تختزل الكاتبة ريم الميع مشاهداتها المنوعة في معتقل غوانتنامو من خلال إصدارها الأول مستعرضة تجاربها الأولى في إجراء تحقيقات صحافية من داخل أسوار السجن ومن هذا الجهد المهني موضوعاتها عن سجن النساء في الكويت، كما تقدم إضاءة سريعة عن الأسوار الحديدية التي تقيّد بعض شرائح المجتمع المتسربلة بهذه الحواجز الوهمية.
مغامرةقدّم للإصدار الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح، مشيراً إلى أن الكاتبة سجلت سبقاً نوعياً لأنها الصحافية العربية الأولى التي تدخل معتقل غوانتنامو المكان الذي ملأ الدنيا وشغل الناس بعد تفجيرات 11 سبتمبر والحرب على الإرهاب، مشيداً بتفوقها على العقبات من خلال مغامرتها المليئة بالمخاطر.إرث ثقافيوتركز الكاتبة على الخوف الذي استقر في وجدانها بعدما قررت اقتحام العالم القابع خلف القضبان، المجهول والمتنازع في مخيلتها بين مشاهدات درامية سينمائية نصفها كوميدي والنصف الآخر تراجيدي ومعلومات أخرى عن السجن والسجناء كإرث ثقافي من القصص المحكية، أو قراءاتها المنوعة في الأدب والشعر.الكتابة الحرةوحرصت الميع على إيجاد تآلف وترابط الأفكار من خلال إصدارها، فاستهلت ذلك من خلال التعريف الاصطلاحي للسجن، ثم اخترقت أسوار المؤسسات العقابية بحثاً عن حقيقة مفقودة أو معلومة محجوبة، وتداعت الأفكار والموضوعات مستعرضة تاريخ السجون في العالم وعقب هذا التجوال في العصور المختلفة، أزاحت كل الأسوار الوهمية عن كتاباتها خشية الانزلاق إلى جادة أخرى غير الكتابة الحرة لاسيما أن ثمة أسباب منوعة دفعتها إلى اقتحام العالم المجهول، معتمدة على مخزون معرفي وثقافي كبيرين، مدعمة ذلك بمفارقات مضحكة وتعليقات كوميدية. ومن هذه المفارقات التي أوردتها في الكتاب امتعاض والدتها من فكرة ذهابها إلى السجن للإجراء تحقيقات صحافية لكن هذا الشعور سرعان ما تبدد عقب عودتها من المغامرة وتوق ضمن هذا الصدد:" بعد عودتي من سجن النساء مساء 28 مايو 2000، حيث شكل ذهابي إليه، في حد ذاته، خطوة غير مألوفة بالنسبة إلينا أنا وأمي التي كانت تقول :"اشتبين بالسجن؟" ثم باتت ليلتها فرحةً بما حملته معي تذكاراً لزيارتي من مشغولات السجينات، ورغم رداءة تصميمها، وضعتها في مكان بارز لتحكي لرفيقات "شاي الضحى" رحلة ابنتها إلى سجن النساء".تدعيم الفكرةتنتقي الكاتبة مقولة مشهورة لأحد الزعماء والفلاسفة أو الأدباء أو الشعراء في مقدمة مقالها المتسق مع الموضوع المتناول تدعيماً للفكرة التي يتمحور حولها مضمون المقال الذي يتسق كثيراً مع حجم العمود الصحافي المعتاد وإن كانت الكاتبة قد تجاوزت هذه المساحة في بعض الموضوعات ومنها إمام مأموموه أئمة" و" بورتوريكو في المنتصف".بشأن رحلتها الأولى خارج حدود الوطن العربي تقول:" كانت المرة الأولى التي أكلف بمهمة تتجاوز محيط الوطن العربي بعد مهام لم تتجاوز أبو ظبي وعمان والدوحة ودبي أحياناً، كما أنها كانت المرة الأولى التي تسافر وحيدة على عكس المهمات السابقة التي رافقتها فيها والدتها.أغلال الرجالوفي مقال "القفص والقصص والأغلال والرجال" تقدم القدر اليسير من المعلومات عن رحلتها الشاقة من قاعدة روزفلت إلى المعتقل الأشهر عالمياً، موضحة أنها استخدمت في هذه الرحلة ثلاثة وسائل نقل هي الطائرة والباخرة والباص، كما أشارت إلى أنها استغرقت 72 ساعة أو 4320 دقيقة في المعتقل، ثم تحدد الكاتبة ظروف هذه "المغامرة" الصحفية المتنوعة إذ شرحت البرنامج المعد للصحفيين من قبل الجهات المسؤولة من خلال مقال :"بورتوريكو في المنتصف"وتشير في هذا السياق:" التقيت بالمسؤولين في المركز الإعلامي المخصص لتوفير المعلومات وأجهزة الاتصال المكلفة، من ساتلايت وإنترنت وخطوط اتصال دولية. وكنا، نحن معشر الصحافيين في الجزيرة، ننتقل بواسطة الباخرة يومياً إلى الضفة الأخرى أول اليوم ونعود منها نهاية اليوم إلى مقر إقامتنا. وفي الضفة الأخرى الموازية لمقر إقامتنا زرنا معسكر "الحرية" لإقامة الجنود ومعسكر "إكس ري" القريب منه. وفي اليوم الثاني، زرنا مستشفى فيليت 20 ومعسكر "دلتا" وهو في طور التشييد. ومعسكر "ألفا" لإقامة الجنود إلى جانبه، وفي اليوم الثالث التقينا الإمام الذي يلبي حاجات المحتجزين الدينية وغادرت من دون أن ألتقي السجناء كما كان مقرراً، بل تسللت لأشاهدهم في حين غفلة.يومياتوفي مقال "يوم في المعسكر إكس" ترصد الميع يوميات السجناء في غوانتنامو وتلفت إلى ضآلة المعلومات المقدمة وقصر المدة التي أمضتها أمام زنزانات السجناء، وطول المسافة البعيدة عنهم، مبينة أنها لجأت إلى خيالها في استطلاع يومياتهم معتمدة على ما قيل لها إن المعتقل يقضي يومه بين الصلاة والنوم وتناول الوجبات". وفي مقال آخر تشير إلى أن ثلاثة أيام في غوانتنامو مرت كثلاث ثوان أو... لحظات، غير أن كل لحظة منها تساوي عمراً، كل لحظة حفرت لنفسها وشماً في الذاكرة، واحتلت مكانا في الحواس تركنا بعضاً منها في الضفة الأخرى من القاعدة".عناوين جاذبةكما توسم الكاتبة أعمالها بعناوين جاذبة مستفيدة من خبرة في العمل الصحفي، ومن هذه العناوين "الشيخ العوضي في جيب شقراء" و"حتى أنت يا بوش" و" تكويت غوانتنامو".نبذة من سيرة الكاتبةريم الميع فتاة كويتية تعمل محررة في جريدة الراي الكويتية منذ عام 1999، كما تكتب مقالا يومياً بجريدة الوطن السعودية منذ عددها الأول في أغسطس 2000، وتعتبر أول صحافية عربية دخلت معتقل غوانتنامو في كوبا في أبريل 2002، أجرت لقاءات صحافية مع عدد من الزعماء والمسؤولين العرب والأجانب وكذلك شاركت في تأسيس مجلة الحدث الكويتية وتحريرها في عام 1997.
توابل - ثقافات
الميع ترصد يوميات السجناء البرتقاليين في «كويتية في غوانتنامو»
21-08-2013