أصبحت "السياحة" عنواناً عريضاً ومكشوفاً للسفرات الرسمية الجماعية للوزراء والقياديين خلال الفترة الماضية، مما شكل امتعاضاً داخل أروقة مؤسسات الدولة وأجهزتها الحكومية، على حد قول مصادر مطلعة أكدت أن تلك الزيارات، التي يشارك فيها أكثر من وزير أو قيادي، عطلت كثيراً القضايا العالقة التي تحتاج إلى قرارات وزارية للانتهاء منها.
وقالت المصادر لـ"الجريدة" إن سفرات الوزراء والقياديين الأخيرة تميزت بطول فترتها وربط الرحلات الخارجية بعضها ببعض، مشيرة إلى أن مهام خارجية كثيرة، من مؤتمرات واجتماعات، لا تتعدى فترة عقدها يومين أو ثلاثة يتعمد المسؤولون مدها أياماً قبل موعدها وبعده.وكشفت أن غياب الوزراء تحديداً أثر بشكل مباشر على أعمال واجتماعات مجلس الوزراء نظراً لتأجيل مناقشة القضايا المرتبطة بالأجهزة والمؤسسات الحكومية التابعة لهم، لافتة إلى أن هذه الغيابات المستمرة لهؤلاء المسؤولين تحت بند "المؤتمرات الخارجية" كان لها انعكاس سلبي أيضاً على مصالح المواطنين والمقيمين بسبب تعطل صدور القرارات التي تخصهم سواء من مجلس الوزراء أو من الوزارة ذاتها نظراً لتعذر مناقشتها نتيجة تلك الغيابات.وعرضت المصادر أمثلة للرحلات الوزارية والقيادية الأخيرة، منها سفر أربعة وزراء إلى العاصمة البريطانية لندن لحضور مؤتمر "الفرص الاستثمارية في الكويت".وبينت أن الدعوات التي يتلقاها الوزراء لحضور اجتماعات ومؤتمرات خارجية أصبحت تحظى بأولوية لديهم، ولا يتم الاعتذار عنها أو تكليف القياديين بها حتى لو لم تشكل ضرورة ملحة لحضور الوزير، مضيفة أن هذا السلوك انتقل إلى القياديين من الوكلاء والوكلاء المساعدين.ولفتت إلى أن تلك السفرات الخارجية، إضافة إلى الجانب السلبي لها على الأداء العام للوزارات لتكرار سفر الوزراء والقياديين المتواصل، تعتبر في الوقت ذاته أداة ثواب وعقاب للموظفين، وفي كثير من الأحيان أيضاً عملية تنفيع خاصة أن "اليومية" التي يتقاضها الموظف خلال الرحلة تصل إلى 250 ديناراً!وأضافت أن كشوف الوفود الحكومية تبين أن اختيار الأسماء لا يرتبط بالرحلة المعلن عنها وأهدافها، بل إن معظم من يسافرون ضمن الوفود يحملون تخصصات أو مسميات وظيفية لا علاقة لها بهذا المؤتمر أو ذاك الاجتماع، فعلى سبيل المثال، قامت وزيرة الدولة لشؤون التخطيط والتنمية وزيرة الدولة لشؤون مجلس الأمة د. رولا دشتي بزيارة للقاهرة لحضور المؤتمر الإقليمي بشأن قضايا السكن والتنمية في المنطقة العربية نهاية يونيو الماضي، وضم وفدها منسق إداري معاملات في وزارة الشباب، وكانت المفاجأة أن الموظف الآخر في الوفد ممارس علاج طبيعي بوزارة الشباب أيضاً! علما بأن المؤتمر مرتبط بقضية السكن والتنمية، فهل الوفد سيكون قادراً على مناقشة الأزمة السكنية في الكويت وارتباطها بالشق التنموي؟ومن ممارس العلاج الطبيعي لمناقشة قضية السكن "عربياً"، قالت المصادر إن هناك في وزارة المواصلات أيضاً حالات مشابهة، إذ شارك الوفد الكويتي في اجتماعات مجلس الإدارة وفريق مجلس الاستثمار البريدي للاتحاد البريدي العالمي في أبريل الماضي بوفد قوامه 15 قيادياً، علما بأن الوفد تم توزيعه كمجموعات على مدى 17 يوماً للمؤتمر، وضم الوفد أيضاً أسماء لا علاقة لها بموضوع البريد!وذكرت أن هناك مثالاً آخر على هذه الفوضى في المهمات الخارجية، يتمثل بأن "المواصلات" شاركت في الاجتماع الثاني والتسعين للجنة السلامة البحرية الدولية (IMO) في لندن في الفترة من 12 حتى 21 يونيو الماضي، وكالعادة تم اختيار بعض الأسماء التي لا علاقة لها بهذا الاجتماع الفني البحت، إذ ترأس وفد الوزارة المشارك في الاجتماع وكيل الشؤون الإدارية والقانونية، وضم أيضاً مراقبة الشؤون القانونية رغم عدم وجود جوانب قانونية في اجتماع اللجنة المختصة بالشؤون الفنية!وتابعت : "إن الوضع في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، لا يختلف كثيراً عما يحدث في وزارة المواصلات، بل إن قياديي الأوقاف تفوقوا على قياديي المواصلات ببعض الابتكارات، إذ أصبح الترشيح لهذه المهمات السياحية يبدأ بالأقرب أولاً، بحيث يقوم القيادي بترشيح أقاربه العاملين بالوزارة ليكونوا ضمن المشاركين في المهمات الرسمية الخارجية".
آخر الأخبار
مهمات الوزراء... سياحة رسمية!
18-07-2013