ينسب إلى الفنانة سامية حلبي الفضل على نطاق واسع بإلهام المدرسة التجريدية الجديدة في الفن العربي المعاصر. تعمل حبلي بالتوازي مع مسيرتها الفنية كناشطة سياسية لبلدها فلسطين، بالإضافة إلى كونها باحثة كان لها دور أساسي في توثيق الفن الفلسطيني من خلال نشر نصها التاريخي {فن التحرير الفلسطيني: الرسم والنحت الفلسطيني في النصف الثاني من القرن العشرين» في عام 2002.

Ad

على مدى السنوات الخمسين الماضية، قدمت حلبي إضافة إلى التجريد في الفن، كأصحاب المدرسة البنائية في روسيا، دامجة ذلك بالفن العربي التقليدي والفن المعماري الإسلامي. وتتميز أعمالها الغنية والمتنوعة بطاقة قاهرة والتزام غير منقطع بالتجريب، ففي منتصف الثمانينيات علَّمت نفسها برامج الكومبيوتر كي تبتكر مجموعة من اللوحات المتحركة رقمياً والمصحوبة بالصوت، مستخدمة برامجها لاحقاً في عرض حي مع عازفي إيقاع. وتستمر في سن السابعة والسبعين بإنتاج أعمال تتحدى المقاربات التقليدية للرسم، ومعرضها في غاليري «أيام» لندن، سيظهر رمزية تجريدية جديدة في نهجها المبتكر.

مواد مرئية

تشير حلبي إلى مصدر إلهام لوحاتها على أنه المواد المرئية الغنية التي تحيط بها في حياتها اليومية، وتشرح ذلك بالقول: {عندما أرى شيئاً جميلاً أتوقف دائماً وأحفظه عن ظهر قلب... أشاهد الأشياء وهي تتغير بالنسبة إلى بعضها البعض في الشكل، والحجم، واللون وتصبح هذه الذكريات موضوع لوحاتي}. فعملها الذي قامت به في نيويورك بعنوان {سحب وأشجار} (2013) متجذر في ذكرياتها حول السحب والمناظر الطبيعية المميزة في إنديانا، والتي أعجبت بها عندما كانت طالبة في جامعة إنديانا في أوائل الستينيات. التجريد المفعم بالضوء بتدرجه الرقيق في الألوان يلتقط حيوية الأشجار الخضراء وهي تنمو عالياً نحو سماء مبعثرة بسحب ركامية.

وعلى رغم أن التجريد نابع من تجربتها الشخصية في العالم المرئي، فإن حلبي تؤمن بأن طبيعة التجريد تسمح للمشاهدين بالتعريف بذكرياتهم وتجاربهم الخاصة بهم ضمن أعمالها. تقول: «لا يتعلق التجريد بالفنان أو بفردانتيه، بل بالطموح الذي هو أصعب بكثير وبالتالي أكثر إرضاء في اختراع لغة مرئية قادرة على احتواء معرفة قابلة للتبادل. بالطبع، فإن تميز الرسم يكمن في أن تلك المعرفة المشتركة هي معرفة مرئية}.

عملا «نخيل 1» و»نخيل 2» (2013) في معرض لندن، تمت تسميتهما بعدما سلَّط صديقها الضوء على حقيقة أنها استخدمت، دون إدراكها، ألواناً وخصائص رسمية لنوع من التطريز المستخدم في قرى جبال فلسطين، وهو أسلوب يشار إليه باسم {نخيل}.

العمل الوحيد الموجود في معرض لندن والذي عرض سابقاً هو «تحية إلى ليوناردو{ (2012)، ويستند إلى لوحة ليوناردو دافنتشي {العشاء الأخير} (1495 – 1498)، التي أسرت الفنانة حين رأتها للمرة الأولى عام 1964. فحلبي تعيد تخيل مساحة هذا العمل الشهير بمشهد من الألوان الزاهية، مستخدمة ضربات ريشة جريئة للإشارة إلى مناطق الحركة والضوء. وتمتد أربعة خطوط عمودية زرقاء عبر طول مستوى اللوحة محاكية التظليل القُطري الذي استخدمه دافنتشي في مخططاته الأصلية، في حين توحي بمفهوم جديد من الفضاء اللامحدود.