أول العمود:

Ad

نحتاج إلى قلم صحافي جريء ينقد سلوك الناس.

***

الوظيفة العامة في الدوائر الحكومية أحد أهم الأخطار المحدقة بالدولة من زوايا عدة، أولها في استنزافها المال العام ليس فقط من خلال الرواتب والميزات المالية المتمثلة بالكوادر والزيادات المتكررة، بل كذلك في الصرف على التعليم العام والجامعي الذي يخرّج طالبي عمل هزيلي المعرفة والقدرات، فالهدر يأتي من الجانبين.

عنوان المعركة المحلية في السنوات الأخيرة هو التوظيف في الجهاز الإداري وخلع القيادات الإدارية وما يتقاضاه كبار الموظفين من رواتب خيالية مقابل أداء متواضع إن لم يكن منعدماً ومكلفاً لسمعة الإدارة المحلية على المدى البعيد.

في تقرير لديوان الخدمة المدنية نشر في 5 أكتوبر الجاري أكد على مفهوم "توزيع الدخل" من خلال الوظيفة العامة ضمنياً من زاوية التحذير لا التأكيد! وهي خطوة يشكر عليها الديوان، حيث حذر بصريح العبارة من التالي:

عدم كفاءة المتقدمين للوظيفة (تعدادهم 25 ألفاً)، قلة إنتاجية الموظفين الحاليين (تعدادهم 240 ألف كويتي من إجمالي 331333 شخصاً)، تضخم الأعداد الوطنية مع الاستعانة بالوافدين!  

ويلتهم الموظفون 10 مليارات دينار رواتب، ودعماً متنوعاً بحجم 5 مليارات دينار في الميزانية الحالية التي يقدر حجمها بـ 18.9 مليار دينار، ورقم الرواتب هذا سياسي لا إنتاجي، فهو يصرف من أجل الاستقرار الاجتماعي ولا علاقة له بالإنتاجية، إذ تسقط قيمة المحاسبة على الأداء من المربع الأول.

خطورة هذا المشهد تختزل في الآتي: أن الأرقام متصلة بسعر سلعة النفط، والتزايد المفرط في الرواتب سيكون رهناً بأوضاع سوق نفطي لا نتحكم فيه، وهو تزايد يعمل على "انفلات" أسعار احتياجات الإنسان الكويتي محلياً حيث لا رقابة على الأسعار. في مقابل ذلك تشيع ذهنية شاذة بين كثير من موظفي الدولة في اعتبار الراتب حقاً شهرياً لا يخضع لرقابة الأداء، وأن التسيب في العمل تصرف لا يُعاقب عليه أحد، وأن من يجتهد في عمله لن يجني سوى كتب الشكر والثناء بينما يتساوى مع المهمل في قبض الراتب كاملا آخر الشهر.

الجهاز الإداري للدولة هو المعطل الرئيسي للتنمية بشكله ومواصفاته الحالية، وهي مواصفات خطيرة جداً وتحتاج إلى علاج جذري يبدأ بالتعليم وربطه بالمشاريع التنموية، وهو ما تعجز عنه الحكومة الحالية.