاجها. وبالفعل، تراجع انتاج النفط السعودي بشكل حاد بنسبة 6 في المئة في الفترة من يناير إلى أبريل 2013 مقارنة بمتوسط الإنتاج المسجل خلال العام الماضي. وقد دفع الانخفاض الحاد خلال الأربعة أشهر الأولى من 2013 إلى إعادة النظر وخفض توقعات إنتاج النفط السعودي إلى 9.4 ملايين برميل من متوسط الـ9.5 ملايين برميل يومياً المقدر سابقاً.

أسعار النفط

ونتوقع في الوقت الحالي أن يتراوح متوسط أسعار النفط ما بين 100 إلى 110 دولار للبرميل لعام 2013 وكذلك 2014. ومنذ بداية 2013 وحتى 14 مايو 2013، واصلت أسعار الخام العربي الخفيف السعودي قوتها بمتوسط 112.5 دولارا للبرميل. وفي بيان صدر مؤخرا، صرح وزير النفط السعودي، على النعيمي أن الأسعار الحالية للنفط معقولة لكل من المستهلك والمنتج، وفي ذات الوقت وصفت الكويت الأسعار الحالية بأنها عادلة وأن السوق مستقر. إلا أن المخاطر التي تنطوي عليها توقعاتنا تشمل احتمال زيادة عدم الاستقرار الجيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط أو حدوث مزيد من التدهور في التوقعات الاقتصادية العالمية مما قد يزيد من تقلبات أسعار النفط العالمية.

وفي الوقت نفسه، يتوقع لنمو القطاع غير النفطي في المملكة والذي يسهم بنحو 80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي أن يواصل النمو بوتيرة ملحوظة خلال 2013 و2014 في ظل الأداء القوي لقطاعات الصناعة والبناء وتجارة الجملة والتجزئة والنقل. وكنتيجة للجهود المبذولة في تنويع اقتصاد البلاد بعيدا عن النفط، تواصل الحكومة توجيه عائدات النفط إلى الإنفاق الرأسمالي العام على مشاريع البنية التحتية والطاقة وكذلك مشاريع الإسكان الضخمة التي استفادت منها قطاعات البناء والعقارات والنقل والمرافق العامة.

وعلاوة على ذلك، قامت الحكومة أيضا بالعديد من المبادرات والاعفاءات الضريبية لتسهيل عمل قطاعها غير النفطي. ومن بين هذه المبادرات والسياسات تقديم الحوافز الضريبية وتخفيض إيجار العديد من المناطق الصناعية في جميع أنحاء المملكة لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر وتوجيهه إلى المناطق المستهدفة. وقد ذهبت معظم التحفيزات خلال السنوات الأخيرة إلى التصنيع والشركات الصناعية، وخاصة في إنتاج البتروكيماويات.

نمو النفقات

وتحتاج سياسات الاقتصاد الكلي إلى الانتباه الدائم إلى الإشارات الدالة على أن استمرار النمو الاقتصادي القوي يؤدي الى زيادة الضغوط التضخمية. وتبدو السياسة المالية التي تنتجها الحكومة مهيأة لإبطاء سرعة نمو النفقات هذا العام بعد الزيادات الضخمة المسجلة خلال عامي 2011 و2012. وهذا من شأنه أن يسهم في احتواء ضغوط الطلب. وفي حالة ارتفاع معدل التضخم بدرجة أكبر من المتوقع أو ظهور أدلة على حدوث تباطؤ في العرض، فسيتطلب ذلك إما تعديل السياسة الاحترازية الكلية أو إبطاء وتيرة مشروعات الإنفاق الرأسمالي.

وبناء على توقعاتنا لأسعار الخام العربي الخفيف عند 106 دولارات للبرميل ومعدل إنتاج 9.4 ملايين برميل يومياً، فإننا نتوقع تحقيق السعودية لفائض مالي بمبلغ 244.2 مليار ريال سعودي أو 8.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2013. ويتوقع أن تسجل الإيرادات 1,146.2 مليار ريال مدفوعة بصورة رئيسة من إيرادات النفط بمبلغ 1,027.2 مليار ريال وهو ما يمثل زيادة بنسبة 10.3 في المئة مقارنة بالإيرادات الفعلية للنفط في 2012.

ومن المتوقع أيضا أن تصل الإيرادات غير النفطية إلى 119 مليار ريال أي أعلى من مستويات 2012 بنسبة 16 في المئة. ومن المتوقع أن تتجاوز النفقات الفعلية النفقات المستهدفة في الميزانية بنسبة 10 في المئة لتصل إلى 902 مليار ريال.

دور تنظيمي

نظرا للدور التنظيمي الذي تلعبه السعودية في الاقتصاد العالمي، ستستمر المملكة في المساعدة في توفير الاستقرار في سوق النفط العالمي من خلال ضبط معدل إنتاجها وذلك استجابة للتغيرات المفاجئة التي قد تطرأ على الطلب العالمي على النفط. وستواصل المملكة الحد من اعتمادها على النفط في الاقتصاد كما ستستمر في تنويع الاقتصاد إلى القطاعات غير النفطية.

ويتضح هذا من حجم تمويل المشاريع التي ترعاها الحكومة من البتروكيماويات ومشاريع الطاقة والنقل، مما يوحي أن الحكومة عازمة على التحول إلى الصناعات ذات القيمة المضافة. وسيؤدي الارتفاع الكبير في أسعار النفط إلى زيادة الإيرادات الحكومية لهذا العام، مما يدعم خططها في الإنفاق الرأسمالي.

ومن الجدير بالثناء، أن الحكومة مازالت تركز على تقلبات أسعار النفط، ولذلك، اعتمدت بعض الخطط لإنشاء صندوق وطني سيادي تحت إشراف المجلس الاقتصادي الأعلى. وسيقوم الصندوق بإدارة واستثمار فوائض الميزانية بصورة احترافية لضمان سلاسة وعدم التأثر بالتقلبات الدورية الاقتصادية.