تخيم حالة من القلق على الأوساط المصرفية في لبنان، جراء الأزمة المالية التي تعصف بالدولة المجاورة قبرص بسبب تضخم نظامها المصرفي.

Ad

وأثارت خطة الإنقاذ التي فرضها الاتحاد الأوروبي على قبرص والتي تقضي بفرض ضريبة على الودائع المصرفية الكبيرة في البنوك القبرصية المخاوف على وضع البنوك اللبنانية الموجودة في الجزيرة، إلا أن أمين عام جمعية المصارف اللبنانية مكرم صادر طمأن عبر «العربية نت» على وضع المصارف اللبنانية في قبرص، موضحا أن هذه التدابير تشمل فقط المصرفين الأكبر في قبرص «لايكي» و»بنك قبرص».

ويشرح صادر عن خطة الإنقاذ التي تفرضها السلطات القبرصية والتي تقضي بفرض الضرائب على الودائع الكبيرة في هذين المصرفين فقط، لذلك يؤكد صادر أن ودائع المصارف اللبنانية في قبرص والتي تقترب من 3 مليارات دولار بمنأى عن هذه الإجراءات، كما يجزم أن هذه الإجراءات لا تشمل كل المودعين في المصرفين، بل إنها تستهدف فقط المودعين الذين يملكون أكثر من مئة ألف يورو.

وبحسب مصادر، يتواجد في قبرص ١٢ بنكاً لبنانياً، اثنان منها محليان والباقي يمثل فروعاً لبنوك لبنانية، وجميعها لا تشملها سياسة الاقتطاع المالي التي اتخذتها مؤخراً السلطات في قبرص.

تأثير محدود على لبنان

ويرى وزير المال اللبناني السابق جهاد أزعور أن أثر الأزمة في القطاع المالي المصرفي في قبرص له تأثير محدود على لبنان، إذ إن حجم التعامل المصرفي اللبناني في قبرص محدود جدا، مشددا على أن حجم الودائع اللبنانية في قبرص ضئيل جداً.

وأوضح أزعور في حديثه مع «العربية.نت» أنه ليس هناك حالة ذعر في قبرص بعد إقرار الخطة، وهذا بنظره شيء إيجابي، لكنه يرى في الوقت نفسه أنه من الصعب التكهن بنتائج البرنامج الذي وضعته الترويكا (صندوق النقد الدولي، الاتحاد الأوروبي، والبنك المركزي الأوروبي)، لكن بالطبع هناك زعزعة ثقة بما حصل، ما يثير علامات استفهام بحسب ازعور.

ويحذر أزعور في هذا السياق من أن نتائج الخطة لاتزال ضبابية، ويمكن أن تتبعها خطوات لاحقة قد تضر القطاع المصرفي القبرصي بشكل عام، مضيفاً أنه بالنسبة للبنان، كان يمكنه المنافسة على استقطاب الودائع، لأن القطاع المصرفي اللبناني متطور جدا ولديه القدرة والجهوزية والخبرة اللازمة، إلا أن عدم الاستقرار في البلد حال دون ذلك.

من جانبه، يؤكد نسيب غبريل مدير في مصرف بيبلوس اللبناني أن اتفاق قبرص مع الاتحاد الاوروبي لمعالجة الازمة المالية القبرصية يركز على هذين المصرفين فقط اللذين يعانيان من مشاكل بسبب شرائهما ديون اليونان، وليس على القطاع بالكامل، مؤكداً أن المصارف اللبنانية في قبرص سليمة من الناحية المصرفية، وضامنة لودائع عملائها من جانب مراكزها الرئيسية.

ضربة قوية

ويقول غبريل إن الاتفاق ينص على أن كافة الودائع أقل من مئة ألف يورو ستحظى بتأمين، لكن بالنسبة لأصحاب الودائع التي تتجاوز هذا الحد في المصرفين بقبرص – مصرف لايكي وبنك قبرص – يمثل الاتفاق ضربة قوية لأن نسبة الاقتطاع من الودائع في المصرفين لم تعرف بعد، وهي ستتبلور مع إعادة هيكلة المصرفين وقد تصل الى 30 في المئة.

ويقول غبريل إن حجم المصارف اللبنانية في قبرص لا تتجاوز الـ2 في المئة من اجمالي القطاع المصرفي في قبرص.

في المقابل يتخوف بعض المصرفيين اللبنانيين من ان تفتح هذه الخطة الأبواب أمام مزيد من سياسات فرض الضرائب على كل المصارف في قبرص، إذ يتحدث البعض عن زيادة ضرائب ٤ في المئة على المودعين بشكل عام. لذلك هم يتخوفون من أن تشهد قبرص موجة من سحب الودائع التي ربما قد تعود إلى لبنان، بعد أن تم تحويل جزء منها إلى المصارف اللبنانية في قبرص خلال حرب تموز ٢٠٠٦.

في هذا السياق، يقول الأمين العام لجمعية المصارف في تصريحات لـ»العربية.نت» إن البنك المركزي اللبناني وجمعية المصارف ينصحان المصارف اللبنانية في قبرص بالتزام بالخطة الاوروبية التي تفرض عدم السماح بسحب الأموال من قبرص و تحويلها لفترة قد لا تتجاوز الشهرين.

من جهته، يقول المحلل الاقتصادي سامي نادر لـ»العربية نت» إنه مازال هناك تخوف من اضافة نسبة ضرائب على الودائع في المصارف في قبرص، وهي ستكون بمثابة سابقة لا مثيل لها.

خسائر بملايين الدولارات

ويقول نادر إن الإجراءات المالية لم تطل المصارف اللبنانية، إلا أن المودعين اللبنانيين الكبار في المصرفين القبرصين تضرروا ويقدر حجم خسارتهم بملايين الدولارات.

ويشرح نادر أن مشكلة قبرص في أن حجم الأموال الأجنبية في قطاعها المصرفي يصل إلى ثمانية أضعاف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

ويرى البعص أن مشكلة قبرص متكررة في لبنان، وإن بقدر أقل، إذ يبلغ حجم الودائع في القطاع المصرفي اللبناني ثلاثة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي.

إلا أن وزير المال السابق جهاد أزعور يرفض هذه المقارنة بين القطاع المصرفي اللبناني والقطاع المصرفي القبرصي، حيث إن أغلب المودعين في المصارف اللبنانية هم لبنانيون، أما المودعون في قبرص فهم من جنسيات مختلفة ومن الروس بشكل أساسي.

من جهة أخرى، بالنسبة إلى المصارف السورية التابعة للمصارف اللبنانية والذي يبلغ عددها 7، فيوضح صادر أن نشاط المصارف اللبنانية في سوريا توقف بنسبة 80 في المئة وأن تلك البنوك اضطرت إلى تكوين احتياطيات نقدية بقيمة 400 مليون دولار لتغطية اي خسائر محتملة قد تتكبدها نتيجة الأزمة في سورية.

وفي هذا الإطار، يوضح مدير مصرف بيبلوس أن هذه المصارف بحالة إدارة أزمة، لذلك تقلص حجم التسليفات وغيرها من النشاطات، إلا أنها حتى الآن لم تحتج سيولة من المصرف الأم في لبنان.

(العربية نت)