الشوكولا هل تتحوّل إلى إدمان؟

نشر في 19-05-2013 | 00:02
آخر تحديث 19-05-2013 | 00:02
لربما سمعت عبارة {إدمان الشوكولا} سابقاً، أو حتى استعملتها لتصف حبك لما اعتبرته حضارتا المايا والأزتيك طعام الآلهة. صحيح أننا نستعمل هذه العبارة على سبيل المزاح، إلا أنها تثير بالتأكيد سؤالاً بالغ الأهمية: هل يمكن للإنسان أن يدمن الشوكولا أو أي نوع آخر من الطعام عموماً؟
يعتمد الإدمان على ثلاثة عناصر أساسية:

● الرغبة القوية.

● فقدان السيطرة على محور هذه الرغبة.

● مواصلة الاستعمال رغم العواقب السيئة.

تُظهر دراسات عدة أن الناس قد يعانون هذه النقاط الثلاث في علاقتهم مع الطعام.

لنتأمل في الرغبة القوية، مثلاً. لا شك في أننا سمعنا كثيرين يتحدثون عن الذهاب إلى المتجر في منتصف الليل لشراء قليل من المثلجات. إلا أنني لم أسمع يومًا أن أحدًا قصد متجرًا في ساعة متأخرة لشراء الكرفس. ويعود ذلك على الأرجح إلى أن الأطعمة التي تحتوي على كثير من الدهون والسكر، مثل الشوكولا، تحفّز سبل المكافأة في الدماغ. وقد أظهر بعض الدراسات، التي أُجريت على الحيوانات، أن الحدّ من تناول هذه الأطعمة يؤدي إلى ردّ فعل شبيه بالتوتر الناجم عن {الانقطاع} في حالة الإدمان.

يُستخدم الشوكولا، الذي يحتوي على السكر والدهون، غالبًا في دراسات إدمان الطعام. في دراسة نُشرت في Archives of General Psychiatry، طلب باحثون في جامعة يال من المتطوعين الإجابة عن عدد من الأسئلة لتقييم الإدمان. ثم صُوّرت أدمغتهم خلال تأملهم كوبًا من الحليب مع الشوكولا، شمه، وأخيرًا شربه.

لاحظ الباحثون في حالة مَن سجلوا علامات عالية على مقياس إدمان الطعام زيادة في نشاط جزء من الدماغ يضبط الرغبة والمكافآت عندما يقف الإنسان أمام كوب من الحليب مع الشوكولا. وعندما بدأوا يشربونه، تراجع إلى حدّ كبير النشاط في أجزاء من الدماغ تضبط السعي إلى الحصول على مكافآت. واللافت أن مدمني المخدرات يملكون نمطًا مماثلاً من نشاط الدماغ.

في دراسة أخرى ارتكزت على السكاكر، اكتشف باحثون من جامعة دريكسل (في فيلادلفيا في بنسلفانيا) أن الناس يختبرون ردود فعل نفسية خلال تناول الشوكولا (من بينها اللذة القوية والرغبة في تناول المزيد) تكون شبيهة بردود الفعل التي يسببها بعض أنواع المخدرات.

السمنة والإدمان

يُعتبر مرض السمنة المتفشي في الولايات المتحدة ودول أخرى الدافع وراء كثير من المناقشات العلمية التي تتناول إدمان الطعام. يرغب الكثير ممن يعانون الوزن الزائد في تناول الطعام، يفقدون السيطرة، ويصابون بتأثيرات صحية سلبية يجب أن تشكّل رادعًا، إلا أنها لا تحقق هذا الهدف.

يُظهر تأثير الإجهاد في عادات الطعام رابطًا آخر بين الطعام والإدمان. فمَن يتحررون من إدمان ما يميلون إلى الرجوع إليه عند التعرّض للإجهاد والتوتر. ويعود ذلك في جزء منه إلى الرغبة في الحصول على الراحة التي تمدهم بها السيجارة أو المخدرات.

على نحو مماثل، يكون الإجهاد غالبًا سبب توقف كثيرين عن اتباع حمية. ورغم أوجه الشبه المحيرة بين إدمان المخدرات والطعام، تبقى الاختلافات بينهما كبيرة. ولعل أبرزها أن الطعام ضروري للبقاء، بخلاف المخدرات. وهذا ما يجعل علاج إدمانه أكثر صعوبة. فمن المستحيل الإقلاع عن طعام ما فجأة.

استمتع وقاوم

سواء كان إدمان الشوكولا حقيقيًّا أو لا، يبذل كثيرون منا جهدًا كبيرًا لاتباع النصيحة البسيطة، إنما المثيرة للاستياء أحيانًا، عن تناول الطعام باعتدال. يُظهر الواقع أن الصحة لا تعتمد على ما ندعوه سلوكنا بقدر اعتمادها على انتباهنا لمئات الخيارات الصغيرة إنما المهمة التي نقوم بها كل يوم.

عندما تشعر في المرة المقبلة برغبة في تناول الشوكولا، تنبه لذلك. وعوض أن تسارع إلى التهام لوح الشوكولا أو المثلجات التي تفضّل، فكّر قليلاً في ما إذا كان من الأفضل كبح هذه الرغبة. وإذا قررت تناول الشوكولا، ركّز على كل قضمة ببطء كي تطيل فترة اللذة. أما إذا فضلت الانتظار، فلا تنسَ أنك في هذه الحالة تعتني بصحتك (يمكنك اعتماد المقاربة ذاتها مع التدخين والطعام عمومًا إن كنت تحاول خسارة الوزن).

اعتمد هذه الطريقة دومًا وسرعان ما تكتشف أنك تتبع نمط حياة صحيًّا لا يخلو من الشوكولا، إلا أنه يحتوي أيضًا على كثير من الملذات الأخرى.

back to top