«نهايات» الدراما الرمضانية... بعيدة عن المنطق وغير واقعية
هل حققت الدراما الرمضانية التي عرضت هذا العام غايتها في الابتعاد عن النهايات التقليدية؟ سؤال يطرح نفسه بقوة بعدما تركت مسلسلات كثيرة نهايتها مفتوحة على احتمالات شتى وفسحت في المجال للمشاهد أمام اختيار النهاية التي يتصورها ملائمة للأحداث، فيما فتح البعض الآخر الباب أمام أجزاء تالية، وبدت نهاية فئة ثالثة غير واقعية.
وضع دكتور مدحت العدل نهايتين لمسلسل «الداعية»، تاركاً للمشاهد اختيار النهاية التي تعجبه، فإما يلقى يوسف (هاني سلامة) حتفه على يد أحد المنتمين إلى العصابات المتطرفة، وهو يشاهد حبيبته نسمة تعزف على آلة الكمان، وإما يقبض عليه الجهاز المولج بحماية دار الأوبرا في اللحظات الأخيرة.تعكس هذه النهاية حالة التخبط التي يعيشها الكاتب حيال ما يجري في مصر، فهو لم يتخذ قراراً حاسماً حول الطريقة التي سينهي فيها حياة يوسف، تاركاً تلك المهمة على عاتق المشاهد.
في «لعبة الموت»، لم يظهر قصد الكاتبة ريم حنا من وراء إنهاء حياة الأبطال الثلاثة: عاصم غارق في دمه، كريم قضي على مستقبله، ونايا ربما إلى مستشفى الأمراض العقلية بعدما فقدت كل شيء. وكم كان ساذجاً قول شقيقة عاصم في النهاية إن شقيقها لا يمكن أن يقتل، وإن المسدس فارغ. لم نكن نريد نهاية وردية للمسلسل، لكن بالتأكيد كان يمكن أن تتخلى نايا عن عاصم وكريم وتشتري حريتها وتكمل طريقها من دون الاعتماد على رجل، خصوصاً أنها امرأة تملك مقومات النجاح الذكاء والعلم والجمال.أجزاء جديدةفي «نيران صديقة»، يكتشف الأصدقاء الستة أن من يهددهم بفضح تاريخهم الأسود هي زوجة خيري الذي سرق رأفت أمواله في التسعينيات وابنه، وعماد الذي أقنعه رأفت بأن ابنه مات بعد ولادته وسرقه ومنحه اسمه مسبباً في إجهاض أميرة فأصبحت غير قادرة على الإنجاب بعدما استأصل الأطباء رحمها...لا بدّ من أن تفتح النهاية الباب واسعاً أمام جزء ثانٍ ربما سيكون أكثر تشويقاً، ولكن المشاهد الذي لم يستطع متابعة الجزء الأول لن يستمتع بالجزء الثاني في حال رأى النور، إلا إذا أعادت الشركة المنتجة عرض الجزء الأول بالتزامن مع الجزء الثاني. في « العراف» يبدو أن عادل إمام أراد تقديم عمل للتسلية بعيداً عن الإسقاطات السياسية، باستثناء الجزء المتعلق بهروبه من وادي النطرون وترشحه لرئاسة الجمهورية، من ثم تنازله عن فكرة الترشح والعودة إلى عالم النصب، وهذه المرة يقرر سرقة البنك المركزي المصري وليس مصرفاً إسرائيلياً كما حصل في مسلسل «فرقة ناجي عطا الله» في رمضان الماضي. بالتأكيد وصلت الرسالة بطريقة عفوية وانسيابية. في «الشك»، تكتشف وسيلة (مي عز الدين) في نهاية الأحداث أنها الابنة الشرعية لنبيل (حسين فهمي) وسامية (رغدة) وأن مسألة إثبات نسبها للثري قاصد خير كانت مجرد تلاعب من المحامي فايق (مكسيم خليل) الذي دبر مؤامرة للاستيلاء على الثروة بزواجه منها. كذلك تكتشف وسيلة أن طفلها من فايق هو في الحقيقة ابن زوجها الأول أدهم (نضال الشافعي) الذي غيّر عينة السائل المنوي قبل خضوعها لعملية الحقن المجهري لتحقيق حلمها بالإنجاب، وبالتالي تكون خسرت الثروة التي سعت طوال الأحداث إلى الاستيلاء عليها... هكذا نجد أنفسنا أمام جزء ثانٍ لنحلّ لغز تلك العائلة التي تطمع بالمال من دون الأخذ في الاعتبار قدسية الحياة العائلية والروابط الأسرية.في «حكاية حياة}، تعاطف المشاهدون مع حياة (غادة عبد الرازق) نزيلة مستشفى الأمراض العقلية التي تواطأت عليها عائلتها لتصويرها كامرأة فاقدة لقواها العقلية، وإذ بنا نفاجأ في النهاية بأننا أمام أحداث غير منطقية تقلب الأمور رأساً على عقب، فحياة التي تعاني انفصاماً في الشخصية، تكتشف حقيقة طبيبها النفسي (طارق لطفي)، وخداعه لها للحصول على أموالها، وحقيقة زوجة أخيها وخيانتها له مع رجال آخرين بل وتخطط للانتقام منه، فكيف لسيدة مريضة أن تصل إلى هذه الحقائق كافة؟ الأدهى من ذلك أننا نكتشف في النهاية أن حياة ما زالت عذراء وأن أدهم ليس ابنها.ضرب المسلسل عرض الحائط بقواعد الطب النفسي ومرض الشيزوفرينيا (الفصام) وجعلنا نشاهد نوعاً جديداً من الأمراض النفسية لا يوجد سوى في جعبة المخرج محمد سامي والمؤلف أيمن سلامة.أين المنطق؟ترى الناقدة نوران نصار أن الدراما المصرية حرصت على أن تكون هذا العام مختلفة في كل شيء، سواء في الديكورات أو الإضاءة أو القصص المتنوعة، وحتى في النهايات التي جاء بعضها غير منطقي مثل «حكاية حياة».تضيف: «أما في «اسم مؤقت» فشهدت الحلقة الأخيرة استفاقة يوسف من الإغماء ليجد نفسه مشلولاً على سرير في مستشفى، لا يقوى على الحركة، بقربه سهير، الطبيبة التي تشرف على علاجه، وتصف مرضه بأنه انفصال عن الواقع وتتحكم به ضلالات وهلوسات، وهنا نتساءل: هل نحن أمام رجل يدّعي الضياع و الهلوسة أم أننا فعلاً أمام شخص مريض نفسياً؟ يندرج المسلسل تحت مسمى النهايات المفتوحة التي تفسح في المجال أمام كتابة جزء ثانٍ أو ربما أكثر».