لا أدري إن كانت السياسة بمجملها فكراً يخالف المنطق، ولكن تأتي الكثير من الأحداث والقرارات السياسية حولنا لتتعارك مع العقلانية وتتصارع مع عملية الاستنتاج المنطقي لهذه القرارات، ونعلن كمجموعة 29 عن المؤتمر الأول لعديمي الجنسية، الذي أقيم يومي 15 و16 أبريل، قبل موعده بأكثر من شهر في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، ليأتي قرار منع المؤتمر في صباح يوم الافتتاح ذاته. الاستنتاج المنطقي: الحكومة تبتغي التشويش على القائمين على المؤتمر ووضعهم في مأزق وإلا لتقدمت بخطاب المنع في أي يوم سابق على مدى الشهر الذي كان المؤتمر فيه معلناً للجميع.

Ad

في اليوم الأول للمؤتمر، يأتي خطاب المنع محملاً بحجة عدم إشهار مجموعة 29، لتأتي جمعية الخريجين بإقدامها المعهود فتربط المؤتمر بكينونتها وتعلنه نشاطها، ليأتي اليوم الثاني للمؤتمر حاملاً خطاب المنع الثاني قائلاً باستمرار منع المؤتمر بحجة أن موضوعه لا يدخل ضمن اختصاصات جمعية الخريجين، ليجتمع بعض أعضاء مجلس الإدارة، وبكل هدوء يستخرجون من النظام الأساسي ما يشير وبمباشرة لاختصاص الجمعية، والذي تم تفعيله في العديد من الندوات والأنشطة السابقة حول موضوع البدون في مقر الجمعية، الاستنتاج المنطقي: الحكومة تختلق أعذاراً وأسباباً لتخويف القائمين على المؤتمر ومحاولة إرباكهم وإلا لنص الخطاب من أول يوم على كافة الأسباب، لا أن يرسل خطاب تلو الآخر بأسباب مختلفة، وكأن الحكومة تجرب حظها في تخويف المنظمين.

ما حدث مكشوف جداً، وساذج جداً، أي إنسان مهما بلغ صغر سنه أو قلة خبرته يمكنه أن يصطاد المغزى من تأخر تعامل الحكومة مع المؤتمر إلى يوم افتتاحه ومن إرسال رسائل محملة بأسباب مختلفة على يومين متتاليين. جهد ومراسلات وورق ضائع، كان يمكن أن تستغل كلها لأخذ خطوات في هذه القضية الإنسانية، فهذه المحاولات التي تذكر بالخطط السياسية القديمة التي كانت تنجح أحياناً مع غياب وسائل التواصل وكون الحكومة هي مصدر الإعلان والإخبار الوحيدين، ما عادت ناجحة في هذا الزمان، بل هي مؤذية جداً للصورة الحكومية التي ومع كل قرار من هذه القرارات تهتز وتتداخل خطوطها. أما كان الأجدر لو أن الحكومة تجاوبت مع النداء المدني، فجاءت محملة بممثلها لتناقش وتعرض معلوماتها؟ ألم تكن تلك فرصة سانحة لممثل عن الجهاز المركزي ليعرض حقائقه وأرقامه ويستعرض حلوله وخطته؟ ما حدث يشير منطقياً إلى أحد هذه الاستنتاجات: الحكومة ليس لديها رغبة في حل القضية أو الحكومة ليس لديها خطة يمكن عرضها لحل القضية، أو الحكومة تعتقد أن المجتمع المدني يدسّ بوزه فيما لا يخصه، فالحقوق الإنسانية من أول المأكل والمشرب إلى حق الانتماء والتوطين هي شؤون سياسية ليس للشعب أن يتحدث فيها أو يدافع عن المحرومين منها، أو كل ما سبق؟

الحق أقول كنا نتوقع أفضل مما كان، تعاملاً أفضل، رد فعل أفضل، تواصلاً أفضل، كنا نتوقع، بعد كل نداءاتنا المستمرة عبر وسائل الإعلام المختلفة بمد أيادينا للحكومة وبضرورة مشاركتها، أن تظهر الحكومة على الأقل شيئاً من الاحترام لحقنا المدني في التعامل مع القضية، في حق الشعب ومؤسساته في أن يتحاور بشأن موضوع يؤثر في كل جوانب حياته ويشكل عاملا مؤثرا، قد يكون الأكثر تأثيراً، في مستقبله، إلا أن ما ظهر كان شيئاً آخر، وليته ما ظهر.

ما زلنا في مجموعة 29 ننتظر يداً حكومية ممدوة للتعامل مع القضية، لمحاولة التوصل إلى حلول لها، لإنقاذ الكويت من العنصرية والتقسيم، للحد من خسائرها في ضياع أبناء لها على أرضها مؤهلين لخدمتها بحبهم وقدراتهم وخبراتهم، ما زلنا ننتظر، لكننا لا ننتظر وقوفاً، إنما ننتظر ونحن نعدو نحو هذا الحلم الرائق باستتباب الإنسانية والعدالة واحترام الإنسان، الوقت يمر والإنسان يضيع والعمر يهدر، لذا ننتظر ونحن نعدو، ننتظركم بكل إمكاناتكم أن تبدؤوا العدو، وأن تسبقونا، إلى حيث إغلاق الملف واستتباب الأمن واحترام الإنسان.